التأكيد على ضرورة تقوية التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة أكد المشاركون في لقاء تواصلي حول الإعلام مؤخرا، بمراكش على ضرورة اتخاذ التدابير التي من شأنها تقوية التنظيم الذاتي المستقل والديمقراطي لمهنة الصحافة وتعزيز الضمانات المهنية والحقوقية المرتبطة بممارسة المهنة وعلى رأسها توفير الضمانات اللازمة للحصول على المعلومة ونشرها. وأعرب المتدخلون خلال هذا اللقاء الذي نظمته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بمراكش-آسفي مع الصحافة الجهوية، عن تطلع المهنيين والفاعلين في الحقل الإعلامي إلى أن تكون مدونة الصحافة والنشر القادمة قائمة على إلغاء العقوبات السالبة للحرية مقابل توسيع وتقوية السلطة القضائية في قضايا الصحافة والنشر ، وأن تجعل المغرب يواكب التحولات العالمية في مجال الإعلام والتواصل. واعتبروا أن مشروع مدونة الصحافة والنشر وبالرغم من الأشياء المتقدمة التي أتى وخاصة مقتضيات مشروع قانون الصحافة والنشر والصحفي المهني والمجلس الوطني للصحافة لم يشمل عددا من القضايا المعلقة، ولم يستجب لكافة مطالب الصحفيين. وفي هذا الصدد، أبرز ممثل هيئة الصحفيين المهنيين بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان مصطفى العراقي، أن إلغاء مشروع مدونة الصحافة والنشر للعقوبات السالبة للحرية والذي كان مطلب الجسم الحقوقي والصحفي وتعويضها بغرامات كبيرة، قد يؤدي إلى عقوبات سالبة للحرية في حالة عدم القدرة على تسديد هذه الغرامات. واعتبر أنه لم تؤخذ بعين الاعتبار أثناء إعداد هذا المشروع، الذي يجمع القوانين المؤطرة للحقل الإعلامي، الاقتراحات التي خلص إليها الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع. وفي معرض تطرقه للفصل الالسابع والعشرين من الدستور المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، شدد العراقي على «ضرورة عدم خضوع الصحفي للمسطرة العادية في الوصول إلى المعلومة بالنظر لما يتطلبه عمله من سرعة، وكذا تمتيعه بحق التميز في الحصول على هذه المعلومات «. من جهته، تطرق الأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي التابعة لجامعة القاضي عياض، سعيد الخمري، إلى أهمية الصحافة والإعلام في البناء الديمقراطي باعتبارها عامل دمقرطة في كل المجتمعات على الرغم من الانزلاقات والتوظيفات لحرية الإعلام، إلى جانب المعايير الدولية والمقتضيات الدستورية ذات الصلة بحرية الصحافة. وأشار إلى أن أهم التعديلات التي جاء بها المشروع الجديد انصبت على قانون الصحافة والنشر بالنظر لكون معظم بنود القانون الحالي كانت تثير العديد من الانتقادات التي أفرزتها الممارسة، مبرزا أن مقتضيات المشروع الجديد تتضمن أشياء متقدمة غير أنها لم تتجاوب مع كثير من مطالب الجسم الصحفي. من جهته، تناول المحامي والمستشار القانوني لدى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان مصطفى الناوي، موضوع الحق في المعلومة وحماية المعطيات الخاصة، مبرزا أن حدود الحياة الخاصة تتقلص وتزيد هشاشة يوما بعد يوم في ظل استعراض إعلامي مفرط للأشخاص وبشكل اختياري. واعتبر أن موضوع حماية المعطيات الخاصة لا يحظى بالأهمية اللازمة رغم خطورته وحساسيته وما يكتسيه من أهمية حيوية بالنسبة لمسألة الديمقراطية وحرية الصحافة. وبعد أن أشار إلى أن المشروع الذي جاء في سياقه يحيل على مرجعيات هامة، لاحظ الناوي ، أن مشروع مدونة الصحافة والنشر «يتضمن صيغا فضفاضة وعامة». من جانبه، أبرز رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بمراكش مصطفى لعريصة، أن هذا اللقاء التواصلي يأتي في مرحلة حاسمة من أجل إرساء تواصل موضوعي بين اللجنة ووسائل الإعلام، يخدم الحقيقة والشأن العام ومصلحة المواطنين، مشيرا إلى أن الاهتمام الحقوقي أمر مشترك بين عدة فعاليات ومؤسسات ومعقد يتطلب عملا مشتركا. وأضاف أن اللقاء يسعى ،أيضا ، إلى فتح النقاش حول دور الصحافة الجهوية في تعزيز وتقوية ثقافة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تسليط الضوء على واقع الصحافة بالجهة والتحولات الهامة التي تعرفها في مجال الإعلام بكل تعابيره. وعلى صعيد آخر، وبخصوص الصحافة الإلكترونية، سجل بعض المتدخلين أن إدراج النصوص المتعلقة بها ضمن المشروع الجديد لن يسمح بحل الإشكالات التي يطرحها هذا النوع من الصحافة.