" هذه قصة تفوق وتراجع الزاوية الوزانية " الجزء الثاني الإطار الصوفي ========= يكتسي الحديث عن الإطار الصوفي للزاوية الوزانية أهمية خاصة لأن الكشف عنه سيساعدنا عن فهم الآليات المحركة للزاوية، والضوابط التي تحكمها والخصائص التي تطبعها، وكيفما كانت توجهات هذه الطريقة فإنها تبقى شاذلية في معناها ومبناها، وتحيط المريد بتوجيهات من وحي التصوف السني والاحتكام إلى نصوص الشريعة الإسلامية. أولا : الطريقة ========= اجتهد المولى عبد الله الشريف اجتهادا بالغا في أن يكون مبنى طريقته الصوفية قائما على السنة تجنبا لكل بدعة أو انزلاق عن الصراط القويم للشريعة الإسلامية، ومن هنا نجده في أقواله يحذر أتباعه من معانقة البدعة أو الحياد عن جادة الدين الإسلامي وتعاليمه التي أقرها القرآن الكريم، ورسمتها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا نجده يقرر: من بدل أو غير وأحدث في هذه الطريقة بدعة أو ضلالة ونسب إلى طريقتنا هذه ما لا يوافق الكتاب أو السنة، فالله سائله ومحاسبه ومنتقم منه. والطريقة الوزانية شاذلية في إطارها العام، والطريقة الشاذلية تتميز باعتدالها وتمسكها بالكتاب والسنة، والدعوة إلى الإخلاص والتوبة، والخلوة والجهاد، والزهد والعبودية والطاعة والذكر والورع، ويتصل سند مولاي عبد الله الشريف بالشاذلية عن طريق الجزولية التي وضعها سيدي محمد بن سليمان الجزولي، وتنبني هي الأخرى على السنة ومجانبة البدعة والمداومة على الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واتخاذ الشيخ، والتأدب معه، ومحبة الله، والزهد وقلة النوم، والصبر وتحاشي الغضب،وتجنب الحقد. وقد أخذ مولاي عبد الله الشريف الطريقة الصوفية الشاذلية عن سيدي علي بن أحمد اللنجري عن أبي مهدي عيسى بن الحسن المصباحي عن محمد بن علي بن مهدي الهروي الزمراني الطالب، عن عبد الله الغزواني، عن عبد العزيز بن عبد الحق الحرار الشهير بالتباع، عن سيدي محمد بن سليمان الجزولي، عن عبد الرحمان الشريف أمغار، عن عبد الرحمان الهرتاني، عن عبد الرحمان الرجراجي، عن أبي الفضل الهندي، عن أبي العباس أحمد عنوس البدوي، عن الإمام القرافي، عن عبد الله المغربي، عن الإمام أبي الحسن الشاذلي، عن الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش، عن أبي زيد عبد الرحمان التنايري، عن سيدي أبي بكر الشبلي، عن إمام الطريقة أبي القاسم الجنيد، عن أبي البقاء خالد السري السقطي، عن أبي معروف الكرخي، عن داود الطائي، عن حبيب العجمي، عن أبي حسن البصري، عن الإمام علي كرم الله وجهه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وتنبني الطريقة الوزانية على عدة أهداف صوفية تكمن الغاية منها تربية المريدين، وتهذيب طباعهم، وتعويدهم على الفضيلة الإسلامية الرفيعة، ويأتي في مقدمة ذلك حب الرسول صلى الله عليه وسلم، والإكثار من الصلاة عليه، لقول الشيخ سيدي محمد بن عبد الله الشريف : ما نالت الرجال أعلى المقامات إلا بكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأخوة في الله من أجل خلق توحد وانسجام بين مريدي الطريقة، لقول مولاي عبد الله الشريف : فالواجب على المريد أن يحسن ظنه بشيخه وبإخوانه، وأن يوثرهم على نفسه ولو كانت به خصاصة، ويظهر محاسنهم ويكتم مساويهم. وتعتمد الطريقة الوزانية على خمسة أصول أساسية لخصها المولى عبد الله الشريف بقوله : أصول طريقتنا خمسة أشياء: تقوى الله في السر والعلانية، اتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، الرجوع إلى الله في السراء والضراء. ثانيا : الأوراد ======== للذكر حضور كبير في الطريقة الوزانية، وهو علامة الاندماج فيها من طرف المريد، ويتخذ شكل آيات قرآنية وأدعية تقوم على التسبيح والاستغفار والحمدلة والحوقلة والهيللة. يتردد فيه اسم الله بقصد تقديسه وتعظيمه والإكثار من ذكره، لما في ذلك من أجر وثواب، وتنقسم أذكار الزاوية الوزانية إلى أحزاب وأوراد لها عدد مخصوص وزمن محدد. وتتأسس أوراد الزاوية الوزانية على مجموعة من الصيغ التعبيرية الراميةإلى استغفار الله، وتسبيحه وتمجيده، والصلاة على نبيه، مع تلاوة بعض الآيات القرآنية التي تحتوي على أساليب التسبح والهيللة والاستغفار. وهكذا فإن الطريقة الصوفية الوزانية تشترط على المريد الصوفي المعتنق لها أن يقرأ " أستغفر الله العظيم إن الله غفور رحيم " مائة مرة صباحا ومساءا، " سبحان الله وبحمده " مائة مرة صباحا ومساءا، " اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم " مائة مرة صباحا ومساءا، " اللهم صل على سيدنا محمد وأزواجه وذريته " خمسون مرة في الصباح، " لا إله إلا الله " مائة مرة صباحا ومساءا، لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله" إحدى عشرمرة بعد كل صلاة مفروضة. فهذه الأوراد كما يبدو جاءت منسجمة مع روح الطريقة الوزانية كما قعد لها مولاي عبد الله الشريف الوزاني، ومتلائمة مع الأصول الخمسة التي تمت الإشارة إليها قبل قليل، ومتناغمة مع الأهداف الكبرى للتعاليم التي تريد الزاوية بتها في النفوس، وإشاعتها في الوجدان، ويتعلق الأمر " بذكر الله " من خلال الهيللة والتسبيح والاستغفار، " وحب الرسول صلى الله عليه وسلم " من خلال الإثار من الصلاة عليه . ... يتبع : بعدما نشرنا في الجزئين الدعائم الروحية و التربوية و الاجتماعية للزاوية الوزانية ، سننشر تباعا بحول الله معلومات و حقائق تخص انتشار الزاوية داخل الوطن و خارجه و علاقتها التجاذبية التدافعية مع الحاكمين .