في ردّ قوّي على أستاذة بمدينة الرباط اتهمت الأطفال الذين يعانون من اضطراب تعلمي أكاديمي يمنعهم من اجتياز الامتحان بطريقة عادية، بما سمته ب"الغش المقنن" في الامتحانات، قالت "المير بشرى" رئيسة جمعية البشرى لاضطرابات وصعوبات التعلم و"الديسليكسيا" إن ما جاء في التسجيل الصوتي لهذه الاستاذة، والذي انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي بشكل كبير، لا أساس له من الصحة .. وعابت رئيسة جمعية البشرى لاضطرابات وصعوبات التعلم و"الديسليكسيا"، في تصريح لها، على الاستاذة صاحبة التسجيل الصوتي هجومها على هؤلاء الأطفال، واتهامها لهم بالغش المقنن، معبرة عن أسفها لهذا الموقف الغريب، في وقت كان حريا بها أن تقف إلى جانب هؤلاء التلاميذ باعتبارها مدرسة وتعرف جيدا ما يعانون منه... وتساءلت الأستاذة المير بشرى كيف سمحت هذه الاستاذة لنفسها بإطلاق أحكام على تلاميذ يعانون في الحقيقة من إعاقة خفية وليست ظاهرة، مشككة في الارقام والمعطيات التي اوردتها الاستاذة في الشريط المصور.. وبخصوص عدد المرشحين الذين اجتازوا امتحانات الباكلوريا بالمسؤسسة الخصوصية التي ذكرتها الاستاذة في تسجيلها الصوتي، أكدت "المير بشرى" أن "عدد التلاميذ الذين اجتازوا امتحان الباكلوريا من خلال التكييف في الثانوية المعنية لا يتجاوز أربعة تلاميذ في الوقت الذي تحدثت فيه الأستاذة على أكثر من تلميذ في أكثر من قسم وهذا مجانب للصواب"، معتبرة أن "هؤلاء الأطفال يعانون من اضطراب تعلمي أكاديمي يمنعهم من اجتياز الامتحان بطريقة عادية"، وذكرت بهذا الخصوص ببلاغ الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في الرباط، الذي كشف أن المؤسسة التعليمية الخصوصية المشار إليها في التسجيل الصوتي، لا يتجاوز عدد مترشحيها من ذوي الإعاقة للامتحان الوطني الموحد أربعة (04) تلاميذ، وتتوفر مصالح المديرية الإقليمية لعمالة الرباط على ملفاتهم الطبية منذ ولوجهم مرحلة التعليم الابتدائي.. من جانبه، أكد الأستاذ عبد الكريم بيكورن، مستشار في التوجيه التربوي وباحث في مجال تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة وخصوصا في مجال اضطرابات التعلم، أن ما جاء في التسجيل الصوتي الذي تم تقاسمه في الواتساب والذي تتحدث فيه إحدى الاستاذات عن تكييف الامتحانات الاشهادية لفائدة تلاميد الديسليكسيا، يكشف ان الاستاذة تجهل معنى الديسليكسيا واضطرابات التعلم وذلك من خلال حديثها عن تلاميذ يحضرون إلى الامتحانات على متن دراجات نارية ومعهم مرافقين.. وطالب الاستاذ بيكورن من الأساتذة ان يفهموا جيدا ما معنى الديسليكسيا قبل الخوض في الموضوع، مشيرا إلى اننا لا يمكن ان نحكم على من يسوق دراجة نارية بانه غير مصاب باضطرابات التعلم والديبليكسيا.. وبخصوص حديث الأستاذة عن تلميذة اعتبرتها حالة خاصة، أكد الاستاذ بيكورن انها تصدر أحكتم قيمة من خلال ماتراه متجاهلة أن هناك بعض الإضطرابات التي تكون غير ظاهرة، وأن الديسليكسيا، التي تدخل في خانة اضطرابات التعلم، تم الإعتراف بها من طرف المنظمة