أثارت تغريدة لوزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا المعبرة عن تضامنها مع أطفال غزة غضب الجالية اليهودية في فرنسا، آمرين إياها بالاستقالة الفورية. وقد جاء تضامن توبيرا هذا عبر تغريدتين أدلت بهما عبر حسابها على تويتر قائلة «ماذا سنقول إن علمنا بأن من بين الأطفال الذين قتلوا في غزة من كان يحلم بأن يصبح شاعراً، أو تروبادور (شاعر موسيقي في العصور الوسطى)، أو مهندسا معماريا؟». وغردت توبيرا مضيفة «إسرائيل – فلسطين: فشل جيلين. قانون دولي عاجز. لن ننسى أبداً أجساد الأطفال هذه!». وأنهت تغريدتها بهاشتاغ يدعو للسلام. وأثارت توبيرا بتغريداتها هذه سخط الجالية اليهودية، فما لبث وأن سخر لها موقع أخبار «أوروبا – اسرائيل» مقالاً بعد نقله للتغريدة، متهماً إياها ب«سكب الزيت على النار» وذلك لوصفها الإسرائيليين ب«الوحوش» وطالب باستقالتها وطردها من الحكومة. وأضاف الموقع أن رسالة توبيرا هي عبارة عن نداء يحثّ على «كراهية إسرائيل» فهي تتهمها ب«تعمد القتل» في الوقت نفسه الذي يتهم فيه المتحدثون باسم حماس إسرائيل ب«قتلها الأطفال». ولم تَطَل الاتهامات وزيرة العدل بل تعدت لتصل إلى الشابة التونسية الأصل سعاد سويد والمكلفة من قبل الوزيرة بمهنة «خدمة الوصول للعدالة وحماية الضحايا»، واتهمت الشابة بمعاداة السامية ووصفت ب«العاهرة» من قبل متطرفين يهود على حسابها في تويتر، وذلك لتضامنها مع شعب غزة. في الوقت الذي تغرد فيه وزيرة العدل الفرنسية ومساعدتها الشابة تضامنا مع أطفال غزة، لم يخف رئيس الوزراء مانويل فالس تضامنه التام مع يهود فرنسا، رافضا أن ينتقل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لشوارع وساحات فرنسا. وقد تناقلت الصحف والمواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية فيديو لحوار حاد بين فالس والمعارض اليميني النائب ورئيس بلدية مدينة نيس كريستيان إيستروزي يتنافسان فيه في مدى «التعاطف» والرغبة الجامحة «لحماية» الجالية اليهودية في فرنسا. وجرت مجادلة كلامية بين الإثنين خلال جلسة للبرلمان الفرنسي طالب فيها إيستروزي ب «حماية اليهود ومعابدهم من خطر المتظاهرين المتضامنين مع غزة». وأضاف إيستروزي «منذ عهد التحرير، وخلال تاريخ فرنسا بأكمله، هذه هي أول مرة تتم فيها محاولة اقتحام كنيس يهودي ومحل لسبب بيعه لبضائع يهودية». وطالب إيستورزي بمعاقبة هؤلاء الذين ينادون ب«اسرائيل قاتلة» وب«كلنا محمد مراح» (منفذ لعمليات قتل ليهود في مدينة تولوز في عام 2012 ) وأمر بأن يلاحقوا قضائياً، وأعرب عن تعاطفه التام مع يهود فرنسا وما يتعرضون له من «معاداة للسامية». ولم يأت رد فالس مخالفاً أكثر منه مكملاً لواجب فرنسا بالتعاطف التام مع الجالية الفرنسية. ولكن رده فيما يخص اتهامات إيستورزي بتخاذل الرئيس الفرنسي جاء مندداً ومطالباً «بضرورة توحد الأحزاب الفرنسية لتحل مسألة أن تصل القضية لساحات فرنسا» (نظراً لوجود جالية مسلمة وعربية مؤازرة ومتضامنة لما يحدث في فلسطين). وذكر فالس بأن مثل هذه الظواهر المهاجمة ل«اليهود» هي «هجوم على القومية» و«قيم الجمهورية» وطالب معارضه اليميني أن يقف في صفه بدلا من أن يشجع على التفرقة، ويوجه الاتهامات غير اللائقة للحزب الحاكم. وأشار فالس أيضاً بضرورة هذا التوحد في وجه من «يقتحمون الكنس» والذين يهاجمون «يهود فرنسا» فبنظره من يقتحم «كنيساً يهوديا» أو يهاجم «يهود فرنسا» فإنه بفعله هذا لا يهاجم «جالية» بل «الجمهورية الفرنسية» وقيمها بأكملها. وأشاد فالس بدور الشرطة الفرنسية التي تدخلت فوراً لتحمي «الكنيس اليهودي» كما أشاد بدور رئيس الجمهورية و وزير الداخلية لاستقبالهم لرئيس المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية وإظهار تعاطفهم. وأكد فالس بأن للجالية اليهودية «الحق بالشعور بالأمان والحماية» وصرح بأنه وفرنسا «بجانبهم». وفي إطارٍ آخر وفي الوقت الذي منعت فيه المظاهرات الداعمة لفلسطينييغزة من قبل وزارة الداخلية الفرنسية، سُمِح للجالية اليهودية والمتضامنين مع إسرائيل في التظاهر. وتناقلت المحطات الإخبارية صوراً وفيديوهات لهم يلوحون خلالها بأعلام فرنسا تلتصق بأعلام اسرائيل، يؤكدون خلال حوارات أجريت معهم بأن مظاهراتهم لم تنتج عنها أي «أعمال شغب» أو هجوم كالتي ظهرت للتضامن مع فلسطين.