بمناسبة الذكرى 53 لاعادة اعمار اكادير قصبة أو قلعة "أكادير أوفلا" معلمة وذاكرة تتآكل تدريجيا بفعل الإهمال وتداعي وانهيار الأسوار ، وتحولها إلى مستنقع لنفايات وأزبال المنحرفين الخمارين . قام أعضاء جمعية بييزاج بزيارة تفقدية إلى أخر المعاقل والحصون التاريخية في مدينة الانبعاث، التي يبدو أنها تناست ذاكرتها التاريخية وأهملتها شر ما يكون الإهمال، وحولها بعض الخمارين الى مزبلة تظم مختلف أنواع القنينات الزجاجية والبلاستيكية لمختلف أنواع الخمور وباقي الازبال لمخلفات “الشيشا” وبقايا حريق الفحم والسمك التي ترمى في أطراف هذه المقبرة الجماعية لضحايا الزلزال وأطراف الجبل، الجمعية تأسفت كثيرا لمشاهد لا تليق بمدينة سياحية عالمية وبمنتوج سياحي تاريخي ثقافي، وعوض أن يكون هذا الفضاء منارة للانبعاث والبناء والتحدي والاستمرار وفضاء تاريخي ترفيهي وثقافي، ومنتوج سياحي بمواصفات عالمية الذي قل نظيره دوليا، أخذت أسواره تتداعى للسقوط تدريجيا وعوض أن تكون المعلمة رمز ثقافي وفني وحضاري، تحولت أسواره إلى حائط للمبكى على تاريخ وذاكرة سائرة بخطى تدريجية نحو الانهيار على كافة المستويات، وإمام هذا الوضع الشاذ والعنوان الكبير للإهمال بقلب سوس أصدرت الجمعية هذا التقرير لإثارة الانتباه إلى هذه المعلمة والذاكرة الوطنية والإنسانية. قلعة أو قصبة "اكادير أوفلا" لمن لا يعرفها فهي تاريخ, أمجاد, وعراقة اكادير "أوفلا" أو قصبة البيكو (EL bico) كما سماها البرتغاليون قديما، تعتبرا محجاً للسياح الأجانب والزوار المغاربة على حد سواء، ولم تلقى بعد الرعاية الكافية رغم التاريخ العريق الذي تجره خلفها، منذ أواخر عهد الوطاسيين وأوائل العهد السعدي حسب العديد من المؤرخين من أبناء المنطقة. القصبة اشتهرت بواقعة انتصار المغاربة بقيادة السلطان محمد الشيخ السعدي على الوجود البرتغالي سنة 1541م، وأعاد بناءها من طرف عبد الله الملقب (بالغالب بالله) سنة 1572، فلم تشهد هذه القصبة أي تغيير في معالمها التي دمّر الزلزال حيها العتيق سنة 1960، هي اليوم، عبارة عن أطلال منسيّة ومهجورة رغم تاريخها العريق، تعرضت للإهمال والتدهور طبيعيا وبشريا. القصبة تحظى بقيمة تاريخية ورمزية كبيرة عند ساكنة سوس والمغاربة بشكل عام وكان بالإمكان ترميمها على شاكلة قصبات اخرى بالمملكة كقصبة الاوداية بالرباط، وقصبة أزمور بالجديدة لتلعب دورها الثقافي والتاريخي والسياحي، غير أن هذا الثقل التاريخي لم يوازه اهتمام من طرف المسؤولين بالمدينة، وهو ما جعل القصبة تدخل في غياهب النسيان وجعلت الجميع لا ينظر بما فيه الكفاية الى الأعلى، لثقل مشاكل واكرهات السفح، كما انها تفتقر الى الحد الأدنى من المرافق الجاذبة للسياح المغاربة والأجانب، وهناك تهاونا وفشلا ذريعا في تسويق هذه المعلمة التاريخية التي تمنح للزائر إليها صورة بانورامية عن شاطئ ومدينة أكادير السفلى وخليجها. أ- القصبة أو القلعة هي مشهورة حاليا ب "أكادير اوفلا" ، هي عبارة عن معلمة تاريخية سوسية حية تجسد تاريخ المدينة. تقع القصبة على قمة جبل يعلو ب 236 متر عن سطح البحر وذلك بشمال أكادير . أسست سنة 1540 م على يد السلطان محمد الشيخ السعدي لهدف التحكم في ضرب البرتغاليين الذين استقروا عند قدم الجبل منذ 1470 م، في إطار بحثهم عن طريق الهند، وقد أنشئوا عند الساحل قرب عين فونتي حصناً وأقاموا على سفح الجبل برجا آخر لمراقبته، مما