تكريس الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات بين الرباط ومدريد أنهى العاهل الإسباني فيليبي السادس، أمس الثلاثاء، زيارته التاريخية التي قام بها لبلادنا، رفقة عقليته الملكة ليتيثيا، والتي استغرقت يومين كاملين. وقد اختار العاهل الإسباني أن يكون المغرب وجهته الأولى التي يزورها رسميا خارج أوروبا، منذ توليه مقاليد عرش إسبانيا قبل حوالي شهر، وهي الزيارة الثالثة التي يقوم بها كملك، لبلد خارج إسبانيا بعد الزيارتين اللتين قام بهما لكل من البرتغال وحاضرة الفاتيكان. وتميزت زيارة ملك إسبانيا الجديد للمغرب، والتي وصفت ب «التاريخية»، بالمباحثات التي أجرها مع جلالة المالك محمد السادس، والتي أجمع المراقبون على أهميتها في الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين المملكتين وفي تكريس الأبعاد الإستراتيجية لهذه العلاقات التاريخية، بالإضافة إلى أهميتها من الناحية السياسية وانعكاساتها الإيجابية على البلدين، خاصة وأنها تأتي في سياق دولي وإقليمي مليء بالتحديات الكبرى التي يتعين مجابهتها بشكل مشترك، كالتهديدات الإرهابية وتنامي نشاط الجماعات الإرهابية على طرفي الحدود بين البلدين في مجال تجنيد وإرسال المقاتلين إلى بؤر التوتر، التي أصبحت تشكل أحد أكبر التحديات الأمنية للمغرب وإسبانيا، إضافة إلى مكافحة الجريمة العابرة للحدود والاتجار في المخدرات. وقد أجمعت وسائل الإعلام الإسبانية على أهمية هذه الزيارة التي قالت إنها «تمر في أحسن لحظاتها التاريخية»، وتتميز ب «أجواء من التفاهم» مبرزة أهم القضايا التي كانت مثار مباحثات بين عاهلي البلدين الجارين، كقضايا مكافحة الهجرة السرية والإرهاب، والتعاون الأمني، بالإضافة إلى القضايا ذات الصلة بالجوانب المرتبطة بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وأكد مراقبون أن زيارة الملك فيليبي السادس للمغرب مرفوقا بالملكة ليتيسيا، تكتسي دلالة كبرى، في استمرارية الروابط التاريخية بين المملكتين الجارتين، خاصة وأنها تأتي بعد مرور عام على زيارة والده الملك خوان كارلوس، على رأس وفد اقتصادي كبير للمغرب. يشار إلى أن إسبانيا تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، حيث تعتبر أول مصدر للواردات المغربية التي تمثل نسبة 13.5 في المائة بالنسبة لحصتها من الواردات المغربية، وتحتل المرتبة الثانية بالنسبة للصادرات المغربية بحصة 20 في المائة مقابل 24 في المائة لفرنسا، علما أن الصادرات نحو إسبانيا تعرف في الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا، يتوقع أن تحتل معه الرتبة الأولى من حيث واجهات الصادرات المغربية. ومعلوم أن هناك تنوعا في صادرات المغرب نحو إسبانيا سواء بالنسبة للمنتجات الصناعية أو الفلاحية، كما أن 50 في المائة من صادرات المغرب من الألبسة الجاهزة موجهة إلى إسبانيا و48 في المائة من صادراته من فواكه البحر والقشريات والصدفيات والرخويات، و41 في المائة من صادراته من الأسلاك والكابلات الكهربائية. ويستورد 30 في المائة من الفيول والغازول من إسبانيا. وقد كان اليوم الأول «الاثنين» من زيارة الملك فيليبي والملكة ليتيثيا للمغرب حافلا، منذ وصولهما إلى مطار الرباط واستقبالهما رسميا بالقصر الملكي وتوشيحهما من طرف الملك محمد السادس بقلادة الوسام المحمدي، ثم تنظيم إفطار على شرفهما.