يعود التواجد البرتغالي في المغرب والمنطقة المتوسطية إلى الحقبة ما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، حيث تمركز بالنسبة إلى المغرب في سبع مدن لاتزال حتى اليوم تحمل بصمات الوجود العسكري البرتغالي، مثل الحصون العسكرية والأسوار والقصور، وهي أصيلة وسبتة والقصر الصغير وطنجة وآسفي وأزمور ومازاغان(الجديدة)، غير أنه منذ ذلك الوقت لم يتم تسليط الضوء عليها، وهذا ما انكب عليه اليوم الدراسي الذي نظمه معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية بالرباط يوم الخميس الماضي، بمشاركة باحثين وخبراء في الآثار من المغرب والبرتغال، وجمعية المقاولات البرتغالية لترميم التراث المعماري. وقالت أمامة عواد لحرش، رئيسة المعهد، خلال افتتاح اليوم الدراسي إن التراث البرتغالي بالمغرب يعتبر إرثا حضاريا وثقافيا مشتركا بين البلدين وينبغي إعادة تقييمه والتعريف به، مشيرة إلى أن تاريخي البلدين يتقاطعان في ما بينهما بشكل قوي بحيث «لا يمكن معرفة طرف منهما دون معرفة الآخر»، وأن البرتغاليين خلال تواجدهم الطويل بالمغرب قد أنشؤوا «سبحة من الحصون والأسوار والموانئ، مما يعتبر شهادة على الذاكرة المشتركة بين البلدين». وأضافت في كلمتها أن معركة وادي المخازن، التي حصلت عام 1578 قرب مدينة القصر الكبير، تعبير أوضح عن التداخل الذي حصل بين الواقعين التاريخيين للبلدين، والذي خلف آثارا سياسية وترابية وحتى نفسية لدى الشعبين المغربي والبرتغالي. وفي مداخلته، أبرز خورخي كورييا من جامعة مينهو بالبرتغال مختلف أوجه التواجد البرتغالي في شمال إفريقيا والمغرب، وأوضح أن البرتغاليين عملوا على إعادة إصلاح وبناء المدن التي تم احتلالها عسكريا، بحيث يتم إعطاؤها طابعا آخر، وقال إن «تأثير مجيء سلطة وديانة جديدتين تطلب إعادة تقييم الفضاء المكاني»، مشيرا إلى أن جل المآثر التي خلفها البرتغاليون بالمغرب ذات طابع عسكري في عمومها. وأشار عبد اللطيف البودجاي، محافظ الموقع الأركيولوجي لمدينة القصر الصغير التابع لوزارة الثقافة، في مداخلته، إلى أن وزارة الثقافة وضعت مؤخرا مشروعا لتهيئة وترميم الموقع الأركيولوجي للقصر الصغير الذي يعكس «قيمة أثرية كبيرة» تجعله من بين أهم المآثر في الساحل المتوسطي المغربي، لكنه تعرض للإهمال طويلا، مما جعله يتعرض للتآكل والتلف. وذكر البودجاي أن اللجنة المغربية الأمريكية، التي شكلت عام 1975 برئاسة الباحث الأمريكي شارل ريدمان، عملت بين 1975 و1985 على تحديد المواقع الأثرية وإعادة ترتيبها، الأمر الذي قاد إلى اكتشاف مجموعة من المآثر من بينها حمامات ومساجد ومساكن ومواقع وبوابات. أما المهدي الزواق، المدير الجهوي للثقافة بجهة طنجة تطوان، فقد أكد على أهمية هذه المآثر التاريخية في تشجيع السياحة الثقافية، كما أكد على ضرورة إدماج هذه المآثر في أي استراتيجية للتنمية الجهوية.