كان مهووسا بانفتاح الصناعة التقليدية على آفاق تشكيلية وإبداعية حديثة يستعيد جمهور الفن التشكيلي بالمغرب سيرة فنية حافلة لأحد رواد هذا الفن، الراحل محمد السرغيني، الذي انبعثت فصول تجربته الغنية الطويلة، في معرض استرجاعي يحتضنه فضاء العرض في صندوق الايداع والتدبير ودار الفنون بالرباط منذ 27 يونيو الماضي والى غاية 10 شتنبرالجاري، لتستأنف السيرة رحلتها بدار الفنون بالدار البيضاء من 8 نونبر الى 30 دجنبر. « محمد السرغيني كان يوجد في واسطة العقد، يسحب الصناع التقليديين باتجاه الحداثة، ويحض الفنانين التشكيليين على استثمار ثراء التراث والفنون التقليدية»، هكذا يلخص المهدي السرغيني، نجل الراحل، سيرة والده في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة المعرض. تحدث المهندس المعماري، الذي ورث شغف الشكل واللون، من والده، عن رائد توفي بداية 1991 بالرباط عن سن 67 عاما، كان قد عين مباشرة بعد استقلال المغرب سنة 1956، مديرا لمدرسة الصنائع (دار الصنعة) ثم للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان، والتي كانت تقتصر على إعداد متخرجين في الفنون الجميلة قبل أن تصبح تحت إدارة ماريانو بيرتوتشي مدرسة الفنون الجميلة. وقد ظل السرغيني مديرا للمؤسستين مدة 25 عاما، حيث أشرف على تخرج أول فوج للصناع التقليديين من مؤسسة أكاديمية. ولد السرغيني بالعرائش سنة 1923، وحل بتطوان من أجل متابعة دراسته، وعمق تكوينه في تخصص الرسم والحفر والنحت بمدرسة الفنون الجميلة بمدريد التي كان يدرس بها أيضا الفنان الإسباني الكبير بابلو بيكاسو. ويقول المهدي إن الفنان الراحل طالما حلم بتحويل المدرسة الوطنية للفنون الجميلة إلى معهد عالي للفنون الجميلة. وكان مهووسا بانفتاح الصناعة التقليدية على آفاق تشكيلية وإبداعية حديثة. وقال بوعبيد بوزيد في كلمة ضمنها دليل المعرض، إن محمد السرغيني أدار مدرسة الفنون الجميلة بحب ومسؤولية، وما تزال بصماته شاهدة عليه إلى اليوم وهو الأمر الذي جعل أساتذة الفنون الجميلة وخريجيها، على اختلاف أجيالهم، يكنون له الكثير من الاحترام والتقدير اعترافا منهم بالجميل الذي أسداه للفنون الجميلة بتطوان والمغرب كمدير وأستاذ ومربي، اعتبارا لشخصيته المتصفة بنكران الذات والصرامة في العمل والاجتهاد حيث يعود له الفضل في مغربة التعليم الفني بهذه المؤسسة. أما محمد العربي المساري فقد اعتبر أنه من الضروري استرجاع سيرة «الرواد الذين مهدوا الطريق ولقنوا ألف باء الفن التشكيلي ببلادنا للأجيال التي خلفتهم. ومن بين هؤلاء أول مدير مغربي لمدرسة الفنون الجميلة بتطوان، الراحل محمد السرغيني».