كرامة الفنان يجب أن تبقى فوق كل اعتبار الفنانون يتحملون جزء من المسؤولية عن الأوضاع التي يعيشونها يتحدث الأستاذ «محمد بوتاضوت» رئيس جمعية «أمود» للثقافة والفن بمدينة الدشيرة الجهادية، عن تقييم للوضع الذي يعيشه الفن بسوس، قائلا: إن «الفن بسوس عموما يعيش أزمة، والفنان يعيش أعراض هذه الأزمة، ويجب الإعتراف بأن الفنانين هم المسؤولون عن هذه الأوضاع...»، مسترسلا أنه «اعتبارا لهذه الأوضاع، أسسنا جمعية أمود بهدف رصد تطور الوضعية الاجتماعية للفنانين مع إعداد دراسات قطاعية وإصدار تقارير دورية بشأنها، كما نسعى داخل الجمعية إلى الالتفاف لمناقشة قضايا الفن برمته...»، بوتاضوت تطرق كذلك إلى أهم الصعوبات والمشاكل التي تواجه الجمعية خلال تحركاتها... في هذا الحوار يكشف الأستاذ «محمد بوتاضوت» بكل عفوية عن مسار الجمعية والأهداف التي تأسست من أجلها والعراقيل التي تواجهها... * أنتم تترأسون جمعية أمود، كيف كانت بداية الجمعية؟. - تأسست جمعية أمود للثقافة والفن في ماي 2009، بزنقة الشامخ، والمعروف عن هذه الزنقة أنها زنقة شعبية عاشت بها العائلة المعروفة في الوسط الفني ب»الشامخ» و لذلك تسمى زنقة «الشامخ»...، ومن حسن الصدف أن المقر الحالي للجمعية كان في الأصل بيت للمرحوم الحاج محمد ألبنسير، حيث كان حينها زاوية للفنانين يقصدونه كل يوم...، واليوم استطاعت الجمعية أن ترد له بعض الإعتبار واحتضنته محاولة منها ربط الماضي بالحاضر، وفتحنا الفضاء لكل الفنانين والمهتمين قصد إيجاد مبتغاهم في جمعيتنا... * ماهي أهم أهداف جمعيتكم؟. - منذ أن أسسنا هذه الجمعية ونحن نسعى إلى ترجمة الأهداف التي سطرناها منذ البداية ومن بينها، تنمية الوعي المهني لدى الفنانين الأمازيغ والرفع من مستوى المهنية، توحيد العمل المهني بين الفنانين الأمازيغ وتبادل الخبرات والآراء مع الهيئات والجمعيات الوطنية والدولية المشابهة، توسيع آفاق المعرفة لدى الفنانين الأمازيغيين بمناظرات ومحاضرات وتأليف وإصدار مجلات ودوريات ونشرات حول الفن، عقد شراكات مع مختلف الفاعلين التنمويين من مؤسسات عمومية، جماعات محلية وقطاع خاص، تشجيع المبادرات الفردية والجاعية الهادفة في جميع أنواع الفن، مع تحفيز الشبيبة المحلية على لعب دور فعال في كل عمل فني، الانفتاح على التجارب السابقة لفاعلين آخرين محليا، جهويا، وطنيا ودوليا... * بعد تأسيس جمعية أمود و بعد مرور شهرين على ميلادها، أطلقت مشروعا لتكوين الشباب في مجال الموسيقى، ماهو نوع التكوين الذي تقدمه الجمعية لمنخرطيها؟. - بصراحة، حرصت الجمعية منذ التأسيس، على أن تمنح لمنخرطيها تكوينا راقيا في مجال الموسيقى، لهذا عملت على توظيف إطار متخصص في الموسيقى، وسطرنا خلالها برنامجا متكاملا على مدار الموسم الجمعوي الحالي 2009/2010، واستقبلنا خلالها منخرطين شباب لهم رغبة جادة في تلقي دروس خاصة في التكوين الموسيقي، وانطلقنا في البداية بدروس في مادة «السولفيج» كما خصصنا خلال السنة أزيد من 16 وحدة دراسية موزعة حسب جدول زمني خاص... هذا كله كمحاولة من الجمعية للمساهمة ولو بشكل بسيط في احتضان وتكوين المواهب الشابة بمدينة الدشيرة الجهادية وإنزكان وأكادير... بالإضافة إلى انفتاح الجمعية على محيطها الخارجي، لتساهم في خدمة الشأن المحلي، إلى جانب أنشطة أخرى موازية تتمثل في اللقاءات الثقافية والفنية والاجتماعية... * ماهي أهم الأنشطة التي قامت بها الجمعية منذ تأسيسها إلى اليوم؟. - بخصوص الأنشطة التي قامت بها الجمعية لحد الآن أذكر من بينها «الدورة الأولى لمهرجان أمود _ دورة المرحوم الحاج محمد ألبنسير» حيث شهدت هذه الدورة عدة أنشطة ثقافية وفنية ووقفات تكريمية لبعض الفنانين، ونعمل حاليا على إخراج كتاب حول أعمال الندوة الفكرية التي عرفتها الدورة الأولى للمهرجان والتي شارك خلالها مجموعة من الأساتذة الباحثين في فن الروايس عموما وأغاني الحاج محمد ألبنسير خصوصا...