دفع السعديين إلى بناء القصبة على قمة نفس الجبل. لقد مكن هذا الموقع الاستراتيجي من قصف المنشآت البرتغالية بالمدافع في سنة 1541 م ثم تحرير الحصن البرتغالي المسمى "سانتاكروز" وبالتالي تناقصت أهمية القصبة إلى أن أعاد الغالب بالله السعدي بناءها. ب- أهم مكونات القصبة قبل الزلزال سور خارجي مدعم بأبراج وله باب مصمم بشكل دائري وذلك لأغراض دفاعية. مسجد كبير/ مستشفى/ مبنى الخزينة والبريد./منازل وأزقة وساحات صغرى./ملاح وهو حي خاص باليهود وبه معبد./ضريح للايامنة وساحة أو فناء لإقامة الحفلات والأهازيج الشعبية والأفراح . المحطات التاريخية المهمة التي وقعت بأكادير كان يطلق اسم مسكينة على أكادير منذ القرن 12 الميلادي، وليون الإفريقي سمى قلعتها بأكادير غوارغيسيم أي إيكسيمن. 1- في سنة 1325 – 1339 : ورد ذكر اسم - أكادير إيغير- في خرائط هذه الفترة حينما نزلت مجموعة من سفن الاكتشافات البرتغالية بسواحل هذه المنطقة ووجدوا فيها عينا جيدة وسكان مع إبلهم وكان هناك مالكون لهذه الثروة أمازيغ ويسمونهم - أهامس العربا - أي إيمغارن العربا أو إينفلوسن العربا. 2- في سنة 1480 : ظهر اسم - أغوا دو ناربا - ويطلق على أكادير وقبله كان يطلق عليه اسم بورطو مسكينا أي مرسى مسكينة. 3- في سنة 1505 : أسس القائد البرتغالي جواو لوبيز دوساكيرا في الأشهر الستة الثانية من سنة 1505 القلعة المعروفة باسمهم في ساحل أكادير والواقعة أسفل تل القصبة العليا أو اكادير أوفلا وقد كانت في مكانها قصبة قديمة بناها سكان أهل سوس قبل مجيئ البرتغال. 4- في سنة 1510 : بعث أهل ماسة رسالة الى ملك البرتغال إيمانويل الأول. 5- في سنة 1513 : اشترى الملك البرتغالي دون مانويل حصن أكادير الواقع أسفل تل "أكادير أوفلا" من مؤسسه البرتغالي "جواو لوبيز دوساكيرا". 6- تعرضت هذه القلعة سنة 1960 لزلزال عنيف دمرها كليا وأصبحت الآن عبارة عن أطلال تخفي تحت ترابها وأحجارها آثار حضارة عريقة وتاريخ مجيد. اكادير أوفلا إتلاف وتخريب للممتلكات العامة وسرقة الأسلاك الكهربائية وأزبال مثناترة في كل مكان. استبشرت الجمعية خلال السنوات الماضية قيام المؤسسات المنتخبة بتعبيد الطريق وتقوية الإنارة وشق وترميم الممرات القديمة لممارسة رياضة المشي، وإقامة الحواجز الحجرية رغم إنها لم تمنع من وقوع حوادث سير قاتلة نظرا لاتخاذ فضاء القلعة في القمة محطة لتناول كافة أنواع الخمور والشيشا وطهي الأسماك في العراء، مما عرض العديد من هذه الحواجز عند إحدى المنعرجات الخطيرة للتدمير نتيجة تعاطي الخمور بهذه المنطقة التي تشكل خطرا، وقد وقف أعضاء الجمعية أثناء الزيارة التفقدية على تساقط أحجار أسوار القصبة بفعل عدة عوامل أهمها ضعف أشغال الصيانة والترميم وعدم احترافيتها، عبر مقارنة أسوار المدن العتيقة التي صمدت قرون مع أسوار تم ترميمها سنة 2005 وتساقطت مع أول قطرة مطر، وبفعل عوامل بشرية كذلك ناتجة عن لجوء العديد من الشباب الى التخريب والى حفر عبارات وكلمات مما يعرض كسوة السور للهشاشة، كما لاحظت الجمعية وجود كم هائل للازال وقنينات الزجاجية الفارغة والبلاستيكة للخمور ملاقاة في كل الأماكن دون أي اعتبار أو احترام للبيئة وتلك المقبرة الجماعية، ومرتع للمنحرفين و"الشمكارى" يقومون بإتلاف وسرقة الأسلاك الكهربائية للمصابيح الأرضية التي كانت مسلطة على الأسوار التي تتراء من منطقة ايت بها وتكسيرها وتخريبها بشكل وحشي