"أقسم بالله العظيم أن أخلص لله ولملكي وأن أتفانى في خدمة وطني". قسم وحد قلوب الأسرى المغاربة على قلب رجل واحد يحمل طي جوارحه عشق الوطن. أبطال تحملوا ويلات الكروب وذل المعتقل، وقاوموا ببسالة وصبر وحشية العساكر،وغلظة جنود مرابضين خلف الحدود لاصطياد الفرائس. "معجزة قسم"،فيلم يرسم حجم المعاناة ويسبر الجرائم التي تكرس خلف الجدار الرملي وفي تندوف ومعتقلات الجزائر. صور واقعية تجسد حقيقة البوليزاريو وبشاعة العسكر الجزائري. انتهاكات بشعة و خرق سافر لاتفاقيات حقوق الإنسان، واتفاقية جنيف. وتجاهل متعمد لشروط معاملة الأسرى الإنسانية. هو فيلم وثائقي مغربي من إخراج لبنى اليونسي وإعداد شركة الشاوي للإنتاج. يرسم مشاهد حية من واقع مخضوب بالدماء، يجسده أبطال الفيلم الحقيقيون، أبطال لم يكونوا سوى أولئك الأسرى الذين ظلوا هناك ربع قرن من الزمن تحت سياط الجلاد، ربع قرن من الغياب والعذاب، وعلى قيدهم طويت صفحات حياة، وتوقفت بهم عجلات الزمن. مشاهد الفيلم توثق بالصوت والصورة حجم الجرائم والانتهاكات الحقوقية التي تطال الأسرى المغاربة في مخيمات تندوف، وتترجم قدرا لعداء الذي يكنه هؤلاء للمغرب، كما تكشف الستار عن خفايا الدبلوماسية الجزائرية الموصومة بالنزعة الانتقامية ماظلت الذاكرة الجزائرية تستحضر انتكاسة حرب الرمال. الفيلم من بطولة الكابتان علي نجاد والقبطان محمد بلقاضي ومحمد بطيش والممرض الفريزي عبد الرزاق والمخفي عبد الله وباقي الأسرى المغاربة الأبطال. صور الفيلم في منطقة تمصلوحت بإقليم مدينة مراكش، حيث تم تجسيد الأدوار الحقيقية، وتمثيل المآسي في جو من التفاعل بين الأبطال والمخرج وشركة الشاوي للإنتاج. يستهل الفيلم بشهادات حية يرويها الأبطال أنفسهم، حكايات تلخص المآسي اللآإنسانية، و حجم معاناة يومية تحت نار السياط ولهيب الشمس الحارقة. منذ لحظة الإعتقال الأولى تبدأ قصة النهاية. نهاية كائن بشري مفعم بالحياة والحيوية، وولادة مخلوق جديد مجبول على التحمل والإحتمال. احتمال الأعمال الشاقة، وتحمل الضرب والشتم والمعاملات الوحشية. يصور الفيلم المشاهد الدرامية للجنود المغاربة في المعتقل ، كيف يحشرون ويكدسون كالجثث في الشاحنات، كيف يلقون حفاة عراة على رمال جهنمية، وكيف يضربون بالسلاسل حتى الموت أو حتى يكل الجلاد، جلاد لا يظمأ رمقه بإسالة الدماء حتى يحمل الأسير العذاب تلو العذاب. أعمال شاقة وحمل أثقال لا تحتمله الأجساد ، و حفر الخنادق في رمال الصحراء حيث مبيتهم في ليل أبكم، و صحراء نائية بين أنياب وحوش بشرية. يردد الأسير المخفي عبد الله الملقب ب"الريفي" الجملة إياها في شهادته حول الوضع في المعتقلات الجزائرية: "ذقنا شتى أنواع العذاب. العذاب الأصغر، والعذاب الأكبر، والعذاب الغليظ". عبارة تلخص حجم المعاناة في تيندوف حيث حياة ليل في العراء طي الحفرأرحم من جحيم النهار. يسجل الفيلم انعدام شروط الحياة في المعتقلات الجزائرية ، غذاء عبارة عن طحين رديء وماء، دواء ليس له محل، لباس وغطاء منعدم، وقتل تدريجي للأسرى بالتعذيب البطيء ... الفيلم يصور مشاهد حقيقية يمثلها أبطال لا يلبسون قميص الممثل ، بل يترجمون معاناتهم بهويتهم الحقيقية، لذلك جاء الفيلم على قدر مميز من الإبداع، كانت المشاهد المصورة في إقليممراكش تماهي المشاهد الحقيقية في تيندوف، ناهيك عن مهارة التصوير والإخراج. "معجزة قسم" فيلم يحرك المشاعر الوطنية ويترجم معنى حب الوطن. شهادات من الواقع ترصد البطولة الحقيقية، ومعنى التضحية من أجل وحدة الأرض. أبطال تقاسموا المآسي والعذاب، وكتبوا مغربية الصحراء بدمائهم. وعلى الوطن أن يبادلهم الاعتبار ويوشحهم أوسمة البطولة والفخر والشرف ، في انتظار أن يخرج الفيلم للوجود وتعج به دور السينما الوطنية، ويعرف القاصي والداني معنى "وطن".