الجنون قاسم مشترك بين العديد من أفلام المسابقة الرسمية السلوك الخارج عن المألوف أو الجنون، تلك هي السمة العامة الطاغية، التي يمكن الخروج بها من خلال مشاهدة الأشرطة القصيرة التي عرضت، حتى حدود أول أمس، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة. إلى حد أنه يمكن التساؤل: ألا يمكن إخراج شريط قصير دون الاضطرار إلى تناول موضوعة التغريب؟ بمعنى آخر: هل يستمد هذا النوع من الأفلام قوته ومناعته، من خلال تقديم سلوكات بشرية بكيفية لا تخلو من غرابة وخروج عن المألوف بالضرورة؟ طبعا، هناك قضايا أخرى كثيرة تناولتها هذه الأشرطة، لكن معظمها، يصب في الإشكال نفسه: عدم استقامة الإنسان. هذا السلوك غير السوي، يتم تفسيره بطريقة أو أخرى، بالضغوط التي يفرضها المحيط، سواء كان هذا المحيط: الأسرة، كما هو الحال في الشريط الفرنسي»ذلك اليوم»،حيث ستقوم الزوجة بتحنيط زوجها، عوض القيام بمراسيم الدفن. وكذا في الشريط المغربي «ندوب»، الذي ستضطر فيه البطلة أن تعاقب أحد الأطباء بكيفية سادية؛ لأنه كان يغتصب النساء، وهنا سنجد أنفسنا أمام حالتين شاذتين: اغتصاب الطبيب للمريضات عوض أن يكون أهلا للثقة والمسؤولية الموضوعة على عاتقه، ثم حالة السيدة التي قررت الانتقام من هذا الطبيب، عوض اللجوء إلى القضاء. وقد برر مهدي السالمي، مخرج شريط «ندوب»، تناوله لموضوع الانتقام، بأنه هدفه الأساسي، لا يقف عند عملية الانتقام في حد ذاته، بل ما يهمه بالأساس، هو تقديم نموذج آخر للمرأة، أي تلك المرأة القوية القادرة على انتزاع حقها بيديها، وليس تلك الصورة النمطية للمرأة باعتبارها الخاضعة الخنوع، غير أن زاوية المعالجة هاته لم ترق للعديد من المتتبعين، حيث تمت مؤاخذة المخرج، بكونه لا يعدو أن قام بمحاربة الشر بسلوك شرير غير مقبول، لكنه أكد على أنه ليس هذا قصده من وراء إخراجه لشريط «ندوب»، بل أراد الاحتفاء بالمرأة غير الضعيفة، وأن ما قامت به البطلة، ليس عنفا، بل هو عقاب بالأحرى المخرجة اليونانية صوفيا إكسارشو، كانت معالجتها لموضوع شريطها»ميسيسنا» عميقا-مع التذكير بأن العنوان هو إحالة على فرقة موسيقية تحمل الإسم نفسه- ويتجلى عمق الشريط، في أن المخرجة، عزفت على أوتار الأحاسيس الباطنية، لكنها بدورها لم تنفلت من تيمة الغرابة، من خلال متابعة سلوك فتى يافع، يحاول معاكسة المشيئة الطبيعية. هذه التيمة نفسها، عالجها المخرج الإيطالي إيمانويل فلنجيني، في شريطه «سأنام جيدا هذه الليلة»،حيث سيلجأ البطل إلى الإدمان على المخدرات لتسكين آلامه الناجمة عن إصابته بمرض عضوي، معاكسا بذلك الطبيعة والعلاج السوي. ورغم اختلاف شريط «تنديد» للمخرج التونسي وليد مطر، عن الأشرطة المعروضة،خلال اليومين الأولين، ضمن المسابقة الرسمية من حيث ابتعاده عن الطرح السوداوي للموضوع، واختياره للسخرية والتهكم الخفيف؛ فإنه هو كذلك عكس لنا حالة غير سوية، حيث لا يجد الناس من سلاح لمقاومة الكوارث والجرائم التي يرتكبها الآخر، سوى كلمات الشجب والتنديد. يتبين من خلال معظم الأشرطة المعروضة إلى غاية اليوم الثاني من المسابقة الرسمية للمهرجان، لجوء المخرجين إلى التغريب والشذوذ، مما يعطي الانطباع أن الفيلم القصير بالنطرإلى المدة الزمنية الوجيزة لعرضه،لا يحتمل السرد الطبيعي للوقائع، وانتظار ذروة الحدث، أو العقدة أو ما شاكل ذلك، بل يتم الاعتماد منذ الوهلة الأولى، على بسط حالة خارجة عن المألوف وتعقبها حتى النهاية، لضمان قوة الشريط. برنامج أفلام المسابقة اليوم الساعة الثانية والنصف صمت للمخرج التركي عزيز كابكورت شمس في الأعين للمخرج الايطالي لورينزو ثمانية ونيف للمخرج الفرنسي لوران تيسيي الدنيا لما تهتز للمخرج المصري أسامة عشم انتظار للمخرج البوسني دانييل بيريز نصف ساعة للجدة للمخرج الكرواتي بافلوفيتش الساعة السادسة مساء: نزهة للمخرج الكرواتي داليبور الجن للمخرجة الجزائرية ياسمين الشويخ سنوات الصمت للمخرج الاسباني مارسيل ليل جرح مفتون للمخرج التركي أوزتورك باب للخروج للمخرج المصري يوسف ناصر أبيض وأسود للمخرج المغربي منير العبار.