المشاركة السياسية للنساء المغربيات في بلاد المهجر المشاركة السياسية للنساء المغربيات في بلد المهجر تبقى أحد الجوانب المشرقة في مسار الهجرة أو الوجه الآخر للهجرة، حيث تمكنت الكثير منهن من كسر تلك الصورة النمطية التي يتم إلصاقها بالمهاجر أيا كان جنسه.. وخلخلة تلك المفاهيم الجاهزة، بل وعملن على اختراق مجتمعات تجهل في الغالب ثقافة الغير، وتنظر نخبها بعين الريبة لكل غريب، وتمكنت العديد منهن خاصة أولئك اللواتي ينتمين للجيل الثاني والثالث من المهاجرين من إحراز الاعتراف بكفاءتهن والوصول إلى مراكز اتخاذ القرار. وأكدت خديجة أريب المهاجرة المغربية والتي تحمل تجربة تتجاوز العشر سنوات كبرلمانية بالمؤسسة التشريعية بهولندا، أن مشاركة النساء في الحياة السياسية فتح الباب مشرعا أمام الأجيال اللاحقة لاقتحام هذا المجال، مبرزة أن التجربة التي خاضها المهاجرون بهولندا والتي كانت أول بلد أوروبي يفتح باب المشاركة السياسية في وجه الأقليات سنة 1985، بحيث أعطاها الإمكانية لتنتخب وتصوت، قد أعطت نتائج جد إيجابية بخاصة بالنسبة للرجال آنذاك على اعتبار مشاركتهم المكثفة. وأضافت أريب في تصريح لبيان اليوم خلال أحد اللقاءات التي نظمها مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أن أثر تلك التجارب الانتخابية التي خاضها المهاجرون خاصة من النساء، برز بشكل جلي خلال الانتخابات المحلية الأخيرة حيث تم تسجيل ترشح مجموعة من الشابات المغربيات ينتمين للجيل الثاني والثالث وذلك ضمن أحزاب اليسار والبيئة. وبخصوص التحديات التي تواجه المرأة المغربية كممثلة للجالية داخل البرلمان الهولندي، قالت المتحدثة: «للأسف هناك نظرة سيئة عن المرأة المغربية اعتبارا لانتمائها لثقافة ومجتمع إسلامي، وأغلب الأشخاص يعتقدون أنها كامرأة لا تستطيع اتخاذ قرار يتعلق بمسار حياتها. بالتأكيد هذا الانطباع لا يسود لدى الجميع، ولكنه موجود بشكل كبير بهولندا حيث هناك حاليا، صعود بارز لليمين الذي يتخذ من الإسلام ورقة سياسية يستخدمها كما يريد». وأوضحت أن الشك يبقى محيطا بموقفها في البرلمان أحيانا بالرغم من دفاعها عن قضايا تهم أيضا الهولنديين، فهم لا يستسيغون أمر توفري على جوازين، مستطردة بالقول: «لحسن الحظ أن أغلبية الشعب الهولندي متفق معنا ويصوت على المهاجرين ويعتز بهم ولولا ذلك ما كنا نستطيع الاستمرار». من جانبها أفادت دليلة حياوي شاعرة وكاتبة مغربية مهاجرة بإيطاليا للجريدة، أن أكبر تحدي يواجه المرأة المهاجرة يتمثل في الاندماج، وقالت: «إن المرأة المغربية المهاجرة وأتحدث هنا عن تلك التي تتواجد بإيطاليا توجد بين مطرقة الانزواء والعزلة وسندان الاستلاب»، وبخصوص المشاركة السياسية يبدو الأمر صعبا بعض الشيء في إيطاليا ،حيث يستوجب الحصول على الجنسية، هذا فضلا عن أن الحياة السياسة في هذا البلد الأوربي تعيش على فوهة بركان متواصل الفوران بين اليمين واليسار خاصة فيما يتعلق بموضع الهجرة». وأبرزت المتحدثة أن النساء المغربيات بإيطاليا يمثلن نصف عدد الجالية، وبحكم