الساحة المغربية تتميز بوفرة المعارض التشكيلية التي ا تلعب دوراً هاماً في دعم نمط الإبداع وترسيخ سلوك ثقافي وحضاري عند المغاربة أعمل على تقديم الجسد، الجسد المجهول، أو الغائب، ذلك الآخر lالموجود فينا أو في مكان ما، بأفراحه وأحزانه، بوجدانه وشغفه في الحقيقة، لن أقدم لكم الفنانة التشكيلية المتألقة سميرة أمزغار، لسببين: أولا ، هي قادرة على التعريف بنفسها، وثانيا لأن أعمالها الفنية والتشكيلية شاهدة على إبداعها وحسها الفني المتسامي. هدا هو نص الحوار: س: هل بوسعك الفنانة سميرة إعطاء فكرة لقراء " شمال بوست" عن معرضك التشكيلي الجديد؟ ج: أولا، أشكر جريدة "شمال بوست" على اهتمامها بعملي وبمعرضي، وأشكر بصفة خاصة الأخ يوسف السباعي، على صبره وسعة صدره في انتظار هذا الحوار الذي كنت سببا في تأخيره، وأجدد له أسفي. "بدون هوية" هو اسم معرضي الأخير الذي أقمته في قاعة العرض الخاصة بمؤسسة محمد السادس، وقدمت فيه ما يقارب الثلاثين لوحة، وقد عملت فيها على تقديم الجسد، وأحب هنا أن أحدد بالضبط، فهو الجسد المجهول، أو ربما قلت الجسد الغائب، هو ذلك الآخر، l autre…الموجود فينا أو في مكان ما، بأفراحه وأحزانه، بوجدانه وشغفه وأحزانه أيضا، ذلك الآخر الذي يتطور ويكبر بعيدا ووحيدا في الظل وعالم المجهول L anonymat. فأغلب هذه الأجساد قدمت وجوها مخفية، ومغطاة، أو في وضعية خضوع وانكسار وربما خوف أيضا..كما قدمت بعض الأجساد نصف أحياء، كمزيج بين الإنسان وهيكله العظمي في علاقة متناقضة. وموازاة مع كل هذا، قدمت أيضا عرضا حيا الذي سميته "فيرتيبرا" Vertebra وهو عبارة عن Istallation قدمت فيها أشكالا خشبية متسلسلة الأحجام ومتتابعة قد تشير إلى الفقرات في شكلها اللولبي. س: كيف ترين واقع الفن التشكيلي بالمغرب عامة وبطنجة وتطوان ؟ ج: في الحقيقة عندما نتحدث عن التشكيل في المغرب ، وما وصل إليه الآن، يجب أن لا ننسى أبدا ما عانته الأجيال السابقة وما كابدته من أجل تحقيق ذاتها وإثبات اختلافها، أما في هذه اللحظة، فالفن يعتبر ظاهرة ثقافية تتسع لكل المواهب والأحلام، وتختلف أساليب هذا الفن بشكل كبير من فنان لآخر، لذلك فهو تعبير شخصي وفردي كما أنه لغة خاصة تدخل في نطاق مشروع ثقافة مغربية معاصرة. فالساحة المغربية الآن تتميز بوفرة المعارض التشكيلية، وكثرة المهرجانات الثقافية وكذلك العروض الخاصة، فبغض النظر عن طبيعة الإقبال عليها وحجم المتابعة النقدية للأعمال المعروضة، إلا أنها تلعب دوراً هاماً في دعم نمط الإبداع وترسيخ سلوك ثقافي وحضاري عند المغاربة. س: مار أيك خصيصا بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان؟ ج: رغم أن المعهد الوطني للفنون الجميلة قد عرف تحولا كبيرا في العشر سنوات الأخيرة، وتغيرات في المناهج والدروس والأطر… إلا انه يبقى في نفسي ذكرى جميلة وخاصة جدا، فقد كنا نشكل بين الزملاء والمدرسين فريقا واحدا، رغم الاختلافات التي كانت تطبع بعضهم، لكن هذا لم يمنعنا من الاشتغال بطاقة جد إيجابية وبحب كبير للعمل والفن الذي كان يجمعنا والذي أثمر عنه أعمالا رائعة وصداقات متينة نحتفظ بها حتى الآن. للأسف لم أزر المعهد منذ سنوات..