هو ابن الأحياء الشعبية للمدينة القديمة في البيضاء. بين حي أزمور وحي فاس، عاش الطفل المشاغب محمد مرادجي شغب الطفولة، بين العمل كنجار عند أب الفنان عبد الهادي بلخياط و»سكليس» عند آخر، خبر المصور الشهير معنى الحياة وصعوبة العيش. إنه مرادجي، المصور الأكثر شهرة في المغرب. عن بداية شهرته، قال مرادجي في حلقة برنامج «سهران معاك الليلة»، التي بثت مساء أول أمس السبت: «في أوج الأوراش التي كان يشدنها محمد الخامس، حضر الراحل إلى «كاريان سانطرال» والتقطتُ له صورا تؤرخ للحدث، وبعد مدة، نشرت الصور في الجرائد بتوقيع مرادجي، فكانت إشارة إلى ميلاد مصور مغربي جديد، وأتذكر أنه حينما شاهدتْ والدتي الصور، فرحت وشجعتني... ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أتتبع خطوات الملك وأوثق حركاته بالصور»... وحول أسرار توثيقه للزيارة التاريخية للملك الراحل محمد الخامس سنة 1960، قال مرادجي: «حينما قرر المرحوم محمد الخامس أداء مناسك العمرة وأراد توثيق الزيارة، تذكر أن مصوره الفرنسي لا يمكن -بحكم ديانته- أن يُسمَح له بدخول تلك الأراضي، فاقترح عليه الراحل المهدي بنونة اسمي، فاستقبلني شخصيا وطالبني بالتقاط صور تذكارية له وحذرني من إتلاف الصور: «عنداك تقول ليا تحركو ليا التصاورْ»، خاطبني الملك الراحل... للمصور لشهير علاقات شيقة مع العديد من المشاهير. وفي هذا السياق، قال إن الراحل عبد الحليم حافظ كلف الراحل محمد عبد المطلب بالغناء في حفل زواجه على نفقة العندليب الذي تعذر عليه الحضور، بحكم مرضه، وذكر أن علاقته بعبد الحليم كانت وطيدة إلى درجة أن الأخير كان يزور بيت مرادجي كلما حل بالمغرب، و»كان يشترط علي شرب الشاي المغربي ب»الشيبة»، حسب قول المصور. ولعلاقته مع «كوكب الشرق» سحر خاص، يقول عنها مرادجي: «في سنة 1967، قررت أم كلثوم تنظيم سهرة في باريس لجمع الأموال للجيوش العربية التي شاركت في حرب 1967، وحينما سمعت الخبر، توجهت مباشرة لباريس، وحينما انتهيت من التصوير، حملت نماذج من الصور لأقدمها هدية لأم كلثوم والتقاط صورة معها، ولكنني عندما قدمت الصور لمدير أعمالها، حملها لأم كلثوم، قبل أن يخرج علي حاملا ظرفا ماليا، فرددته له وذكرته بأنني لا أريد إلا التقاط صورة مع أم كلثوم. وبعد ساعتين، خرجت كوكب الشرق واستفسرت عن سر عدم قبولي استلام أي مبلغ مالي، فكررت لها أنني لا أريد إلا صورة تذكارية إلى جابنبها.. في تلك اللحظة، طلبتي مني إحضار ثلاث صور، كما طلبت منيي عدم نشر صور سقوطها في الخشبة، مع ضرورة تقديم وعد بذلك، فتعهدتُ بعدم نشرها. وعندها، قالت: «أنت لا تريد أخذ المال، فماذا تريد؟»، قلت لها أريد المنديل، فأمرت إحدى مساعداتها بإحضار المنديل، فقدمتْه لي، ومنذ تلك اللحظة وأنا أحتفظ به رغم أنني تلقيت عدة اقتراحات لبيعه، لكنني رفضت، لأنني أعتبر أن ذكرياتي جزء مني، حسب تعبير بليغ حمدي.. ولمرادجي مع بليغ حمدي قصة جميلة: «تعرفت على بليغ حمدي عن طريق عبد الحليم حافظ، وأتذكر أنه في أحد أيام 1971، سهرت مع الملحن الكبير وأسمعني لحن أغنية «ألف ليلة وليلة»، وقبل سفره بدقائق، قرر أن يهديني عوده الذي صُنِع على مقاسه، والأجمل أنه قال في إهدائه: «أهديك مني هذا العود»، بمعنى أن العود جزء منه، ولهذا كما قلت، فالذكريات جزء مني»... وفي نفس الحلقة، تحدث مرادجي عن الذاكرة الكروية المغربية وتحدث عن الأب جيكو والحاج أحمد النتيفي، بيتشو، التباري، مالقا، البطاش، الزهر... وتحدث عن ذكريات المقابلة التاريخية بين المغرب وإسبانيا في سنة 1960 في إطار إقصائيات كأس العالم، وذكر بشكل جميل قول مدرب المنتخب للاعبيه بعد مشاهدة ملامح الخوف في ملعب «بيرنابيو» الذي عرف حضور 100 ألف متفرج: «أجدادكم احتلوا أرض أجدادهم، فهل تخافون من أبنائهم الصغار؟»... وحول أسباب شهرته الواسعة في مجال التصوير، قال مرادجي: «كيف لا أصبح مشهورا وأنا أرى جمال المغرب وتاريخه الذي يمتد ل12 قرنا، ولو لم أكن مغربيا، لتمنيت أن أكون مغربيا.. وإذا كان المشرق قد عُرِف بأنبيائه، فالمغرب يُعرَف بأوليائه وبركة شرفائه»، يختم مرادجي.