حداثة الهجرة إلى هذا البلد، فإن المرأة ليس لها بعد ذلك الحضور والتأثير القوي كما هو عليه الحال بالنسبة للنساء المغربيات بفرنسا وبلجيكا. وأضافت أن أوضاع المهاجرين بصفة عامة بهذا البلد هي أكثر تعقيدا مما هو عليه الحال ببلدان أوربية أخرى، نظرا للتقييدات التي بات يتضمنها قانون الهجرة الجديد، هذا فضلا عن السياسات التمييزية التي تعتمدها الحكومة الحالية والتي كان آخرها استثناء المهاجرين الأفارقة ومن أصل عربي من الحصول على بطاقات التموين التي تم توزيعها على المهاجرين من جنسيات أخرى. وأشارت بخصوص هذه السياسة المتشددة اتجاه المهاجرين بكونها محاولة لتغطية الفشل الذي منيت به السياسات الحكومية في هذه البلدان على المستوى الاقتصادي، بل وتحويل أنظار الرأي العام عن القضايا الجوهرية والأزمات ومشاكل البيروقراطية واختزال الأمر في الجانب الأمني بارتباط مع المهاجرين. أما من جهتها أكدت فاطمة علمي مهاجرة منتخبة بفرنسا ،بخصوص منظورها للمشاركة السياسية للنساء في بلاد المهجر، أن هناك العديد من النساء المنحدرات من الهجرة شكلن جزءا من الحياة السياسية الفرنسية ، حيث ترشحن للانتخابات وتمكن من الفوز ولعب دور هام في المجالس المنتخبة ،مشيرة أن النساء المهاجرات تمكن من تحقيق نسبة تمثيلية مهمة على مستوى الهيئات التقريرية والتي يعتبر التواجد بها ضروريا يمكن أن المساهمة عبره في تقدم الأمور. وفيما يتعلق بالتحديات التي تعترض النساء المنتخبات في المهجر، تقول المتحدثة: «شخصيا لا أحس على هذا المستوى، بأي فارق بين الرجل المنتخب والمرأة المنتخبة، وأعتقد أن هناك مساواة كاملة بين الجنسين وأن التحديات التي تطرح تتمثل في كيفية إقناع الآخرين بجودة المبادرات والخطط المقترحة والتي يمكن أن تساهم في تحسين ظروف المعيش اليومي للمواطن». ولكن كامرأة مغربية مهاجرة، تشير المتحدثة، «فإن أكبر تحدي بالنسبة لي، كان يتمثل في اقتحام لأول مجال العمل السياسي والذي كنت أجهل عوالمه، حيث كان الأمر يتطلب مني الكثير من العمل، وحسن التنظيم والكثير من البحث والطاقة، لقد كان الأمر يمثل بالنسبة لي تحديا حقيقيا خاصة حينما ولجت هذا العالم وأصبح هاجسي هو القيام بمهمتي التمثيلية على أحسن وجه». وحول المنهجية الجديدة التي تبناها كل من المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج والوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ،والتي مفادها تنظيم ندوات تشارك فيها مغربيات من المغرب والخارج، اعتبرت المتحدثات أن منح مجال للجالية خاصة النساء منهن ليعبرن عن مشاكلهن وطموحاتهن ورأيهن بالأمر الجيد،خاصة وأنه من قبل كانت سياسة المغرب مناسباتية تركز على موسم الصيف أي فترة عودة المهاجرين من الخارج حيث يتم الترحيب بهم عند الوصول والنظر إلى ما تحمله من عملة فقط. أما حاليا، فإن المجلس بصفة خاصة عمل على تغيير هذه الرؤية التي سادت طويلا، واعتبار الجالية بكونها فئة تضم طاقات وكفاءات يجب على المغرب أن يمنحها الاهتمام اللازم، والاستفادة من خبراتها وتجاربها.