تستضيف مدينة الداخلة حاضرة إقليم وادي الذهب، معرض الفوتوغرافي محمد مرادجي ضمن الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما. ويعتبر مرادجي شاهدا حيا على فترات مهمة في تاريخ المغرب والعالم العربي، ووثق بالصورة عددا من الأحداث التي شغلت الرأي العام في التاريخ السياسي المغربي. وهو أول من أنشأ معهدا خاصا لتعليم كل فنون الفوتوغرافيا في الدارالبيضاء، وصدر له كتاب بعنوان «50 سنة من التصوير: مرادجي شاهد على العصر»، شكل وثيقة فعلية تداخل فيها السياسي والتاريخي والفني، بحكم أنه محطة أساسية ومفيدة لضبط الذاكرة الوطنية المغربية. كما يعتبر شاهداً وموثقاً بصرياً لمسار بلد بأكمله، بحرفية تعكس بديهية التقاط اللحظات المثيرة والسريعة بعين الصياد المحترف. ومرادجي رجل عصامي صنع اسمه بعمله المتواصل، منذ أن كان مجرد مصور في شوارع الرباط، إلى أن أضحى مصور الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، وأحد مصوري الملك الحالي محمد السادس. عمل على إنجاز العديد من الريوبورتاجات والأعمال والمعارض، مواكبة منه للتحولات التي عرفها المغرب على المستويات السياسي والثقافي والاقتصادي، وله الفضل في توثيق العديد من المناسبات والاتفاقات والمؤتمرات، من بينها زيارة رسمية للرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور للمغرب عام 1959، والزيارة التاريخية التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس عام 1960 إلى مكةالمكرمة، ومن ثم الى القاهرة حيث سيستقبل محمد عبد الكريم الخطابي رمز المقاومة المغربية، وسيتسلم كذلك دكتوراه فخرية بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وشهدت الزيارة أيضاً لقاء مع كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب. ووثق مرادجي زيارة الملك الأخيرة للأراضي المقدسة قبل وفاته عام 1961، ورصد أحداثاً سياسية أخرى كالتي سبقت انقلاب الصخيرات في عهد الملك الحسن الثاني عام 1971، ثم على المستوى العربي الخطاب الذي ألقاه الرئيس المصري الراحل أنور السادات في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) عام 1977، وسوى ذلك من الأحداث والتطورات التي يصعب حصرها. عن بداية شهرته، يقول مرادجي: «في أوج المشاريع التي كان يرعاها الملك الراحل محمد الخامس، حضر إلى «كاريان سنترال» والتقطتُ له صوراً تؤرخ للحدث. وبعد مدة، نشرت الصور في الجرائد بتوقيع مرادجي، فكانت إشارة إلى ميلاد مصور مغربي جديد. وأتذكر أنه حين شاهدتْ والدتي الصور، فرحت وشجعتني. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أتتبع خطوات الملك وأوثق حركاته بالصور». يضيف: «حين قرر المرحوم محمد الخامس أداء مناسك العمرة وأراد توثيق الزيارة، تذكر أن مصوره الفرنسي لا يمكن - بحكم ديانته - أن يُسمَح له بدخول تلك الأراضي، فاقترح عليه الراحل المهدي بنونة اسمي، فاستقبلني شخصياً وطالبني بالتقاط صور تذكارية له وحذرني من إتلاف الصور». علاقته الوطيدة بعدد من نجوم الأغنية المغربية والعربية مثل عبد الهادي بلخياط، نعيمة سميح، حياة الإدريسي ومحمود الإدريسي إلى جانب الفنانين المصريين كأم كلثوم، محمد عبد الوهاب والملحن بليغ حمدي والعندليب عبد الحليم حافظ وغيرهم جعلته ذاكرة لأسرارهم، ولعلاقته مع «كوكب الشرق» سحر خاص، يقول عنه مرادجي: « قررت أم كلثوم عام 1967 تنظيم سهرة في باريس لجمع الأموال للجيوش العربية التي شاركت في حرب 1967. وحين سمعتُ الخبر توجهت مباشرة الى هناك، ولدى انتهائي من التصوير حملت نماذج لأقدمها هدية لأم كلثوم والتقاط صورة معها. ولكنني عندما قدمت الصور لمدير أعمالها حملها إلى أم كلثوم، قبل أن يخرج علي حاملاً ظرفاً مالياً، فرددته له وقلت إني لا أريد إلا التقاط صورة مع أم كلثوم». ويضيف: «بعد ساعتين، خرجت كوكب الشرق واستفسرت عن سر عدم قبولي أي مبلغ مالي فكررت لها إنني لا أريد إلا صورة تذكارية إلى جانبها، في تلك اللحظة، طلبت مني إحضار ثلاث صور، كما طلبت مني عدم نشر صور سقوطها على الخشبة، مع ضرورة تقديم وعد بذلك، فتعهدتُ عدم نشرها. وعندها، قالت: «أنت لا تريد أخذ المال، فماذا تريد؟»، قلت لها أريد المنديل، فأمرت إحدى مساعداتها بإحضار المنديل، فقدمتْه لي. ولا أزال أحتفظ به رغم أنني تلقيت عروضاً لبيعه، لكنني رفضت، لأنني أعتبر أن ذكرياتي جزء مني». *كاتبة صحافية