اعلالمية للصحة .. وبخصوص اتهام الاستاذة بان هؤلاء التلاميذ يعتمدون على شواهد طبية ويقدمونها للمؤسسات التعليمية، نفى الاستاذ بيكورن هذا الأمر واعتبره غير صحيح لأن هؤلاء التلاميذ يتوفرون على ملفات طبية تنظمه المذكرة الوزارية رقم 3.22.74 صدرت بتاريخ 30 أبريل 2013 تحت موضوع الإجراءات التنظيمية لتكييف المراقبة المستمرة للامتحانات الاشهادية لفائدة التلاميذ ذوي الإعاقة والتلاميذ الذين يعانون من صعوبات في الكتابة(الديسليكسيا) والنطق(الديسفازيا) والإضطرابات عامة او ما يسمى ب(Dys-).. وفيما يتعلق بالنقاط العالية التي قالت الاستاذة انها باشرت عملية التصحيح وتم تسجيل نقاط تصل إلى 19/20، أكد الاستاذ بيكورن أن الأمر غير حقيقي وغير معقول، لأن هذه الإمتحانات لا يتم تصحيحها من طرف الأساتذة على مستوى مراكز التصحيح، بل من طرف لجان جهوية مذكورة في المادة 81 من دفتر المساطير التي تنظم امتحانات الباكلوريا.. وإذا رجعنا إلى دفتر المساطير المتعلق بامتحانات الباكالوريا برسم دورة 2019، سنجد أن هناك اربع مواد مخصصة للتلاميذ في وضعية إعاقة، وهي المادة 6 والمادة 17، التي تذكر سياق التكييف، والمادة 54 ، التي تتحدث عن تمرير الامتحان ومدته، والمادة 81 التي تذكر التصحيح وتشكيل اللجان الجهوية، وبالتالي فإن التصحيح يتم على مستوى الاكاديمية وليس على مستوىمراكز التصحيح، من تم فإن الاستاذة لا يجب عليها ان تتحدث على هذه المسألة لأنها ليست ضمن من يصحح هذه الامتحانات.. وبخصوص حديث الاستاذة عن ابنتها التي اجتازت امتحان الولوج إلى كلية الطب والتي فشلت في النجاح، واتهامها لإحدى الطالبات بالغش قال الاستاذ بيكورن ان هذه الأخيرة يمكن ان تتابعة الاستاذة أمام القضاء استنادا إلى مقتضيات القانون. كما أكد الاستاذ بيكورن على ضرورة أن تنتبيه الاستاذة صاحبة التسجيل الصوتي، عندما ذكرت أيضا إحدى المؤسسات التعليمية بالاسم .. وبخصوص الاطفال ذوي الإضطرابات في التعلم، وخاصة تلاميذ الديسليكسيا ، أكد الأستاذ بيكورن على ضرورة تكييف طرق التدريس الخاصة بهم، كما هو الشأن الآن بالنسبة للامتحانات الإشهادية، إذ لا يعقل، يقول السيد بيكورن أن يتم تكييف المرحلة النهائية لهؤلاء التلاميذ، أي الامتحانات، في وقت يمكن أن يجدوا اشكالات كبيرة داخل القسم، وبالتالي وجب تكييف مقاربات وطرق التدريس.. وذكر السيد بيكورن أن مديرية المناهج أصدرت أخيرا الإطار المرجعي للهندسة المنهجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة اسمته "أقسام التربية الدامجة"، إلا أن اغلب الاساتذة لا يتلقون دروسا في مجزوءة خاصة بكيفية تدريس لفائدة هؤلاء الاطفال في وضعية إعاقة أو الديسليكسيا، وليس هناك مصوغة على مستوى تكوين هؤلاء الاساتذة. أكثر من ذلك، يضيف الاستاذ بيكورن، فإن هذه المجزوءة لا تتوفر على مستوى تكوين المفتشين، وأضاف المتحدث أن المذكرة الوزارية رقم 3.22.74 صدرت بتاريخ 30 أبريل 2013، لأن هذه المذكرة تتحدث عن الاجراءات التنظيمية لتكييف المراقبة المستمرة والامتحانات الإشهادية، فكيف