إذا كان لدى الحكومة الأميركية أي أمل في محاكمة مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج عليها أولا أن تتخطى عقبة أساسية كبرى وهي قانون العقوبات القديم الذي تطبقه. وأحد أكبر العوائق أمام واشنطن في حال محاكمتها الاسترالي أسانج هو القانون الأميركي المتعلق بالتجسس ويعود إلى قرن مضى, ويقول الخبراء انه نادرا ما وضع قيد التنفيذ وعفا عليه الزمن. وقال خبراء أدلوا بشهادتهم أمام لجنة من الكونغرس الخميس الماضي أن قانون التجسس العائد لعام 1917 ويمكن أن يشكل أساسا لمحاكمة أسانج, تشوبه عيوب كبيرة. وقال المحامي آبي لويل في شهادته إن هناك «عيوبا في اللغة» والقانون القديم «يعنى بكلمات ليس لها معنى» في المصطلحات القانونية الحالية. وبعد تسعة أيام قضاها في السجن, أفرج قاض بريطاني الخميس عن أسانج. وقال في قراره إن مؤسس الموقع المثير للجدل يمكن أن يعترض خارج السجن على إمكانية ترحيله للسويد حيت يواجه اتهامات باعتداءات جنسية. والتهم المرفوعة ضد أسانج في السويد غير متعلقة بنشر موقع ويكيليكس وثائق يريد المسؤولون الأميركيون وقفها قائلين إنها أضرت بالأمن الوطني الأميركي. وأسانج نفسه أعرب عن «قلق» من أن السلطات الأميركية تلاحقه وقال إنه سمع شائعات بأن اتهامات رفعت بالفعل ضده سرا في أميركا. وقال للصحافيين بعيد إطلاق سراحه المشروط «سرت شائعة اليوم, أبلغني إياها محامي في الولاياتالمتحدة, وهي شائعة لم تتأكد صحتها, مفادها انه تم توجيه اتهام لي في الولاياتالمتحدة». ولن يتمكن المسؤولون الأميركيون من استخدام «قانون التجسس» لتوقيف أسانج (39 عاما) أو استخدام ذلك القانون لمنع نشر مثل تلك الوثائق المضرة في المستقبل. وأشار الخبراء في جلسة الخميس الماضي، إلى أن الغاية من القانون منع أعمال تجسس «كلاسيكية» يستخدم فيها الجواسيس أساليب الخلسة والمكر لجمع إسرار خاصة بالحكومات أو شركات الأعمال. غير أن القانون لا يصلح لمحاربة نشر تسريبات في «عصر رقمي» كالبرقيات التي نشرها ويكيليكس وقال انه سينشر ما يصل إلى 250 ألف وثيقة سرية في الأسابيع المقبلة. ويقول الخبراء إن القانون بحاجة لتعديلات أو حتى اصلاح كبير قبل اعتباره أداة مفيدة لحفظ الأسرار الأميركية. وقالوا أيضا إن الوقت ربما حان لإعادة النظر في مسألة تصنيف الوثائق في خانة السرية التي تستخدم بشكل مبالغ فيه. وقال المحامي كينيث واينشتاين إن هناك مخاطر في مباشرة المحاكمة بموجب القانون الحالي الذي وضع قيد التنفيذ للمرة الأخيرة في الحرب العالمية الثانية. وقال إن «المخاطر بالنسبة للحكومة كبيرة جدا» نظرا للحرص الدستوري على حق حرية التعبير وهو مبدأ بغاية الأهمية في الولاياتالمتحدة. وقال واينشتاين «من الصعب التكهن بما قد تطلبه المحكمة كأدلة على النوايا والضرر على الأمن الوطني قبل الإذن بمباشرة المحاكمة, إذ إن أي مؤسسة إعلامية لم تمثل أمام المحكمة بتهم التسريبات مما يجعل هذا المجال غير معروف». وفي تلك الأثناء ذكرت نيويورك تايمز الخميس الماضي، أن مدعين في وزارة العدل الأميركية يحاولون بناء دعوى تستند على أن اسانج لعب دورا في تشجيع المجند برادلي مانينغ, الجندي المسؤول المفترض عن تزويد ويكليكس بالوثائق, لسرقة البيانات من كمبيوتر حكومي كان يستطيع الدخول إليه. وذكرت الصحيفة أن «الأشخاص المطلعين على القضية قالوا إنه يبدو أن الوزارة تميل إلى احتمال مقاضاة أسانج كشريك متآمر في التسريبات, لأنها تتعرض لضغوط كبيرة لجعله مثلا للحؤول دون مزيد من التسريبات الكبيرة للوثائق الالكترونية على شبكة الانترنت». غير أن رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جون كونيرز أعلن في الجلسة أن هناك مصالح أخرى تتقدم في القضية وهي مبدأ حرية التعبير «المقدس». ووافقه على ذلك زميله الديمقراطي الذي قال إن «السرية هي علامة الدكتاتورية».