كتبت الشعر لأنتفض ضد الاغتراب الذي يعبث بي شارك الشاعر المغربي محمد اللغافي في لقاءين شعريين ببيروتوالقاهرة، ضمن مهرجان الربيع الذي تسهر على تنظيمه مؤسسة المورد الثقافي بتنسيق مع جمعية شمس، بالمناسبة حاورته من بيروت مديرة مجلة سكون الأستاذة نهيلة سلامه. عرفنا بنفسك، حياتك، مسيرتك، من دعمك في بداية الطريق، وكيف أثبثت حضورك الشعري في مجتمع له مقاييسه الخاصة، هل عانيت من موضوع عملك كإسكافي لإثبات نفسك كشاعر؟ وكيف قابلك الجمهور؟ محمد اللغافي إنسان بسيط جدا أعيش في حي هامشي من منطقة الدارالبيضاء الكبرى التي تتسع لكل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضا. أشتغل إسكافيا مستواي الدراسي الخامسة ابتدائي، متزوج وأب لثلاثة: ربيع،أسماء،أنس. بالنسبة لمن دعمني، أو كان بمثابة دعم معنوي، أذكر رفاقي الذين التقيتهم بنفس الحي ..ولهم نفس المستوى الدراسي، حيث لم يتجاوزوا الابتدائي، وفي نفس العمر ولا بأس أن أذكر أسماءهم:حميد بركي، محمد كوبري، مصطفى رضوان، أحمد طنيش، مع هؤلاء أسست نادي الحواس الخمس للإبداع الشعري سنة 1984 ..بعدها وجدت التشجيع من أساتذة شعراء وكتاب كبار في المغرب منهم الأديبة والفنانة التشكيلية زهرة زيراوي والشاعر الروائي حسن نجمي ..رئيس اتحاد كتاب المغرب سابقا، والدكتور الفيلسوف الكبير محمد عزيز لحبابي رحمه الله الذي أنصفني بمقال في جريدة العلم المغربية ..وآخرين أكن لهم كل التقدير. وبمهنتي البسيطة جدا كنت أتحدى كل النظرات الحادّة وأحاول إثبات اسمي في الوسط النخبوي كصوت هامشي يفرض سلطته الشعرية ونضاله إلى جانب المستضعفين الكالحين الذين ينبثون من بين أضلعي. كيف تأثرت بالشعر؟ قد يكون الشعر من تأثر بي وعانقني في فترة كانت متجهمة سياسيا، وكنت أحاول أن أنتفض ضد الاغتراب الذي يعبث بي باطنيا، وأحاول أيضا البحث عن أجوبة لأسئلة كبرى تراودني، وأعتقد أنه أصابني مس من القلق فنطقت شعرا..الشعر قلق عميق وعقيم أيضا، لأنه لا يستطيع الإجابة، بل يكرس أسئلته لتصبح قابلة للتنويم المغناطيسي وقابلة لتلقف الأحلام البيضاء..الأحلام المزورة طبعا. كيف تصنف المغرب ثقافياً ومدى تأثيره على مسيرتك الثقافية؟ المغرب بلد مثل باقي البلدان العربية، له ايجابياته وسلبياته ثقافيا، وله رواده في كل الأجناس الأدبية والفنية، ويواكب الحداثة بكل تفاصيلها.المغرب متحرر حاليا، متحرر ثقافيا مثله مثل بلدكم لبنان يؤمن بالتعايش، يؤمن بثقافة التسامح، وقد تثبت تجربتي الشعرية أنني متأثر بنفسي فقط كصوت إنساني متفتح ومنفتح على العالم، لأنني قرأت أشعار العالم واستفدت من الأدب العالمي ولم أحصر تجربتي في ما هو وطني. ما هي القصيدة التي تكتبها، وماذا تريد أن تخبرنا من خلال ما تكتب؟ أكتب في قصيدة النثر بعد أن كتبت سابقا في قصيدة الشطرين وقصيدة التفعيلة، والآن أحاول في كتابة النثيرة إذا صح التعبير..