، كما قامت الجمعية بأنشطة أخرى من بينها حفل غنائي لتخليد ذكرى المسيرة الخضراء والتي شارك في إحيائه مجموعة من الفنانين الأمازيغ من بينهم الرايس محند أجوجكل وسعيد أشتوك مزين والفنانة الشابة كريمة تمايورت التي بالمناسبة تستعد لإصدار «كليب» جديد يتضمن مجموعة من أغانيها... كما نظمت الجمعية معرضا خاصا للفنان التشكيلي «الحسين هندري» والذي عرض خلاله أزيد من 27 عمل فني... وبخصوص الدورة الثانية لمهرجان أمود فقد قرر المكتب المسير لجمعية أمود أن تكون هذه الدورة مفاجأة لسكان مدينتي الدشيرة الجهادية وأكادير، حيث نحاول جاهين منذ مدة أن تكون فقرات هذه الدورة مختلفة ومتنوعة بخلاف سابقتها... * تفكرون حاليا في إعطاء توجه وطني لجمعيتكم، هل هذا صحيح؟. - الآن نشتغل بمدينة الدشيرة الجهادية، لكننا نطمح مستقبلا أن نعطي لجمعيتنا بعدا جهويا ثم وطنيا، فبالفعل نفكر خلال الأشهر الأخيرة في تأسيس فرع الجمعية بمدينة تيزنيت، غير أنه لحد الساعة وفي حدود إمكانياتنا الخاصة والتجربة التي لا تتعدى سنة ونصف مازلنا نشتغل في الإطار المحلي، رغم اللامبالاة التي يستقبلنا بها بعض فاقدي حس العمل الجمعوي بمدينة الدشيرة، خاصة أثناء تقديمنا لمشروع مهرجان أمود في دورته الأولى وهذا ما اضطرنا إلى نقله لمدينة أكادير التي استقبلنا بها بحفاوة من قبل المسؤولين، وهذا ما منحنا شحنة كبيرة لتجاوز العديد من المشاكل... * كيف يمكنكم تقييم واقع الفن والفنانين بسوس؟. - في الظروف الراهنة لا يمكن في أي حال من الأحوال إعطاء تقييم جازم لواقع الفن بسوس، إلا أنه حسب تجربتي المتواضعة التي اكتسبتها في الميدان، يمكن القول أن الفن بسوس عموما يعيش أزمة، والفنان يعيش أعراض هذه الأزمة، ويجب الاعتراف بأن الفنانين يتحملون جزء كبيرا من المسؤولية عن هذه الأوضاع...، واعتبارا لذلك اقمنا بتأسيس جمعية أمود بهدف رصد تطور الوضعية الاجتماعية للفنانين مع إعداد دراسات قطاعية وإصدار تقارير دورية بشأنها، كما نسعى داخل الجمعية إلى الالتفاف لمناقشة قضايا الفن برمته، على جميع الأصعدة سواء الفنية، أوالاجتماعية، أوالتنظيمية، وهذا كله قصد إيجاد حلول جذرية لتجاوز المشاكل العويصة التي يتخبط فيها الفن والفنانون بهذه المنطقة، لكن للأسف شيء من هذا القبيل لم يتحقق بعد، لأن الفنانين، بكل صراحة، يحبدون الثرثرة في المقاهي والتراشق بالألفاظ فيما بينهم بدون تحقيق أي مبتغى..على أن يلتفوا حول الإطارات وأن يرتفعوا بأصواتهم للتعبير عن مواقفهم وانشغالاتهم، على اعتبار أن العمل الجمعوي يجب أن يملأه الحس النضالي والعزيمة الجماعية في تحقيق غايات نبيلة وانتزاع حقوق مشروعة، وأؤكد لكم أن كرامة الفنان يجب أن تبقى فوق كل اعتبار... * ماهي إستراتيجيتكم في العمل الجمعوي مستقبلا؟. - منتهى طموحنا هو نجاح الجمعية في ضمان تكوينات تجد صداها في المجتمع المدني، ولله الحمد فإننا في الجمعية نسير بوثيرة مستحبة لتحقيق الأهداف التي سطرناها منذ البداية... ووجب التذكير أن برامجنا هذه موجهة للعموم وللفئات المعوزة التي لا تستطيع ولوج مدارس ومعاهد خاصة للتكوين الموسيقي، فإستراتيجيتنا دائما هي البحث عن تكوينات جديدة قصد تقديمها للشباب الموهوب...