جميل أن نسمع ونقرأ عن الاهتمام بالمتاحف والآثار والمواقع الأثرية، لكن الواقع أن ما يصلنا من أحاديث وبيانات لا يلغي ما يلاحظه الزائر لبعض جهات ومدن البلاد من حالات الإهمال والنسيان التي تطال بعض المواقع والبنايات التي تحمل إرثا زاخرا وتمثل ذاكرة غنية لتاريخ هذا البلد وملاحم شعبه وعبقريته الأصيلة المتأصلة. المثال نأخذه من مدينة أكادير. وأكادير الآن وناسها الطيبون، وفي سكون هذا الشهر الرمضاني، قد تكون غارقة في استعراض ذكريات ما مر بها من مهرجانات فنية وتظاهرات سياحية، غير أن لأكادير ذكريات أخرى تمتد بعيدا في التاريخ كما هو الشأن بالنسبة للمَعلمة المعروفة بأكادير أوفلا والتي يعود تاريخ تشييدها إلى القرن السادس عشر الميلادي. هذه المعلمة التي يرتفع موقعها عن سطح البحر بأزيد من 250 مترا، والتي كانت تضم مجموعة من المرافق، تم تشييدها كحصن خصيصا لأغراض عسكرية، فكانت هي الموقع الاستراتجي الذي مكن المغاربة من الانتصار على البرتغاليين وطردهم من مواقعهم بأكادير التي كانوا يسمونها «سانتا كروز». أكادير أوفلا لم يبق منها إلا أسوار القصبة، وهي الآن عبارة عن مجرد خراب وبنايات مطمورة متروكة لحالها كما فعل بها الزمان. من المسؤول عن هذا الاهمال ؟ وزارة الثقافة أم وزارة الداخلية أم الحكومة كحكومة؟ السلطات المحلية أم الجماعة الحضرية ؟ أم أن لكل جهة من هذه الجهات نصيبها من المسؤولية. ويحصل الحاصل في أكادير، بعد نصف قرن من زلزالها، وهي العاصمة السوسية المعروفة بثقلها الاقتصادي وإشعاعها السياحي الذي يفترض معه أن تعمل كل الجهات المعنية على نفض الغبار عن أكاديرأوفلا وإخراجها من دائرة النسيان، بإدماجها ضمن الفضاءات الثقافية والفنية المحلية وضمن خريطة المواقع التي ترعاها الوزارة الوصية على المآثر وتسجيلها كتراث إنساني عالمي.