دعا ممثلو الدول والمنظمات الدولية والحقوقية المشاركة في المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة، اليوم الاثنين بمراكش، إلى التنفيذ الشامل والمستدام والإنساني لأهداف الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، الذي تمت المصادقة عليه رسميا بمناسبة هذا المؤتمر. وشدد المشاركون في جلسة الحوار التي نظمت في إطار هذا المؤتمر، على أهمية التعاون الدولي الأمثل للنهوض بالعمل حول التزامات هذه الوثيقة وتضافر جهود كافة الأطراف المنخرطة والشركاء من أجل تنفيذ أهداف هذا الميثاق على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، شدد مدير المغرب الكبير واتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد عبد الرزاق لعسل، على الهدف ال 23 لميثاق مراكش، المتعلق بتعزيز التعاون والشراكات الدولية من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وذلك بإعطاء نفس جديد للشراكة العالمية مع التأكيد، بروح تضامنية، على أن المقاربة الشاملة والمندمجة تعتبر حجر الزاوية للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.
وذكر بالأجندة الإفريقية حول الهجرة التي قدمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال القمة ال 30 للاتحاد الإفريقي، المنعقدة في يناير 2018، والتي تروم تجاوز الفراغ المسجل على المستوى الإفريقي في مجال المعطيات الدقيقة وأيضا بالنسبة لحركية الأشخاص.
وأضاف السيد لعسل أن إحداث مرصد إفريقي للهجرة، الذي سيكون تحت إشراف الاتحاد الإفريقي، من شأنه أن يشكل آلية ناجعة وعملية لتطوير جمع المعطيات وتحليل وتبادل المعطيات بين بلدان القارة، وترسيخ حكامة جيدة في ما يتعلق بالهجرة الإفريقية.
وأضاف أن هذا المرصد يشكل ردا عمليا بالنسبة للأجندة الإفريقية لسد الخصاص من حيث المعطيات حول الهجرة بإفريقيا وتجاوز المشاكل المرتبطة بسياسات الهجرة التي تكون دوما غير فعالة بسبب النقص في هذه المعطيات، مما يعقد مهام الحكومات الإفريقية.
من جهتها، نوهت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيدة أمينة بوعياش، باسم التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بالمصادقة على الميثاق بالإضافة إلى العمل الذي بذل، داعية الأطراف المعنية إلى تنفيذه.
وأشادت، على الخصوص، بالدعوة إلى تبني مقاربة ترتكز على حقوق الإنسان لتنفيذ هذا الميثاق، مجددة التأكيد على ضرورة حرص الدول على حماية والنهوض بحقوق المهاجرين كيفما كانت وضعيتهم القانونية.
وأشارت إلى أهمية استجابة الأطراف المعنية لحقوق المهاجرين في إطار اتفاقيات الأممالمتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، داعية الدول والمنظمات الإقليمية إلى إحداث منصة ومنتديات لتتبع ودراسة تنفيذ هذا الميثاق، باعتبار أن أول دراسة ستكون سنة 2020 على المستوى الإقليمي.
ودعت إلى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، لاسيما تلك التي لها علاقة بحقوق الإنسان المتعلقة بالمهاجرين، وضمان تتبع ودعم جهود الدول لحماية مختلف أبعاد حقوق الإنسان للمهاجر وتعزيز التعاون العابر للحدود للمعاهد الوطنية لحقوق الإنسان المرتبطة بالهجرة.
أما رئيسة مجموعة "أولبرايت ستونيبريدج" ووزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدةالأمريكية، السيدة مادلين أولبرايت، فأشارت من جانبها، إلى أن ظاهرة الهجرة تمثل تحديا كبيرا بالنسبة للحكومات والسياسات والوكالات الدولية المهتمة بهذا الموضوع، مؤكدة أن الهجرة هي ظاهرة دولية لا يمكن تدبيرها إلا في إطار تعاون دولي حقيقي ومتعدد الأطراف.
وأكدت أن المصادقة على هذا الميثاق يشكل نجاحا باهرا، مبرزة أن إنجاح تنفيذ هذه الوثيقة التاريخية رهين بالإجراءات الملموسة التي سيتم اتخاذها بعد تبنيها وإدماجها في أهداف التنمية المستدامة.
ودعت باقي تدخلات ممثلي الدول والمنظمات الأوروبية والدولية، والحقوقية والمجتمع المدني، إلى الدفاع على حقوق الإنسان للمهاجر وحماية كرامتهم ومحاربة كل أشكال التمييز وكراهية الآخر، مشددين على ضرورة إدماج التغيرات المناخية في بلورة السياسات الوطنية في مجال الهجرة، والرقي بالحوار الثقافي لرفع تحديات الهجرة، وتقاسم وتبادل المعلومات والمعطيات ووضع هيآت كفيلة بتعزيز هذا التقاسم مع الوكالات الأممية المختصة بمختلف البلدان، ومحاربة شبكات الاتجار في البشر والهجرة غير القانونية.
كما طالب المتدخلون بتعزيز التعاون بين كافة الدول من أجل تدبير أفضل وحكامة جيدة لقضية الهجرة تماشيا مع رسالة وروح الميثاق، بالإضافة إلى حماية الأشخاص في وضعية هشة، من ضمنهم الأطفال والنساء المهاجرين غير المرفوقين، وتكثيف الاستثمارات في المشاريع الخاصة بالتنمية المستدامة بالبلدان الأصل، حتى تصبح الهجرة اختيارا وليس ضرورة.