ينم عن ظاهرة الانتقام والعدوانية من طرف المخربين وسارقي الأسلاك الكهربائية، كما عاينت الجمعية التدهور الحاصل على مستوى الأسوار والجدران التي تتهاوى في مختلف الاتجاهات داخليا وخارجيا، وكذاك مدخل القصبة وبابها الرئيسي الذي لم يخضع قط للترميم أو الإصلاح الذي حكم عليه بالمؤبد منسيا، الجمعية تتأسف كثيرا للحالة التي هي عليها قصبة اكادير اوفلا التاريخية، وكذلك انتشار كبير للرادارات والهوائيات فوق المقبرة الجماعية بداخل القصبة، وتعتبر الجمعية تحويل هذه الأجهزة الى أماكن أخرى غير محيط القصبة احترام للأموات ومقابر المسلمين الذين قضوا في الزلزال ومواطنة ومجهود كبير من طرف المؤسسات التي إقامته في ظروف معينة. "اكادير اوفلا" منتوج ثقافي وحضاري وسياحي وطني في أمس الحاجة إلى التثمين والترميم وإعادة التأهيل. ترى الجمعية أن قلعة "اكادير اوفلا" عانت ما يكفي من إهمال ونسيان بين ردهات التناول الديني والإداري والقانوني والقضائي المعقد، وانه آن الأوان الى أن يتم فتح نقاش بين مختلف المؤسسات والفعالين لتحيين ملف القصبة والقيام بدراسات تقنية وعلمية من لدن مكتب دراسات مختص في مجال الآثار التاريخي وفن الترميم وترميميها بشكل احترافي وعلمي وإعادة إحياءها وإعادة ترميم منازلها المدفونة بعد جمع وتحويل الرفات الى مقبرة جماعية والجمعية ترى أن وزارة الثقافة عليها إنصاف ذاكرة سوس واكادير من خلال هذه المعلمة برد الاعتبار الى أخر معقل تاريخي بمدينة الانبعاث وفتح هذا الملف الشائك وإحكام الرقابة والتتبع على أشغال الترميم والصيانة لتتم وفق الضوابط العلمية ، عوض أن تبقى المعلمة حائطا للمبكى على الفاجعة والركون الى الماضي بل يجب استشراف المستقبل لهذه الذاكرة الجماعية والحضارية والثقافية بما يحفظ للمكان ذكراه عبر مختلف الأجيال، وترى أن الحالة التي عليها القصبة في الوقت الراهن هي مدعاة للسخرية ولا علاقة لها بالدعاية السياحية بل معرض مفتوح للأزبال المتنوعة والمصابيح المكسورة والأسوار المنهارة، وغياب تام لأية وسائط إيضاحية أو صور حول طبيعة المكان قبل وأثناء وبعد زلزال اكادير بمختلف اللغات، رغم أن القصبة يمكن تأهيلها بشكل يساهم في تثمين هذا الفضاء التاريخي الوحيد باكادير عبر إعادة المدافع القديمة الى مكانها دون نسيان القصبة البرتغالية في الأسفل التي تم إقبارها وإهمالها هي الأخرى وفي ذلك إهمال وإقبار للذاكرة والارتباط بالتاريخ والأجداد، هذا إذا كانت هنالك إرادة سياسية وثقافية وجماعية وسياحية وجمعوية حقيقية قوية لتثمين هذا الصرح التاريخي وتوفير شروط وظروف الراحة والتثقيف لقضاء أوقات بهذا الفضاء، عبر فتح المجال في وجه الاستثمار الثقافي والسياحي، عوض أن يبقى مرتعا للعربدة والسكر وفضاء لرمي الازبال، ومجال مفتوح للسرقة والإهمال من طرف اللصوص والمنحرفين والمتسكعين، الجمعية ترى انه لو كانت هذه القصبة بمدينة مراكش أو الرباط أو قاس لتربعت على عرش كبريات المجلات والجرائد وقنوات العالم سياحيا وثقافيا وفنيا، ولكانت منارة أخرى لأشهر المهرجانات الثقافية والعلمية الكونية، بييزاج تعتبر بأنه لا مجال لإلقاء اللوم على طرف أو مؤسسة بعينها وان المسؤولية يتقاسمها الجميع وتجعلنا جميعا معنيون بإهمال وتدهور قصبة اكادير اوفلا وآخر معقل تاريخي باكادير بعد أن تم هدم ودفن مرفأ السعديين التاريخي بالأسفل بواسطة جرافات المارينا. الرئيس: رشيد فاسيح