كشف محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، اليوم الخميس بالرباط، عن بعض التوصیات الصادرة عن المجلس الإستشاري للوكلاء الأوروبین بشأن تدبیر مرفق النیابة العامة، مشيرا إلى أن الاستعانة بالخبرة الدولية في مجال استقلال النيابة العامة أمر لا محيد عنه. واعتبر محمد عبد النباوي ، في كلمة ألقاها اليوم الخميس 29 مارس بالرباط أثناء ترأسه لأشغال الندوة الدولية التي تنظمها رئاسة النيابة العامة في إطار برنامج التعاون مع مجلس أوروبا حول موضوع "آليات تدبير مرفق النيابة العامة"، أن "رهان تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية يتطلب منا جميعا حشد الهمم وعدم التراخي في البناء المؤسساتي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة"، مضيفا ان"الاستعانة بالخبرة الدولية أمر لا محيد عنه حتى يتسنى لنا الإطلاع على تجارب دول أخرى كان لها السبق في اختيار تبني استقلال النيابة العامة".
وقال محمد عبد النباوي، إن اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة والمجلس الاستشاري للوكلاء الأوروبيين خير شريك وخبير يمكن الاعتماد عليه للانفتاح على التجارب الدولية المقارنة، وذلك من أجل اختيار أحسن السبل لتطوير القدرات المؤسساتية لرئاسة النيابة العامة المغربية، مشيرا إلى حضور خبراء رفيعي المستوى، من عدة دول، مارسوا مهام النيابة العامة في بلدانهم وخبروا التدبير الإداري والقضائي لمؤسسة النيابة العامة.
واعتبر عبد النباوي هذه الندوة مناسبة للاستماع إلى هؤلاء الخبراء، ومحاورتهم وتبادل النقاش معهم لاكتشاف التجارب الدولية التي يمثلونها من أجل الاستئناس بها في صياغة نموذج مغربي، يلائم وضعية النيابة العامة الدستورية والقانونية، ويتلاءم مع إمكاناتها البشرية والمادية.
وأشار عبد النبوي إلى أن اضطلاع مؤسسة النيابة العامة بالمملكة المغربية بدورها رهين بتمكينها من الوسائل المادية واللوجستيكة والبشرية الضرورية لحسن سيرها، إذ أن الاستقلال المؤسساتي والحياد الفعلي للمؤسسة، يقتضيان لزوما ضمان استقلال هيكلي تم استقلال وظيفي وأخيرا استقلالا ميزانياتيا.
وتتمثل توصیات المجلس الإستشاري للوكلاء الأوروبین، في وجوب تمكین الوكلاء من الوسائل الضروریة للاضطلاع بمهامهم، مع الأخذ بعین الاعتبار كل التحدیات والتهدیدات التي تتصدى لها النیابة العامة سواء على الصعید الوطني أو الدولي، لاسیما الجرائم الناتجة عن العولمة والتطور التكنولوجي.
وأوصى المجلس الإستشاري للوكلاء الأوروبین كذلك، بتمكین النیابة العامة من آلیات ضبط وتقییم احتیاجاتها ومناقشة میزانیتها وتوظیف وتدبیر الموارد المرصودة، والاعتماد على مؤشرات القیاس المبنیة على معطیات جنائیة وإحصائیات دقیقة.
ولا یمكن للظروف الاقتصادیة والمالیة الصعبة، حسب توصيات المجلس، أن تؤثر على استقلالیة وحیاد وفعالیة النیابة العامة؛ كما یتعین تمكین مؤسسة النیابة العامة من توظیف ناجع وشفاف لوسائل التدبیر الحدیثة، عبر مؤشرات النجاعة ومؤشرات النتائج، مع تمكین النیابة العامة من الحریة في تحدید واختیار الأهداف التي تعتبرها ذات أولویة دون أن تفرض علیها سیاسات التقشف في المیزانیة.
كما أوصى المجلس بضرورة تمكین أطر النیابة العامة المكلفین بمهام التدبیر من تكوین في مجالات التدبیر والتسییر. ویتعین تقنین علاقات التعاون بین النیابة العامة والقطاعات الخارجیة بشكل واضح.
ویتعین استشارة مصالح النیابة العامة حول كل تغییر قد یطرأ على الغلاف المیزانیاتي المرصود لفائدتها. وعلى النیابة العامة أن تحرص على حیادها وأن تبرز شفافیة عملها بكل الوسائل بما فیها موقعها الإلكتروني ونشر تقاریرها السنویة. كما یتعین على النیابة العامة التفاعل مع المحیط الخارجي الوطني والدولي من أجل تبادل الخبرات والاستفادة من الممارسات الفضلى في مجال تدبیر مرفق النیابة العامة..
حضر افتتاح اشغال هذه الندوة الدولية، على الخصوص السادة محمد أوجار وزير العدل ومحمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، وخوسي لويس إيريرو رئيس مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، وسيدريك فيسار دو بوكارمي الرئيس السابق وعضو المجلس الاستشاري للوكلاء الأوروبيين، وقضاة النيابة العامة والوكلاء العامون بالمملكة وخبراء دوليون.
ويعتبر هذا اليوم الدراسي، فرصة للاستفادة من تجربة الخبراء الحاضرين في مواضيع مرتبطة بتنمية القدرات المؤسساتية في المجالين التدبيري والميزانياتي انطلاقا من الرأي الاستشاري رقم 7 للمجلس الاستشاري للوكلاء الأوروبيين لسنة 2012، وكذا من خلال استعراض الآليات الحديثة لتدبير مرفق النيابة العامة والمبنية على مؤشرات تخول تحديد الأهداف وقياسها ثم تقييم نتائجها على نحو يمكن من إضفاء الشفافية على عملها.
وتناقش هذه الندوة أربعة محاور كبرى يهم المحور الأول، الإطار المؤسساتي الملائم لاستقلال النيابة العامة واستقلالية تدبيرها المالي، ويتناول المحور الثاني، حسن تدبير حاجيات مؤسسة النيابة العامة وآليات التدبير الحديثة، فيما يركز المحور الثالث على التدبير الخاص برئاسة النيابة العامة بصفتها السلطة المكلفة بالإشراف على عمل النيابة العامة بالمحاكم ، فيما يسلط المحور الرابع الضوء على اعتماد مبدأ الشفافية وإطلاع الرأي العام على المهام التي تضطلع بها رئاسة النيابة العامة.