أكد محللون اقتصاديون على ضرورة إعادة الدراسة والتقييم للنظام الضريبي في المغرب نتيجة غياب دراسات ميدانية تقيم أثر وفاعلية الحوافز المالية التي توفرها الحكومة لدعم الاقتصاد، والتي تقدر كلفتها الإجمالية ب 32 مليار درهم، وهي الكلفة التي جاءت في تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول النظام الضريبي، والذي أشار فيه إلى أن المنظومة الجبائية تتميز بانعدام العدالة، الناتجة عن عدم التوزيع المنصف للضريبة. وأظهرت مجاميع الحسابات الوطنية أهمية المساهمات الاجتماعية ضمن المساهمات الإجمالية الإجبارية، حيث كانت المساهمات الاجتماعية في سنة 2007 تمثل 1،18 في المائة من نسبة المساهمات الإجبارية، لتنتقل النسبة سنة 2011 إلى 8،22 في المائة. وفي حال مقارنتها مع الناتج الداخلي الخام، فقد انتقلت من 4، 5 في المائة ستة 2007 إلى 8، 6 في المائة في العام 2011، خاصة وأن المساهمات المذكورة ظلت تقتطع من الأجراء والمقاولات، وبنسب أعلى للمقاولات مقارنة مع الأجراء، خصوصا في القطاع الخاص، حيث أن المساهمة الاجتماعية الخاصة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تمثل 5،18 في المائة، في حين تمثل بالنسبة للأجراء 29، 6 في المائة.
أما بالنسبة للقطاع العام، فإن نسب المساهمة الاجتماعية تبدو مرتفعة مقارنة مع القطاع الخاص، وهو الفرق الذي رفع من حجم المساهمات الاجتماعية، إذ ارتفعت قيمة المساهمات خلال الفترة مابين 2007 و2011 في المتوسط بنسبة 3،13 في المائة، وذلك بوتيرة نمو سريعة مقارنة بتلك المسجلة بالنسبة للناتج الداخلي الخام. خاصة وأن العائدات الضريبية عرفت انتعاشة كبيرة،حيث تطورت بنسبة 7،23 في المائة سنة 2008 و4،24 في المائة سنة 2012.
ويذكر أن النمو السريع لنسبة المساهمات الاجتماعية، قد أثار مخاوف المقاولات والأجراء، ما دفع بالحكومة للتدخل من أجل التأكيد على الظرفية التي صاحبت النمو من جهة، و ديمومته من جهة أخرى.
وكان نزار بركة وزير المالية والاقتصاد قد أكد على أن ضريبة المساهمة الاجتماعية للتضامن ستفرض على الأفراد والمقاولات، خلال ثلاث سنوات المقبلة فقط، في انتظار البحث عن موارد ومصادر بديلة لتمويل تدخلات صندوق التماسك الاجتماعي.
وأضاف بركة أن هناك خيار إضافة شطر آخر لأشطر الدخل الخاضعة للضريبة على الدخل، لكن لم يتم اعتمادها، لكونها تتنافى مع التزامات الحكومة بدعم الطبقات المتوسطة.
وكان قرار إخضاع الأجراء إلى المساهمة الاجتماعية للتضامن، قد أثار أيضا ردودا من مختلف الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، حيث اعتبر صلاح الدين القدميري، نائب رئيسة الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب، أن ذلك الإجراء لن يساعد على عملية هيكلة المقاولات الصغرى، والمتوسطة، حيث يهم أجور الأطر التي تبقى ضرورية لتلك المقاولات.
واعتبر الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب، أن فرض ضريبة إضافية على الأجور العليا، سيكون له انعكاسات على كلفة اليد العاملة المؤهلة بالنسبة للمقاولات، خاصة وأن الأطر عادة ما تطالب بالأجر الصافي في تفاوضها في عملية التشغيل. وفي كل الأحوال يضيف القدميري، فإن هذا النوع من الضرائب تتحمله المقاولة، وستكون مضطرة في المقابل، إلى إضافة مبلغ الضريبة في احتساب الأجر الإجمالي.
ومن جهتها انتقدت الفرق البرلمانية إخضاع ذوي الدخول التي تعادل 25 ألف درهم للضريبة، وطالبت بضرورة تعديل الوعاء الضريبي الذي اعتمد في مشروع قانون المالية، من أجل تحصيل المساهمة الاجتماعية للتضامن.
يشار إلى أن الشركات المساهمة في دعم التماسك الاجتماعي قد بلغ عددها 189 شركة، من الشركات الوطنية التي يتجاوز مبلغ الربح الصافي للسنة المحاسباتية المصرح بها برسم الضريبة على الشركات في العام 2012، أزيد من 50 مليون درهم، فيما بلغت القيمة المالية لمساهمة تلك الشركات إلى حدود شهر يونيو سنة 2012، ما مجموعه مليار و 900 مليون درهم، حسب تقرير لوزارة المالية والاقتصاد.
ويهدف الدعم الموجه من الشركات إلى تقوية التماسك الاجتماعي للأسرة المغربية، وخاصة المساعدة الطبية الممثلة في برنامج"راميد" ،ودعم تمدرس التلاميذ من الأسرة المعوزة، وغير ذلك من الحالات التي تتطلب المساعدة.
وحسب هذا الاجراء الجديد فإن الشركات التي يتراوح مبلغ الربح الصافي فيها بين 50 مليون درهم، وإلى 100 مليون درهم، مطالبة بالمساهمة في دعم التماسك الاجتماعي ب5، 1 في المائة، أما الشركات التي تتجاوز 100 مليون ستبلغ نسبة مساهمتها5، 2 في المائة، وكلا النوع من الشركات سيقومان بأداء مساهمتاهما بصورة تلقائية لدى قابض إدارة الضرائب القريبة من مقراتها.
يشار على ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اقترح في تقريره الرفع التدريجي من عتبة الإعفاء من الضريبة على الدخل من 2500 إلى 4000 درهم شهريا، بهدف الرفع من القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المتواضع، مع وضع جدول تصاعدي للضريبة على الشركات، يستند إلى الناتج التي تطبق عليه الضريبة، والعمل على إقرار ضريبة تضامنية على الميراث غير المنتج إلى جانب العديد من المقترحات الأخرى التي جاء بها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي نشر في شهر أكتوبر العام 2012، ومنها رفع معدل المساهمة الاجتماعية إلى 22 في المائة على الدخل المحدد في 5 آلاف درهم.
ودعا المجلس إلى اعتبار الضريبة عاملا من عوامل تدعيم وإرساء الرابط الاجتماعي والتعبير عن التضامن، وهو ما يستدعي القيام بإصلاح ضريبي، ليس على المستوى التقني، وإنما إصلاحا سياسيا، يمثل جزءا من المراجعة العامة لآليات التحفيز الاقتصادي وإعادة التوزيع.