مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة لمناقشة عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات    توقيف ثلاثة أشخاص بالناظور للاشتباه في تورطهم بالتهريب الدولي للمخدرات    ل"محاصرة بوحمرون".. الحكومة تتخذ إجراءات جديدة هذه تفاصيلها    وزير الداخلية الإسباني يكشف مستجدات فتح الجمارك في سبتة ومليلية    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    افتتاح معرض اليوتيس 2025 بأكادير    رونالدو يطفئ شمعته الأربعين..ماذا عن فكرة الاعتزال؟    الحكومة تكشف نسبة المشاركة في الإضراب العام    اخشيشين يؤكد دور الدبلوماسية البرلمانية في توطيد التعاون بين الدول الإفريقية المنتمية للفضاء الأطلسي    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    بدر هاي يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل اعتقاله    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    اتفاقية جديدة تمنح تخفيضات للشباب لشراء السكن من "العمران" في مدن الشمال    قيوح يشدد على مصالح وزارته بضرورة تعزيز الشفافية وتسريع معالجة الشكايات    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    منتدى "النكسوس" يقترح حلولا مبتكرة لتحديات التغير المناخي    استعداداً لحملة ضد "بوحمرون".. وزراة الصحة بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية تطلب من أولياء التلميذ الموافقة على الاطلاع على الدفاتر الصحية لأبنائهم    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    "ستيلانتيس القنيطرة" يطور الإنتاج    وزير الدفاع الأمريكي: إسرائيل أوثق حليف للولايات المتحدة    ألباريس: إسبانيا ترفض استقبال فلسطينيين في حال تهجيرهم من غزة    عضو في الكونغريس الأمريكي يضغط على قيس سعيّد ويقترح قانونًا لمعاقبة نظامه    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    معرض للفن الإفريقي المعاصر يحول مراكش إلى وجهة فنية    إنتاج التمور في الدول العربية.. ما مدى تقدم المغرب في الإنتاج والجودة؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية يومي 7 و8 فبراير الجاري    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    المغرب يحقق رقماً قياسياً في توافد السياح خلال يناير 2025    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    كأس انجلترا: نيوكاسل يؤكد تفوقه على أرسنال ويتأهل للمباراة النهائية    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه القانون: المحاكمة العادلة حلقة الارتباط بين الدولة والقانون
نشر في بيان اليوم يوم 02 - 11 - 2010

منذ استقلال المغرب ظل مطلب استقلال القضاء والحق في المحاكمة العادلة قائما. لا تمر محاكمة من «المحاكمات الكبرى» التي يشهدها المغرب دون إثارة عدم توفير شروط المحاكمة العادلة. عيوب الكثير من المحاكمات يحرص محامون على طرحها، وفي بعض الأحيان تضطر هيأة الدفاع إلى الانسحاب احتجاجا على عدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وفي كثير من المناسبات يكون هذا الاحتجاج مقبولا ومفهوما.
المحاكمة العادلة، كمفهوم وكقواعد وكممارسة، لا تخضع لمنطق «الخصوصية» ولا ينبغي أن تسير على هذا النحو وإلا سقطت في المحظور. وبرأي فقهاء قانون، إن «المحاكمة العادلة تمثل حلقة الارتباط بين الدولة والقانون، وهذا الارتباط هو الممارسة السليمة للقانون» والممارسة السليمة تقتضي في البداية وفي النهاية إعمال المواثيق الدولية بملائمة القوانين الوطنية معها.
المادة 14من العهد الدولي، الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنص صراحة على الحقوق الأساسية للمتهم وعلى شروط الحق في المحاكمة العادلة.
منذ البدء، تعتبر المادة المشار إليها أن «الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون».
ومبدأ العلنية ليس دائما مكفولا، إذ أن ذات المادة تحرم وسائل الإعلام من متابعة محاكمات معينة، لكن في إطار القانون. في هذا الصدد تقول نفس المادة «يجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال».
إن أركان المحاكمة العادلة ترتبط بجملة من الشروط، منها ما يتعلق باستقلالية القضاء وبسير أطوار المحاكمة، ومنها ما يقترن بظروف الدفاع. وأولت بنود العهد الدولي لخاص بالحقوق المدنية والسياسية أهمية لمسألة الدفاع. لقد أكدت على «أن يعطى للشخص من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه...».
والإعداد للدفاع، حسب رجال القانون، يقتضي توفر الضمانات التي تسمح للمحامي بان يمارس دوره في الدفاع عن موكله وفق ظروف قانونية مقبولة. وتذهب تفسيرات فقهاء القانون أن تعيين المحامي لا ينبغي أن يقتصر على الحضور الشكلي، وأن أي عرقلة لمهمته تحول دون المساهمة في تحقيق المحاكمة العادلة.
ومن مقتضيات المحاكمة العادلة، وفق المواثيق الدولية، حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا، وحقه بأن يتمتع أثناء النظر في قضيته بضمانات دنيا، منها إعلامه سريعا وبالتفصيل، وبلغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها، وأن يحاكم دون تأخير لا مبرر له، وأن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام،و أن لا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.
وإذا كانت إمكانية الخطأ واردة في العمل القضائي، فإن المحاكمة العادلة تقر تمتيع الشخص الذي أنزل به عقاب نتيجة ذلك بتعويض وفقا للقانون.
ميدانيا، ينتقد المحامون خلال مرافعاتهم أو على هامشها، سيما خلال المحاكمات الكبرى، عدم احترام حصانة الدفاع وعدم الاستجابة لملتمسات من شأنها تعزيز المحاكمة العادلة. ومن بين المشاكل التي تطرح في هذا المضمار ما يتعلق بالإثبات. ذلك أن الاتجاه السائد لدى قضاة المحاكم الابتدائية هو تعليل أحكام الإدانة بناء على التصريحات المدونة في محاضر الشرطة القضائية. ومعلوم أن القانون المغربي يعتبر المحاضر وسيلة إثبات أساسية في مواجهة المتهم ولا يوثق بمضمونها إلا إذا ما ثبت العكس، وهو ما يحد من حقوق المتهم.
ويربط المنتقدون إشكالية المحاكمة العادلة في المغرب بمسألة استقلالية القضاء، الذي ما زال خاضعا لعدة تأثيرات. كما أن ممارسات وسلوك مختلف الفاعلين في حقل القضاء له دور في بلورة مشروع استقلال القضاء واحترام مقتضيات المحاكمة العادلة.
عموما، إن تكريس العدالة الجنائية هو تكريس لحقوق الإنسان التي لا ينازع المغرب فيها رسميا. لقد بدل المغرب مجهودا على مستوى تحديث قطاع العدالة، وعلى صعيد الانفتاح على العهود والمواثيق الدولية ذات صلة بحقوق الإنسان. لكن بالموازاة مع أنجز، وأخذا بعين الاعتبار لانتظارات المجتمع وفعالياته الحقوقية، تظل العدالة في بلدنا مطبوعة باختلالات تتطلب إصلاحات عميقة. ومن أهداف هذه الإصلاحات، بل وفي صلبها، ينبغي أن تكون قضية تمتع الأشخاص بحقوقهم وحرياتهم حاضرة بقوة، وفي انسجام كامل مع أمن واستقرار المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.