إذن للوزارة ان تتحدث عن لتكييف المراقبة المستمرة والامتحانات الإشهادية وفي نفس الوقت ليس هناك تكوين للاساتذة الذين سيكيفون هذه المراقبة المستمرة.. واعتبر الاستاذ المتحدث أن هناك إشكالا آخر يتعلق بغياب إطار مرجعي بالنسبة لهذا التكييف المتعلق بالامنتحانات الاشهادية، عكس ما هو موجود بالنسبة للامتحانات غير المكيفة، التي تتوفر على إطارات مرجعية سواء بالنسبة للسنة السادسة ابتدائي او السنة الثالثة اعدادي او الباكالوريا.. وأكد المتحدث على ضرورة التدقيق في الملف الطبي، لأن هناك العديد من المراحل التي يمر منها، بدءا بتقرير مصححة النطق وتقرير الطبيب النفساني وقرار اللجنة الاقليمية التي تبث في صيغ التكييف ، لكن يجب التدقيق أكثر في عمل عذه اللجان وكذا التقارير الصادرة حتى تكون دقيقة أكثر وبما فيه الكفاية. وأثار المتحدث نقطة أخرى تتعلق بالتفاوتات بين هؤلاء الاطفال، حيث أوضح أن هؤلاء ليست لديهم نفس الحدة من الإعاقة أو الاضطراب، وبالتالي فإن التكييف يجب ان يأخذ بعين الإعتبارات هذه التفاوتات في الصعوبات التي يواجهها هؤلاء الاطفال، لأن استفادتهم من نفص صيغة التكييف يطرح العديد من الاسئلة.. وبخصوص التمثلات الإجتماعية لهذه الاضطرابات التي يعاني منها هؤلاء الاطفال، أوضح كرم الفطواكي، متخصص في علم النفس ومعالج نفساني عصبي، أن المجتمع لايزال يجهل الكثير حول حالات هؤلاء الاطفال، ولايزال هناك نقص في الوعي والفهم بهذا الخصوص، حيث ان المجتمع لا يعرف كيفية التعامل مع هذا النوع من الاعاقة. وأضاف كرم الفطواكي أن هؤلاء الاطفال يتعرضون للظلم في غالب الأحيان، عندما لا نعترف بهم، ونجهل حالاتهم حيث يتم توصيفهم بالكسل أو فرط الحركة..إلخ، مع العلم أنهم أطفال أذكياء، لكن لديهم خلل على مستوى الوظائف التنفيذية والعمليات المعرفية للدماغ.. وأكد الأستاذ على ضرورة التعريف واللتحسيس بهذه الفئة من طرف الأخصائيين والمجتمع المدني، حتى لا يبقى هؤلاء الاطفال عرضة للظلم والضرب لأن ذلك ينعكس على نفسيتهم ويؤدي إما إلى نقص الثقة في النفس، أو نقص تقدير الذات، ومن الممكن أن يؤدي إلى الانتحار... وأشار كرم الفطواكي إلى أن هذا النوع من الإضطراب يستمر مع الانسان طول حياته ويمكن ان يؤثر على حياته اليومية والمهنية..
وطالبت الأستاذة "المير بشرى" رئيسة جمعية البشرى لاضطرابات وصعوبات التعلم و"الديسليكسيا"، من الوزارة الوصية بضرورة تكوين وتحسيس الأساتذة والمعلمين باضطرابات التعلم والنطق أو عسر القراءة الذي يصيب الأطفال في السنوات الأولى لسلك الابتدائي. وعبرت الاستاذة بشرى المير عن شكرها للمجهودات التي تقوم بها وزارة التربية الوطنية وكذا الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، من أجل الإرتقاء بالمنظومة التربوية ولاسيما بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة واضطرابات التعلم والديسليكسيا خصوصا. كما وجددت شكرها للطاقم المشرف على عملية الادماج المدرسي بالجهة، وطالبت بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ..