صحيح أن الجريمة واحدة، ولكن الروايات متعددة، خصوصا وإذا كان القتل بحجم الزلزال الذي مسح بجرة مسدس ممزوج بغضب بركاني عائلة برمتها فيها زوجة القاتل محمد بوعيّاد، الشرطية مثل زوجها بولاية أمن القنيطرة، وفيها والداها. صحيح أيضا أن خصاما حادّاً وقع بين الزوجين بسبب وجبة سمك اشتهتها الزوجة رشيدة تقوى ورفض بوعياد جلبها، إلا أن تفاصيله كما أوردناها في روايتي القاتل وأمه في "الأيام 24" مختلفة عن التفاصيل التي توردها عائلة الزوجة الهالكة، أو ما تبقى منها على الأقل.
لمياء تقوى كانت الشقيقة الأقرب إلى الراحلة رشيدة، وحسب مصادر قريبة من التحقيق، فإنه حوالي الساعة الثانية والنصف من يوم 5 فبراير الماضي الأسود، اتصلت لمياء بأختها للاطمئنان عليها، إلا أنها وجدت الجو في بيت رشيدة مكهربا، وأخبرتها شقيقتها أنها تشاجرت مع زوجها بوعيّاد لرفضه الخروج لقضاء بعض لوازم البيت.
أغلقت رشيدة الهاتف لأن الحرارة في المنزل كانت أقوى من حرارة خط الجوّال.
بعد ربع ساعة، رنّ هاتف لمياء، وكان صوت شقيقتها هذه المرة متشنجا، إن زوجها -حسب لمياء- وجه لها ضربة على مستوى رجلها وكال لها ما لا يطاق من الشتائم والسباب.
الهالكة رشيدة أخبرت أختها بأنها أشعرت والديها بما يجري من نزاع بينها وبين زوجها وأن الأمر لم يعد يطاق. ومرة أخرى تقول رشيدة لأختها إنها مضطرة لإقفال الخط لأن جرس باب الشقة يرن.
انتهى السيناريو بالنسبة للمياء هنا، لتخبر من طرف زوجها في حدود الرابعة بعد الزوال بالفاجعة، لقد فارقت أختها ووالداها الحياة برصاص صهرها، ولم يبق في ذاكرتها إلا صور الضحايا وهم ملطخون بالدماء في مستودع أموات مستشفى الإدريسي بمدينة القنيطرة.
تروي لمياء تقوى التي كانت تقطن بمنزل والديها الهالكين هي وشقيقتها لبنى أن العلاقة الزوجية بين أختها رشيدة وزوجها بوعيّاد كانت عادية إلى أن أنجبت بنتاً: "إن توتر العلاقة الزوجية بين أختي وزوجها جاء عقب وضعها لمولودها البكر الذي كان عبارة عن بنت وبوعياد كان يرفض أن تكون له بنت بدعوى أنها ستجلب له العار، خصوصا وأنه يستحضر حمل شقيقته خارج إطار الزواج ومغادرتها لمسكن والدته".
هذه هي بذرة الشقاق الأولى حسب لمياء، أخت الهالكة رشيدة، أما الثانية فإنها جاءت عقب استقرار والدة زوج أختها بوعياد بشقة الزوجين التي اقتنياها مناصفة، و"أن الطبع الحاد لوالدة الجاني وتدخلها في الحياة الزوجية للزوجين" زاد من تفاقم الأوضاع، مما كان يدفع الهالكة رشيدة تقوى إلى الاستنجاد دائما بوالديها.
لو كانت المرحومة رشيد تعرف أن والديها كانا سيقدمان حياتهما ثمنا للنزاع بينها وبين زوجها ما كانت لتستنجد بهما، ولكنه القدر وطبيعة البشر دائما، ومهما اختلفت الروايات فالقضاء هو الذي يمكن أن ينصف الأحياء، أما الأموات فإنهم بين يدي بارئهم، فاللهم ارحم الجميع.