إدريس بنزكري: حظيت باستقبال كبير بمدينة سطات بعد العودة من المونديال الحلقة22 المؤكد أن الحضور بمنافسات كأس العالم لكرة القدم، فرصة كبيرة لقياس مدى تقدم اللعبة بالدول التي تحقق منتخباتها التأهيل للنهائيات، كما أن للغياب تأثيرا كبيرا على الكثير من المستويات، تقنيا، ماديا، ودعائيا دون أن نستثني الجانب السياسي بطبيعة الحال. كرة القدم المغربية التي كانت لسنوات من المدارس التقليدية المؤثرة باللعبة إفريقيا، تميزت بحضورها اللافت بأربع دورات، مكسيكو 70 و86، أمريكا 94 وفرنسا 98، ودورة فرنسا هي الأخيرة، لتتوالى بعد ذلك الغيابات القاسية وغير المقبولة، بالنظر للإمكانيات المهمة المتوفرة، مقارنة بالأغلبية الساحقة للدول الأفريقية الباحثة عن أبسط الشروط والوسائل، لتغطية متطلبات المشاركة القارية والدولية. بمناسبة سنة المونديال البرازيلي وأجواء رمضان المشجعة على القراءة، نحاول أن نستحضر مع نجوم المنتخبات المغربية التي حضرت الحدث العالمي، ذكريات المشاركة والظروف التي طبعت الاستعداد، وما تبقى من طرائف وحالات مثيرة، يستحق أن يعرفها الجمهور الرياضي، سواء الذي عايش الحدث أو الجيل الحالي الذي تعرف على هذا التاريخ من خلال الروايات المتوفرة كتابيا وشفهيا. لاعبون من مختلف الأجيال سيسردون أبرز الوقائع التي عايشوها، بدء من أول مشاركة بمونديال المكسيك 1970 في إنجاز تاريخي آنذاك، على اعتبار أن «أسود الأطلس» كانوا أول منتخب إفريقي وعربي يتأهل للمونديال فعليا عبر تخطي مرحلة الإقصائيات. بعد غياب 16 عاما، سيعود المغرب للظهور على الساحة العالمية بجيل خطف بطاقة التأهل بنفس البلد سنة 1986، جيل سيكون لاعبوه سعداء بتذكر إنجاز كبير وجديد عندما باتوا أول منتخب إفريقي يتأهل للدور الثاني، عقب تصدرهم لمجموعة ضمت منتخبات إنجلترا والبرتغال وبولونيا. ورغم الغياب عن مونديال إيطاليا 1990، نجح المنتخب الوطني في المشاركة بدورتين متتاليتين في أمريكا 1994 وفرنسا 1998، وإن جاءت النتائج متواضعة في الأولى، فقد حظي المغرب بالاحترام والتقدير في الثانية عقب سقوطه ضحية «مؤامرة كروية» بين منتخبي البرازيلوالنرويج. «بيان اليوم» ستنقل في حلقات للقارئ المغربي العاشق لكرة القدم والمونديال، ملامح أقوى وأهم اللحظات التي عاشها المنتخب في مشاركاته الأربعة، دون أن يفوتها معرفة رأي هؤلاء اللاعبين في غياب غير مفهوم سيدوم عقدين من الزمن، قبل أن يتسنى لنا مشاهدة الأسود مجددا بالمونديال. القسم الرياضي ضمن المنتخب الوطني لكرة القدم المشاركة في المونديال للمرة الرابعة في دورة فرنسا سنة 1998، وذلك بتجاوز منتخبات: سيراليوني، غانا، الغابون، وفي اللقاء الحاسم في سابع يونيو سنة 1997، انتزع المنتخب الوطني بطاقة المشاركة في المونديال بالفوز على منتخب الغابون في الدارالبيضاء (11)، بهدف حمل توقيع اللاعب خالد رغيب في الدقيقة 58 من عمر اللقاء. وسجل الفريق حضورا محترما، حيث تعادل في المباراة الأولى أمام النرويج (22) ، وانهزم في الثانية أمام البرازيل (30)، وبنفس النتيجة انتصر على منتخب سكوتلاندا (30)، وأرغم على الإقصاء بتعاون البرازيل في لقائه بالنرويج، في مباراة فاحت منها رائحة المؤامرة. وسجل بذلك هذا الجيل مشاركة متميزة بقيادة المدرب الفرنسي هنري ميشل وتركيبة تضم: إدريس