لا إطلاق كلمة التماسيح يليق بخصوم بنكيران ولا العفاريت تصلح كلقب للأيادي الخفية التي تبيع الوهم للمغاربة وتشتري منهم صبرا طويل الأمد على الفساد والإفساد بثمن بخس ، ولا مصطلح الضفادع يناسب ساستنا ، لأن هؤلاء وأولئك ببسيط العبارة ثعالب ماكرون ، وإن تعجبوا من هكذا قول فالعجب منا ومن ثعالبنا يتعجب . نعم يا سادة الثعلب لا يمتلك قوة ليث مفترس ولا أنياب تمساح قاتل ، ولا بأس عفريت ومع ذلك فقد فرض نفسه بعالم الاقوياء بدهائة ومكره وخديعته فهو يسخر مكره لمصلحته الخاصة ،ومما يروى من حيل الثعلب ما رواه الدميري عن الإمام الشافعي أنه قال: كنا في سفر في أرض اليمن فوضعنا سفرتنا لنتعشى، وحضرت صلاة المغرب فقمنا نصلي، ثم نتعشى فتركنا السفرة كما هي وقمنا إلى الصلاة، وكان في السفرة دجاجتان، فجاء ثعلب فأخذ إحداهما، فلما قضينا الصلاة أسفنا عليها وقلنا حرمنا طعامنا، فبينما نحن كذلك إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كأنه الدجاجة فوضعه فبادرنا إليه لنأخذه ونحن نحسبه الدجاجة قد ردها فلما قمنا جاء إلى الأخرى وأخذها من السفرة، وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه فإذا هو ليف قد هيّأه مثل الدجاجة. وهنا لن نحيد عن سكة الصواب إن قلنا أن ساستنا ومن يتحكمون في صنع القرار بهذا البلد " مراضعين " مع الثعالب ، فهم يوهموننا بأنهم ردوا لنا حقوقنا السياسية وخيراتنا الاقتصادية وباقي الحقوق المغتصبة ، غير أنهم في حقيقة الأمر لا يردون لنا إلا أوهاما يصنعونها لنتهافت عليها ليأخذوا في غمرة تهافتنا على تلك الأوهام ما تبقى من خيرات ، وليصنعوا بنا ولنا ما صنع الثعلب للشافعي ورفاقه ... سياستنا سياسة ثعالب ، وساستنا ثعالب إلا من رحم الله ، وكل ما يجري ويدور من حولنا من نهج الثعالب يستمد قوته ، ومن تلك السياسة وبذلك النهج أمست حياتنا " مثعلبة " ، فلا حاضر إلا الماضي ، والخوف كل الخوف على مستقبل يكون حاضره شبيها بمثل هكذا حاضر ، ولو يعلم الساسة والسادة المسؤولون ما في وفاء الثعلب لأنثاه من دروس وعبر لما تكلمنا بمثل هذه النبرة ، ولما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تهكم الشعوب علينا ، ومن مرارة الإحساس بالانتماء لمثل هكذا وطن . أي نعم الثعلب لا دين له ، لكنه رمز لوفاء قل نظيره في عالم البشرية ، والمخطئ أكبر الخطأ من ظن أن الثعلب لا وفاء له ، والواهم من شك في إمكانية تلون الثعلب وتنكره لصاحبته الأولى ، فهذا المخلوق ثبت أنه لا يرتبط بنصفه الآخر إلا مرة واحدة في العمر، فإن قدر الله وسبقته أنثاه إلى عالم المنية والنفوق فإنه يبقى وفيا لها مخلصا لذكراها راضيا بالعزوبية فيما تبقى له من العمر ، ولو أن ساستنا ومن هم في مراكز المسؤولية ومن يتحكمون في كل كبيرة وصغيرة بهذا البلد تركوا ما للثعلب من مكر وخداع واستفادوا من خصلة الوفاء عنده لكان خيرا لهم ولنا دنيا وآخرة ، ولما حار بنكيران والشعب في البحث عن أوصاف تليق بهم وبأفعالهم . الله يهديهم علينا ولينا ...