خيط الأشعار المطرزة والموسيقى المنسوجة تحت عنوان «خيط الأشعار المطرزة والموسيقى المنسوجة» تنطلق يوم 28 أكتوبر بمدينة الصويرة الدورة السابعة من مهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي تنظمه «جمعية الصويرة موغادور للفنون والثقافة والتراث»، وهي الجمعية التي عودتنا على إقامة المهرجانات الكبيرة مثل مهرجان كناوة العتيد الذي سارت بذكره الركبان إلى ما وراء الحدود حيث صار للفن الكناوي عشاقه عبر العالم وهو التراث المغربي المحلي الذي عانق الأبعاد الكونية، وما كان ليتأتى له ذلك دون مهرجان الصويرة الكبير الذي يستضيف بشكل دوري إلى جانب المجموعات الكناوية، كبار المبدعين في فنون ذات أصول افريقية كالجاز والبلوز أو الغوسبل، فتجتمع بهما المتعة والفائدة... قد يبدو هذا الكلام خارج السياق ونحن بصدد الحديث عن مهرجان مختلف في مبناه ومعناه لكن الطاقم المنظم واحد، والفضاء المحتضن واحد، والمحتفى به أيضا واحد، والأهداف المرجوة واحدة في المهرجانين معا. وهذه العناصر كفيلة بمنحنا نسخة سابعة من الأندلسيات الأطلسية تحمل قيمة مضافة لكل المهرجانات التي تحتفي بالخصوصية الثقافية الوطنية، و تعلي شأن التراث المتنوع، المتعدد والضارب بجذوره في عمق أرضنا الخصبة المعطاء. مهرجان الأندلسيات الأطلسية بالصويرة هذه السنة سيحتفي بأحد الفنون التي تحيل على الرقي الحضاري لوطننا المغاربي الكبير في تنوعه وتعدده وقيم التعايش والانفتاح التي كانت دائما عقيدته ودليله، فن المطروز هذا التراث المغاربي اليهودي تراث ذو أصول أرستقراطية وان كان من يبدع فيه من عامة الشعب، وما زالت تتألق في أداءه العديد من الأصوات في كل من المغرب والجزائر وتونس وقد تم تحويل جزء غير يسير منه الى أمداح الرسول الإسلامية، والمطروز كإبداع غنائي ليس سوى وجها واحدا وبسيطا من أوجه حضور الطائفة اليهودية وإسهامها في المشهد العام للموروث الثقافي المغاربي. ومن حسنات مثل هذه المهرجانات أنها ترمم الشرخ في أجزاء من ذاكرتنا الجمعية وتحول بين هذه الكنوز وبين الضياع عبر تعريف الأجيال الناشئة بقيمة هذا التراث وأصوله، ورد الاعتبار لرجالاته ورموزه مسلمين ويهود على حد سواء، أو كما يقول أندري أزولاي أن المهرجان يعكس غنى وعمق الوطن المغاربي المتعدد الذي يطرب بكيفية موحدة لإيقاعات موسيقى بدون حدود. ويضيف قائلا خلال الندوة التي سبقت الإعلان عن تاريخ الدورة السابعة لمهرجان الأندلسيات الأطلسية « أن الدورة ستكون محطة مهمة للاحتفاء بالموسيقى الراقية، في قالب شعري، مطرز بالأصالة والبهاء الموسيقي الرقيق، وهو ما يعطي للمهرجان قيمته ورونقه الفني الساحر. وأن الدورة الحالية، ستشكل مناسبة مهمة للقاء العديد من الفنانين المغاربة والدوليين للغناء والانتشاء بالموسيقى الساحرة، وهو ما يبرز الهوية والذاكرة والشخصية المغربية، يضيف رئيس جمعية «الصويرة موغادور للفنون والثقافة والتراث» مؤكدا على أن الصويرة ربحت هذا المهرجان الذي سيمنح خلال فعالياته على مدى ثلاثة أيام، العديد من الجوائز للمتألقين، كتعبير عن سمو الموسيقى وقيمة للفنانين المشاركين في مدينة الصويرة التي ستظل مدينة التاريخ والثقافة الجميلة، والتسامح والقيم الإنسانية والتعايش الكوني. حياة المهرجان اختار مهرجان الأندلسيات الأطلسية، لدورته السابعة، أن تكون خيطا من الذهب والنور، خيط الأشعار المطرزة والموسيقى المنسوجة من فن المطروز ليسلط الضوء على جمال ورونق وثراء هذا المهرجان، مهرجان العاطفة، والأصالة والحداثة بمختلف أشكالها. خلال ثلاثة أيام، ستقتحم الموسيقى الأندلسية والمطروز العربي اليهودي والمغربي الإسباني، والفلامنكو، والملحون خشبة باب المنزه والفضاء الصوتي الرائع لدار الصويري، هذا الموعد الذي بات الآن ضروريا ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لعشاق الموسيقى الأكثر صعوبة في الإرضاء. سيترك أستاذ كبير وأوركسترا رائعة بصمة فريدة في هذه الدورة. ويتعلق الأمر بأوركسترا الحاج عبد الكريم الرايس من فاس، بقيادة محمد بريول، التي سوف تحيي جميع ليالي المهرجان تقريبا، بشكل جديد ومبتكر في كل مرة. وبالفعل، دعا السيد محمد برويل جوقة (كورال) (هيفرات دافيد حامليش)، القادمة من مدينة ستراسبورغ لتشاركه الخشبة يوم الخميس 28 أكتوبر، حيث ستقدم لنا المازورة الصحيحة لاستمرارية مدرسة الموسيقى اليهودية العربية التي لم يؤثر عليها لا الزمان ولا المكان. في مساء اليوم ذاته، يلتحق الفنان الحاخام المطرب حايم لوك بجوق مدينة فاس، في أحد أقوى وأبرز عروض هذه السنة، لإحياء أجمل وأقوى أغاني المطروز. في اليوم التالي، تخصص مدينة الصويرة ظهيرة للاحتفاء بالأغاني والأشعار التي لا طالما لازمت إيقاعاتها الحياة اليومية للصويريين. وقد أعد الأستاذ شطريت ومرافقوه من موسيقيين ومغنيين هذا البرنامج الذي ستكتب بصماته بحروف من ذهب في سجلات التاريخ، والذي سيوضح ويفسر معاني أشعار المطروز المطرزة وموسيقاه المنسوجة. كما تستضيف مدينة الصويرة يوم الجمعة مرة أخرى وبنفس الحفاوة والحماس المطربة ريموند البيضاوية برفقة الفنان مصطفى الركراكي وفرقته الموسيقية. ستكون هذه السهرة فرصة كذلك للاستماع إلى دويتو فريد من نوعه يجمع الفنانة فرنسواز أطلان بالمطرب عبد الرحيم الصويري في لقاء مميز للمطروز المغربي الاسباني يفتتح الحفل الموسيقي الذي يحييه عبد الرحيم عبد المؤمن، مساء اليوم نفسه ستغوص بنا المطربة الرائعة فلامنكا اسبيرانزا فرنانديز، رفقة فرقتها الموسيقية، في أعماق فن «كانطي خوندو» (الغناء العميق باللغة الاسبانية). من المنتظر أن يكون برنامج نهار يوم السبت ومسائه أقوى وأكثر كثافة، أولا من خلال الحفل الذي سيحييه الشاعر والمطرب الفلسطيني الكبير منعم عدوان. ثم، من خلال إحدى أهم مستجدات هذه الدورة السابعة، وهي مراسيم توزيع جوائز المطروز على الفنانين الذين تتوفر لديهم الموهبة والقدرة على حماية هذا التراث الرائع الذي أصبح اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، رمزا للحداثة و الجمال الهادئ في تراث بلدنا والثقافة المغربية على حد سواء. هذا الحدث جدير بأن يحتفل ويشيد به في حفلة لم يسبق لها مثيل. وهذا ما سيحدث من خلال السهرة التي تنظمها مدينة الصويرة في مساء اليوم ذاته، حيث ستجمع على نفس الخشبة أجواق كل من مدينة فاس ومكناس وطنجة بقيادة محمد بريول وبمشاركة أعظم المطربين والمغنيين المنفردين لأغاني الآلة والمطروز. سيفتتح الفنان عبد الرحيم الصويري العرض برفقة الفنان حايم لوك، وعبد الرحيم عبد المؤمن، ونور الدين طاهري ومجموعة كورال الملك دافيد من مدينة ستراسبورغ. هذا الحدث التاريخي سيسجل بحروف من ذهب في سجلات جميع الأندلسيات المنظمة في الصويرة نظرا للعروض الموسيقية في المقام الأول، ولكن أيضا بفضل التفكير والنقاش حيث تخصص، وكما جرت العادة كل عام، الصبيحات لمنتدى مفتوح للجميع في دار الصويري. كما أن الموضوع المطروح للنقاش خلال هذه الدورة يضاهي جودة البرنامج الفني والموسيقي، حيث من المرتقب مناقشة «تشارك الثقافات من أجل بناء فضاء مميز لمقاومة الرجعية والانحطاط».