وهي تجديد في ما يسمى بالومضة أو الشذرة ..وأحاول أن أمنحها روحا تحركها حتى لا تكون مجرد كتابة جامدة لا تهز المتلقي. وأحاول أن أخبركم بأن الكتابة يمكنها أن تمنحك فرصا للسفر عبر المجهول لاكتشاف النقط السوداء فيه وتنظيفها بالحب وبالجمال. الشاعر موزّعُ الحب والجمال عبر العالم، لأنه كائن حالم فوق المنطق. ما هو برأيك تأثير الربيع العربي على التوجه الثقافي؟ هل تراه مؤشرا ايجابيا أم تراجعا للثقافة؟ الربيع العربي أثر سلبا على المشهد الثقافي في العالم العربي..ربما لأن الرؤية لم تتضح بعد. فماذا بعد السفك والقتل بعد الهمجية التي واجهت المستضعف، لمجرد أنه فكر في تغيير ما لأجل تطوير بلده.ما الذي سيقال بعد كل ما حدث..ولا تغيير هناك..تغيرت الكراسي ولم يتغير الوضع بل ازداد سوءا، مما جعل الثقافة تتراجع بشكل واضح في انتظار أن تتجلى الرؤية أكثر.. وهذا لا ينفي أبدا أن هناك من كتب إبان الربيع العربي عن الثورة ..في الرواية والقصة والمسرح والسيناريو وغير ذلك. بين لبنان ومصر، كيف كانت أمسياتك و كيف استقبلك الجمهور المصري؟ في لبنان أحسست كأنني في بلدي المغرب..شعب متفتح منفتح على العالم، عميق نبيل يحب الحياة ويحب الجمال، شعب راقي ومثقف، وجدت معه نفسي، حتى ولو كان الحضور قليلا في قاعة العرض..وهذا ما يحدث في كل البلدان العربية، فجمهور الشعر قليل ..وفي قلته نخبة تستطيع أن تتفاعل مع النص. وهذا شيء إيجابي، أما في مصر فقد استقبلنا في القاعة شباب الجامعات، وهذا أيضا إيجابي، حيث تجد في الشباب من يهتم بهذا الجنس من الأدب.أعني جنس الشعر، فتحية لشباب القاهرة ولشعبها الذي ينتظر تجديد الرؤية في سياسة البناء والتنمية الاقتصادية. انتم كشعراء ومثقفي المغرب، ما هي خططكم لتطوير المجتمع بعيدا عن الإرهاب؟ أفضل ما يطور المجتمع في أي بلد عربي هو الانفتاح على المجتمع المدني ومنحه فرصا لتأسيس جمعيات تعنى بالثقافة والفن..تعنى بتقريب الأدب والفن من البسطاء واستقطابهم ومنحهم فرصا للاندماج في الوسط الجمعوي بل وتكليفهم بمهام حيوية تجعلهم مسؤولين تربويا في مجال الفن والأدب..وتحسيسهم بجمال الحياة من خلال توجيههم إلى زرع قيم الإنسانية في إطار التعايش والتسامح. بمن تأثرت شعرياً و اعتبرته أهم الشعراء العرب؟ في البداية تأثرت بالشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، سرعان ما تخلصت منه وبحثت عن صوتي الخاص..ولا أستطيع أن أفضل محمود درويش عن أدونيس ولا عن أحمد عبد المعطي حجازي ولا عن شوقي بزيع واسكندر حبش ..لا أفضل شاعرا عن آخر بل لكل مدرسته وتوجهه، لكل إيقاعه وقاموسه ما هي مشاريعك المستقبلية؟ أكتب رواية أتمنى أن أوفّق فيها..وحلمي أن أوقعها في تونس أولا لأن بطولتها تونسية..وبعدها أوقعها في بيروت لأن بعض ملامحها تجلت لتؤثث بعض صفحاتها.