بنزكري، الحضريوي، شيبو، روسي، نايبت، شيبا، أمزين، كماتشو، الخطابي، صابر، أبرامي، بصير، لخلج، التريكي، السلامي، حجي. وعن هذه المحطة في المونديال كان لنا لقاء مع حارس مرمى المنتخب الوطني لسنة 1998، إدريس بنزكري. « كلما حلت منافسات المونديال العالمي، أتذكر دورة 1998 بفرنسا ومشاركة المنتخب الوطني وما عشته رفقة أصدقائي.. شخصيا لن هذه المحطة رغم تقدم السن ومرور الزمن، صراحة لقد عشنا أجمل اللحظات. الجميع يعرف كيف كان مسار المنتخب الوطني، كيف حضرنا واستعددنا جيدا وكيف تأهلنا للمشاركة في مونديال فرنسا، كانا بالفعل منتخبا قويا مثل جيلا ذهبيا في مسار كرة القدم المغربية. كان الفريق مؤطرا من طرف المدرب الفرنسي هنري ميشيل ومجموعة من المسيرين والإداريين، كل يقوم بدوره من أجل إنجاح المهمة وبلوغ المونديال وتسجيل حضور محترم في دورة فرنسا. اللاعبون كانوا في مستوى المسؤولية وهم مجموعة من المواهب والطاقات في تلك الحقبة، التي خلق المدرب الفرنسي هنري ميشيل بينهم الانسجام والطموح، إضافة إلى الرغبة في التألق، خلافا لما لاحظته في محطات أخرى موالية، حيث التراجع في المستوى. وقد كان المنتخب الوطني يضم لاعبين كبارا محليا وفي عالم الاحتراف، وكان طبيعيا أن نشارك في المونديال. ولم يكن التأهل إلى المونديال سهلا لأننا كنا ننافس بهدف المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا وكأس العالم، كانت المهمة صعبة في سنة 1998، والحمد لله، تأتى لنا ذلك وحضرنا المناسبتين.. وفي المسار الاقصائي انهزمنا في مباراة واحدة فقط. أما بخصوص المباراة الأخيرة قبل التأهل، كان كل الأمل والطموح من أجل كسب المباراة أمام منتخب غانا (10)، فلن أنسى كيف تمكن اللاعب الحضريوي من تمرير كرة عرضية في اتجاه زميله راغب، الذي حولها برأسه في اتجاه المرمى، موقعا هدف الحسم. راغب رفيقي في النهضة السطاتية والمنتخب الوطني، وكنت سعيدا بالحدث وضمان المشاركة في مونديال فرنسا. بالنسبة للمباريات التي لعبناها بالمونديال، لم نحقق خلالها المطلوب، خاصة أمام منتخبي النرويجوالبرازيل. وفي الثالثة تمكننا من فرض أسلوب لعبنا وهزمنا منتخب سكوتلاندا (30) في لقاء ملحمي رائع، كنت في مستوى المباراة، وبالفوز وجهنا رسائل للجميع تؤكد أننا نتوفر على مؤهلات المشاركة في المونديال. لقد كنا نناقش المباراة مع منتخب سكوتلاندا ونصنع الفوز بحثا عن التأهل للدور الموالي، وفي نفس الوقت كان منتخب البرازيل يهدي الفوز لمنتخب النرويج ويبخر آمالنا وطموحنا ويساهم بتهاونه في إخراجنا من المونديال... وأتأسف على ما حدث. كنا نتأهب لمنازلة منتخب إيطاليا بعد تجاوز منتخب سكوتلاندا، كما كنا أكثر حماسا واستعدادا لمواصلة المسار، لكن تهاون البرازيل بل تواطئه وضع حدا للاستمرار. لقد أظهرت جاهزية كبيرة مما جعل المدرب هنري ميشل يمنحني الثقة ويحملني المسؤولية، كنت رفقة لاعبين مميزين يتقدمهم العميد نور الدين نايبت بشخصيته القوية، وكانت علاقتي به طيبة ومتينة، وكنت لا أهدأ في المرمى، أوجه وأنبه. وبخصوص الذكريات التي لن أنساها هي الاستقبال الجماهيري عند الرجوع إلى الوطن، وما حظيت به من اهتمام وتنويه في مدينة سطات، مسقط رأسي، كما لن أنسى استقبال المرحوم الحسن الثاني واهتمامه الكبير بالرياضيين، وهي لحظات جميلة وتاريخية، فالمونديال يبقى أرقى محطة ومناسبة يحلم بها كل لاعب، كنت سعيدا عندما عشت هذا الحدث.