لقاء للاحتفاء بالجيل الأول من المهاجرين أكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أنه تلقى تعليمات من جلالة الملك من أجل إيلاء العناية اللازمة للمغاربة العالقين بليبيا نتيجة الاقتتال والعنف العشوائي الدائر بين الفصائل خاصة بكل من طرابلس وبنغازي، معلنا أنه على اتصال دائم بوزير الداخلية محمد حصاد، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، من أجل وضع كل الترتيبات الضرورية لترحيل المغاربة، ووضع كل ما يلزم رهن إشارتهم للمغادرة وعند وصولهم لأرض الوطن. وأكد بنكيران الذي شكل وضع المغاربة في ليبيا الرسالة المركزية التي وجهها لمغاربة العالم خلال تخليد اليوم الوطني للمهاجر، مساء أول أمس الأحد بالرباط، والذي خصص هذه السنة للاحتفاء بالجيل الأول من المهاجرين، (أكد) على بذل الحكومة كل ما في وسعها للاستجابة لمطالب ونداءات المغاربة في الخارج، مشددا على أنه، كرئيس للحكومة، يعتبر الجالية «أفرادا من عائلته»، مؤكدا أن العلاقة بين الحكومة والجالية علاقة لا تبنى على أساس مادي أو على ما تحوله الجالية من مبالغ مالية تساعد بها أفراد العائلة ومن تم اقتصاد الوطن، بل يحكمها القيام بالواجب من كلا الطرفين. بهذا الخصوص، وفيما يمكن اعتباره ردا توضيحيا على الخطابات التي تحصر الجالية في قالب مادي صرف، شدد رئيس الحكومة على أن العلاقة بين أفراد الجالية ووطنهم الأم ليست علاقة بين تجار مبنية على المشاححة وعلى قدر حجم مليارات الدولارات التي يتم إرسالها، بل هي علاقة حميمية غير قابلة للانفصال مبنية على المكارمة المطلقة والبذل المتبادل، مؤكدا أن الحكومة ملزمة بوضع البرامج الجديدة الضرورية التي تخص مختلف فئات المهاجرين، والتي سيتم الشروع في تنفيذها حال ما تتوفر الإمكانات لذلك. ولم يفت رئيس الحكومة الإشارة، في هذا اللقاء إلى الوضع الذي يحتله المغرب على المستوى الدولي، والتقييم الذي يحظى به من طرف المؤسسات الاقتصادية العالمية، كاشفا أن المملكة، حسب ما أخبره وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، اختيرت من بين 10 بلدان لاحتضان صندوق لتنمية إفريقيا يصل رأسماله 50 مليار دولار. كما لم يفت بنكيران أن يوجه خطابا تفاؤليا بخصوص المستقبل، قائلا إن المغرب «أصبح ينظر إليه كشريك، وكبلد ينعم بالاستقرار ويحظى بالثقة، وهو مقبل على أيام جميلة» موجها في ذات الوقت رسالة مشفرة بخصوص محاربة الفساد، واجتثاث الزبونية والمحسوبية، وتنظيم مباريات للاختيار سواء بالنسبة لمناصب المسؤولية بعدد من القطاعات الوزارية أو على رأس المؤسسات العمومية.. وشدد مخاطبا مغاربة العالم الذين حضر منهم حوالي 150 مهاجرا ومهاجرة يمثلون المهاجرين بمختلف بلدان المعمور، على أن الزمن الذي كان الكل يأخذ نصيبه من الدورة الدموية بالحصول على وظيفة قد ولى، وأن المباراة هي الفيصل، مشيرا إلى أهمية التكوين وامتلاك الكفاءة في مجالات يطلبها سوق الشغل حتى يصبح المرشح مطلوبا من طرف المؤسسات وليس طالبا للشغل. وأقر رئيس الحكومة بالصعوبات التي تواجه مسار القضاء على الفساد لكن أبدى مع ذلك تفاؤلا بالتأكيد على أن دينامية الإصلاح ومحاربة الفساد تحركت في المغرب، مشددا على أن إصلاح العدل يبقى المطلب المركزي الذي يتوصل به من قبل مغاربة العالم، قائلا «العدل هو المجال الذي تقدمت بفضله العديد من البلدان التي يستقر بها مغاربة العالم، فبالعدل تقدمت العديد من البلدان وبكثير من القيم والمبادئ وهذا هو الطريق الذي نسير فيه». ومن جانبه وجه الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، كلمة اعتراف وامتنان للجيل الأول من أفراد الجالية المغربية بالخارج، مشيرا إلى الصعوبات والمشاق التي كابدها هذا الجيل من الرواد بحثا عن تحسين ظروفهم المادية بذلا وعطاءا لأفراد أسرهم ووطنهم من خلال ما كانوا يرسلونه من مساعدات مالية، والوقع الذي كان يمثله ذلك حيث ساهموا في مساعدة إخوانهم وأخواتهم على استكمال دراساتهم، والارتقاء بظروف عيشهم. أما الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف، والذي على ما يبدو كان هناك من يتربص به من بعض الحاضرين من أفراد الجالية الذين احتجوا على المجلس الذي يمثله، فقد أكد على الدور الذي لعبه الجيل الأول للجالية، مطلقا عليهم وصف البناة الذين وضعوا أسس وركائز الهجرة المغربية ببلدان المهجر قبل 50 سنة، وهو الجيل الذي لا يشمل فقط المغاربة الذين هاجروا بعقود عمل لكل من بلجيكا وفرنسا وهولندا، بل أولئك الذين تطوعوا للمشاركة في الحربين العالمية الأولى والثانية مستجيبين لنداءات تم إطلاقها داخل المساجد بأمر من المغفور له الملك محمد الخامس، وساهموا في بناء تلك البلدان وبناء بلدهم بمساهمتهم المادية. وبمجرد تناول بوصوف الحديث عن سياسة المجلس اتجاه الجالية والسياسات العمومية التي تم وضعها لفائدتهم حتى انطلقت بعض محاولات التشويش واستهجان عمل المجلس، ووصل الحد إلى تبادل الاتهامات التي أبدى اتجاهها الأمين العام حزما بالقول إنه لن يرضخ للتهديدات وأنه باق، فيما ارتفعت أصوات أفراد حاملة في وجهه شعار «ارحل»، الأمر الذي أجبر رئيس الحكومة على القيام بدور الإطفائي. يشار إلى أن هذا اللقاء حضره وزير الجالية المغربية بالخارج أنيس بيرو، ووزير الدولة عبد الله باها، ورئيس مجلس النواب محمد الطالبي العالمي، ووزير النقل عزيز الرباح، ووزير الجالية المالية بالخارج عبد الرحمان سييلا، والنائبة البرلمانية بدولة مالي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والماليين بالخارج، ديالو عائشة توري، والأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف.