رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيميائية خطاب الهجرة والعودة


د.جميل حمداوي
q سيميائية الأرقام:
يبلغ عدد المهاجرين المغاربة بالخارج أربعة مليون نسمة، وذلك بنسبة 12٪ من ساكنة المغرب. وأكبر نسبة من المهاجرين المغاربة يوجدون بدول الاتحاد الأوروبي بنسبة 78.7٪، وخاصة في هولندة، وبلجيكا، وإسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبنسبة قليلة في بريطانيا والبرتغال وأندورا وبعض الدول الأوربية الشرقية كاليونان والنمسا مثلا. وأغلب المهاجرين المغاربة في أوروبا من أصول أمازيغية، فقد تركوا وطنهم بسبب الافتقار الذاتي والموضوعي بحثا عن الإصلاح والتحسين. أضف إلى ذلك أن هناك مهاجرين آخرين بدول الخليج العربي بنسبة 6.9٪ والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 6.4٪.[1]
وعليه، سنتكئ في هذه الورقة على تفكيك دوال السيميائيات الاجتماعية والثقافية ، وذلك بالتركيز على خطاب الهجرة والعودة، ومحاولة تركيب هذه الدوال الرمزية تأويلا وقراءة واستنتاجا. مع العلم أن السيميائيات لا تكتفي بدراسة أنظمة التواصل ، واستخلاص البنى العميقة للخطابات والأجناس الأدبية وغير الأدبية ، والبحث عن دلالات الأنساق والشفرات اللغوية وغير اللغوية فقط،بل هي كذلك تدرس التجارب الإنسانية الاجتماعية والثقافية والفنية والجمالية، وذلك باعتبارها علامات وأرقاما ورموزا وأيقونات وإشارات فردية أو جماعية تفكيكا وتركيبا. ويعني هذا أنه يمكن دراسة كل الأنشطة البشرية والإنسانية سواء أكان نشاطا اقتصاديا أم اجتماعيا أم دينيا أم علميا أم أدبيا أم فنيا أم سياسيا…الخ. ومن ثم، فالكون كله علامات سيميائية دالة ومعبرة ، تحمل في حضنها دلالات ورسائل ومقاصد وحمولات قضوية[2].
ومن ثم، فالسيميائيات ترد على :” شكل مقترحات تخص الوجود والإنسان وأفعاله وأشكال إنتاجه للمعنى”[3] ، أو كما يقول فرديناند دوسوسير Ferdinand De Saussure في هذا الصدد بأن السيميائيات عبارة عن:” علم يدرس حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية”[4].
هذا، ولقد ارتأينا في موضوعنا هذا أن ندرس سيميائيا مجموعة من الاستجوابات والاستبيانات والملفوظات النصية والحوارية التي أدلى بها مجموعة من المهاجرين الذكور والإناث بإسبانيا تعبر بكل وضوح وجلاء عن جدلية الهجرة والعودة. وقد استقينا فعلا هذه الاستجوابات من كتاب ميداني تطبيقي جماعي أشرفت على إنجازه الباحثة الإسبانية الدكتورة خايما مارتين مونيوث Gema Martin Munoz ، وذلك عبر استجواب عينة من المهاجرين المغاربة داخل مدن إسبانيا، وكان تحت عنوان “الإسلام والمسلمون في إسبانيا/ Marroquies en Espana : Estudio sobre su integration“.[5]
ونحن في هذه الدراسة سنعيد قراءة هذه الاستجوابات تفكيكا وتركيبا عن طريق تأويلها علاماتيا، وذلك باستنطاق الدوال الاجتماعية والثقافية التي تحدد خطاب الهجرة والعودة في منظور المهاجرين المغاربة بإسبانيا.
إذاً، ماهي المعاني التي تنبثق عنها علامات الهجرة والعودة عبر هذه الاستجوابات والملفوظات الحوارية والنصية؟ وماهي البنى والدلالات والوظائف التي تتحكم في خطاب الهجرة والعودة تشفيرا وتفكيكا؟ وماهي الدلالات السيميائية الثقافية والاجتماعية لجدلية الهجرة والعودة؟ تلكم هي الأسئلة التي سوف نحاول رصدها في هذه الدراسة السيميائية الوصفية التأويلية.
q المفهوم السيميائي للهجرة :
من يتأمل معجم ” لسان العرب” لابن منظور في باب ” هجر”، فإنه سيجد مجموعة من الدلالات اللغوية الاشتقاقية. فكلمة هجر أو الهجر: “ضد الوصل. هجره يهجره هجرا وهجرانا: صرمه، وهما يهتجران ويتهاجران، والاسم الهجرة . وفي الحديث: لا هجرة بعد ثلاث… هجرت الشيء هجرا إذا تركته وأغفلته…. والهجرة: الخروج من أرض إلى أرض. والمهاجرون : الذين ذهبوا مع النبي(صلعم). وتهجر فلان أي تشبه بالمهاجرين. وقال عمر بن الخطاب(ض): هاجروا ولا تهجروا؛ قال أبوعبيد: يقول أخلصوا الهجرة لله ، ولا تشبهوا بالمهاجرين على غير صحة منكم، فهذا هو التهجر… وأصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن؛ يقال: هاجر الرجل إذا فعل ذلك؛ وكذلك كل مخل بمسكنه منتقل إلى قوم آخرين بسكناه، فقد هجر قومه. وسمي المهاجرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشأوا بها لله، ولحقوا بدار ليس لهم بها أهل ولا مال حين هاجروا إلى المدينة؛ فكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلدا آخر، فهو مهاجر، والاسم منه الهجرة.”[6]
أما إذا تصفحنا كلمة ” هجر” في المعاجم الأجنبية، فسنجد كلمة Immigration/Immigrer بمعنى الهجرة والمهجر والمهاجرة، والنزوح عن الوطن، ودخل مهجرا، والإنسان مهاجر ونازح.
