دق فاعلون جمعويون ناقوس الخطر بإقليم شفشاون، بعد ارتفاع حالات الانتحار بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، وهو ما أصبح محط تساؤل حول أسبابه ودواعيه. وسجل الإقليم الأكبر بشمال المغرب، حالات انتحار كثيرة خلال السنة الجارية خاصة في العالم القروي والمداشر التي تقع تحت نفوذ عمالة شفشاون، ما أضحى معه الوضع مثار قلق ويستدعي دراسة سوسيولوجية وسيكولوجية لتفكيك الأسباب البنيوية وتفسير هذا السلوك القاتل، الذي يحصد العشرات من أبناء المنطقة كل عام، خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد، يرى عبد “الحي الطيار” رئيس جمعية جبال الأرز للتنمية والثقافة والرياضة بشفشاون، أن انتشار الفقر والهشاشة وغياب البنيات الصحية بصفة عامة والنفسية بصفة خاصة، يعد واحدا من أسباب ارتفاع حالات الانتحار بوسط العالم القروي، إضافة إلى انعدام فرص الشغل بالإقليم وانهيار اقتصاد الكيف بسبب تراجع الطلب الدولي. ويؤكد ” الطيار ” على أن انهيار اقتصاد الكيف ساهم في تراجع العائدات المالية التي كانت على الأقل تغطي الاحتياجات الدنيا للمزارعين ” أما الآن فالوضع كارثي بالنسبة للمزارعين في غياب أي مداخيل أخرى بديلة تلبي أدنى متطلبات الحياة ” يضيف نفس المتحدث. كما يعزو بعض المتتبعين الأمر، إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الفئات النشيطة، وإلى مشاكل اجتماعية وأسرية بسبب الضغوط المادية أو الشعور بالعزلة، في ظل غياب مؤسسات الوساطة والتوجيه الأسري، وضعف نجاعة المشاريع التنموية المبرمجة بالمنطقة، وعدم اهتمام المسؤولين بقضايا الشباب إضافة إلى غياب مراكز صحية في المنطقة تهتم بالأمراض النفسية والعقلية وكذا معالجة الإدمان. ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية ودراسات ميدانية حديثة حول حوادث الانتحار في المغرب، إلا أن بعض الأرقام الصادرة من منظمة الصحة العالمية سنة 2014 تعد صادمة. وذكرت المنظمة أن المغاربة يحتلون المركز الثاني من حيث أكثر الشعوب العربية إقبالاً على الانتحار وذلك بنسبة 5.3 في كل 100 ألف مواطن، كما أكدت أن عدد المنتحرين المغاربة تضاعف بين سنتي 2000 و2012.