رغم تواجدي بتطوان من حين لآخر، ربما هو لإحساس النوستالجيا الذي يعتريني كلما مررت من هناك، لكن أتمنى زيارته في المرات القادمة إن شاء الله. س: هل بوسعك أن تحدث قراء جريدة " شمال بوست" عن تجربتك التشكيلية؟ ج: بالنسبة لتجربتي التشكيلية الخاصة فقد بدأت مباشرة بعد تخرجي من المعهد، فقد كانت بدايات أعمالي تجريدية. وهي تجربة أعتبرها جد غنية ومهمة.. وشاركت بها في مهرجان أصيلة لمرتين وكذلك بمهرجان الفنون التشكيلية بطنجة، ثم معرض بهولاندا، لكن رجعت للعمل على التشخيص، وبالخصوص الجسد والبورتريه لأنه أصل توجهي لهذا الاختيار، ويحظى دائما باهتمامي الكبير، وقد شاركت بأعمال من هذا النوع في معارض في اسبانيا لمرتين، ثم أخيرا خصصت له كل أعمال معرضي الأخير في مؤسسة محمد السادس بالرباط، وقد نال إعجاب الجميع والحمد لله. كما كانت لي مشاركة مهمة في معرض بدار الفنون بالدار البيضاء، في معرض "ريح الشمال" ثم مشاركة العام الماضي في دار الفنون بالرباط. س: ما رأيك خصيصا، وبكل صراحة، ومن دون مجاملة، في هذه الأسماء: عبد الكريم الوزاني، حسن الشاعر، محمد السرغيني ومريانو برتوتشي؟ ج: بكل صراحة، ورغم الاختلاف الشديد للآراء عنهما، إلا أن لعبد الكريم الوزاني وحسن الشاعر ذكرى جميلة لأنهما ارتبطا بأهم مراحل دراسة الفن في حياتي، فالوزاني كان يؤطرني في ورشة الفن، هو فنان كبير وأحب أعماله النحتية لان لها طابعا خاصا، وكان يشجعني كثيرا، قد يختلف معي البعض ، ربما لأني لم أعرفه كمدير للمؤسسة، أنا أتكلم عنه كفنان ومؤطر فقط. أما حسن الشاعر فهو فنان جد حساس، مبدع رائع، وكان أقرب إلينا لأنه من الأساتذة الذين التحقوا بالمعهد وهم شباب، لذلك كان التواصل بيننا جيد جدا، كان يحب عملي كثيرا، وهو أول من شجعني على رسم موديلات الأزياء بقياس حقيقي كبير، لأني كنت مهووسة بهذا الميدان ، حتى أنني اشتغلت به بعد تخرجي وأقمت عرضين للأزياء، والتقيت به خلال مشاركتي بفيلا الفنون بالدار البيضاء. أما بالنسبة لمحمد السرغيني، فهو فنان كبير دون شك، وقد أدار كلا من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة ودار الصنعة بمسؤولية يشهد بها الجميع، مما جعلهم أساتذة وطلبة، يكنون له كل التقدير والاحترام،كما انه كان من أكبر مشجعي الصناع التقليديين على الاتجاه بحرفتهم إلى الحداثة، كما كان يحث الفنانين التشكيليين على استثمار تراثهم و الفنون التقليدية في أعمالهم. بالنسبة لماريانو بيرطوتشي ، فهو بكل بساطة، فنان عملاق وله الفضل في تأسيس مدرسة الفنون الجميلة، وعاشق تطوان والمغرب بصفة عامة، وقد تأثر به الكثير من الفنانين التطوانيين، لوحاته الجميلة ، وألوانه تنطق بنور وعشق هذه المدينة.