من الدولة الإمبراطورية إلى الدولة الوطنية قال الباحث محمد الطوزي، إن «الجدلية القائمة بين مفهومي الهوية والتعددية الاثنية قائمة وفق منهجي تاريخي تتحكم فيه مرحلتا تطور الدولة من الدولة الإمبراطورية إلى الدولة الوطنية، التي لا تخاف معاينة التعدد والاختلاف وتجانب التصور الإيديولوجي». وأضاف في الندوة الصحفية التي أقيمت يوم الجمعة الماضي بقاعة الندوات «قاعة القدس» والتي تمحورت حول موضوع «الثقافة والاندماج»، أن الهوية ترتبط أشد الارتباط بالنظام السياسي، المتمثل في العنصر الإمبراطوري الذي يطرح علاقة خاصة مع تشكل الهوية. وأشار إلى متخيل الدولة الوطنية يختلف تماما عن عنصر الدولة الإمبراطورية، الذي يطرح عدة تشنجات في مقدمتها ملفات سياسية، إدارية، اقتصادية... وأن التعدد الحاصل في الوقت الحالي لا ينفي الهوية. من جانبه، أوضح الباحث والكاتب عبد الحي المودن ، أن علاقة الهوية تقوم على أساسيين واحد تاريخي وآخر سياسي، لاسيما بعد سقوط جدار برلين حيث برزت تيار الليبرالية الذي يسعى إلى بناء مفهوم جديد يقوم على التعدد وحسن تدبير العلاقة مع الأقليات الثقافية والعرقية والدينية. وأشار في سياق حديثه، أن الأزمة الاقتصادية ساهمت بشكل كبير في تطور منحى فهم الهوية والتي أنتجت عند مجتمعات الغرب جدلا كبيرا حول طريقة التعامل مع المجموعات المهمشة، مستشهدا بأن ألمانيا قد فشلت بسبب الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى صعود النازية مكان الفاينر. وأفاد أمام الحضور، أن النقاش المطروح هو هوية بلدان الجنوب التي تخلصت من ترسبات الاستعمار واتجهت إلى بناء الدولة الوطنية الواحدة، والتي حاولت تدبير التعددية في ظل ضعف المؤسسات الديمقراطية. وختم مداخلاته، بأنه من الضروري فهم التساؤلات المطروحة بجماعات ما من أجل تجاوز الاختلالات التي تعاني منها الهوية في ظل تعدداتها العرقية والاثنية والدينية واللغوية، مع مراعاة عدم الخروج عن السياق العام للدولة الوطنية في إطار حداثة جديدة. ومن ناحية أخرى، أرجع الباحث حسن أوريد أن الإشكال المطروح هو وضع مفهوم الهوية في سياقه التاريخي، خاصة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث أصبح الفاعل الثقافي محددا أساسيا في تحديد الهوية كانتماء. وأضاف أوريد أنه أصبح من الصعب الإحاطة بمفهوم الهوية التي أنتجت العديد من السجالات بين العناصر المكونة لها كما يقول ماكس فيبر، مشيرا إلى أن ميشيل تايلر انطلق من فكرة أن أساس التبعية نابع من الاحتقار، وبذلك يكون الخطاب الهوياتي دالا على وجود أزمة ما داخل المجتمع. وفسر أن بناء الهوية يتركز على مقومات موضوعية تقوم على قيم مشتركة تشمل الكرامة والمواطنة الحقة، والذاكرة الجمعية، إلى جانب الاعتراف بحق الآخر في الاختلاف والإيمان بالمصير المشترك.