ويتبين لنا من كل هذه الدلالات اللغوية والقاموسية والمعجمية أن كلمة (الهجرة ) تحيل على الأقطاب الدلالية الأساسية (noyau sémique) التالية: حقل الاغتراب، وحقل الحركة، وحقل المكان. ويستقطب كل حقل دلالي مجموعة من السيمات sèmes سواء أكانت سيمات نووية sèmes nucléaires أم سيمات سياقية sèmes contextuels أو ليكسيمات Lexèmes. فلكسيمات حقل “الاغتراب“، هي: فارق، وهاجر، وهجر، وقطع الوصل وصرمه، والبعد والنأي، والترك والإعراض والإغفال، وترك ما يلزمك تعاهده ، والاعتزال والغياب…
ومن لكسيمات حقل ” الحركة” : الخروج والانتقال والإخلاء والهجرة، وترك الديار ، والالتحاق ، وهجرة القوم،…..
أما لكسيمات قطب ” المكان” فتتمثل في مجموعة من الوحدات الدلالية والعبارات السياقية : الخروج من أرض إلى أرض، أو خروج البدوي من باديته إلى المدن، وإخلاء المسكن، والانتقال إلى قوم آخرين بسكناه، وترك الديار والمساكن التي نشأوا بها لله، والالتحاق بدار ليس لهم بها أهل ولا مال … كل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلدا آخر…
ويتمثل التشاكل Esotopie Sémiologique السيميولوجي عبر هذه الحقول المعجمية الثلاثة في ثنائية: الانفصال والمكان. ويعني هذا أن الهجرة هي انفصال الفاعل الإجرائي عن الموضوع المكاني الأصل بعد مرحلة الاتصال.
ويمكن تشخيص هذه التجربة الإنسانية في معادلة سيميائية منطقية مجردة يمكن حصرها في الحالات والتحولات السيميائية التالية، مع العلم أن علامة الاتصال هي ٨، وعلامة الانفصال هي: ٧، وعلامة التحول هي: ←:
[ ف.ج ( الفاعل الإنجازي) ٨ مو (المكان) ← ف.ج ٧ مو](مكان الإساءة والافتقار والانحطاط)
[ ف.ج ( الفاعل الإنجازي) ٧ مو (المكان) ← ف.ج ٨ مو](مكان الإصلاح والتحسن)
يتضح لنا مما سبق ذكره أن الفاعل الإنجازي يقوم ببرنامجين إجرائيين متقابلين ومختلفين، فالأول مرتبط بمكان الإساءة والافتقار والاضطراب والانحطاط، والذي يستوجب سيميائيا الانتقال من وضعية افتتاحية سلبية (الافتقار) إلى وضعية ممكنة إيجابية وسيطية (الهجرة والارتحال). ويعني هذا أن الفاعل الإنجازي بعد أن كان متصلا بموضوع الرغبة (المكان الحميمي أو مكان الأنس أو مكان العائلة أو مسقط رأسه)، سيتحول فعله إلى انفصال عن موضوع الرغبة(الخروج من أرض إلى أرض).
بيد أنه في برنامج مكان الإصلاح والتحسين، سينتقل الفاعل الإنجازي من مكان كان منفصلا عنه في السابق ليتصل به في الحاضر إصلاحا لافتقاره، وتحسينا لوضعية انحطاطه إذا أردنا استثمار مفاهيم كلود بريموند C.Bremond في هذا الصدد.[7]
ويعني هذا أن هناك مسارين في هاتين التجربتين الإنسانيتين: مسار الانحطاط ومسار التحسين. ويعني هذا التوجه السيميائي أن ثمة تحولات على مستوى القيم الاجتماعية والأنطولوجية (الوجودية)، إذ يلاحظ خلل أو افتقار أو اضطراب على مستوى علاقة الذات بالمكان، ولا يتم إصلاح هذا الافتقار إلا بالانفصال عنه ، واستبداله بعوالم أخرى ممكنة تحقق له السعادة والاستقرار والتحسن.
q المكونات السيميائية لخطاب الهجرة:
يرتكز خطاب الهجرة سرديا على أربع محطات تشكل النسق السيميائي لمجموعة من الاستجوابات النصية مع مجموعة من المهاجرين المغاربة في إسبانيا[8]. وهذه المحطات الأساسية هي: التحفيز، والتأهيل، والإنجاز، والتقويم.
فعلى مستوى التحفيز، نجد مجموعة من المحفزات الذاتية والموضوعية التي تحفز الذات البطلة على إنجاز فعل الهجرة والاغتراب والانفصال عن المكان الأصل، وتتمثل تلك المحفزات في الدوافع التالية:
* التخلص من التقاليد البالية الموروثة، والهروب من البادية إلى فضاء المدينة والمدنية. ومن هنا، تقول شابة مغربية في هذا الصدد:” أخواي لا يتفهاهمان مع أبي… ربما أبي لا يعجبه ما يقومون به، ويتخاصم معهم:”لا يجب عليك أن تفعل كذا، أنت لا تعرف شيئا!“، وربما يقفز أحدهم، ويقول له: وأنت ماذا تعرف، لقد تجاوزنا المرحلة التقليدية، أنت الآن في المدينة وليس في البادية”[9] .
* البحث عن الحرية وتأمين العيش الكريم، وفي هذا الإطار يقول أحد التجار من الناظور في مدينة خيرونا: ” لقد اتخذت قرار الهجرة منذ سن مبكرة، كنت أحلم بذلك كل ليلة قبل أن أنام. هاجرت كما يمكن لكل إنسان أن يهاجر، الحركة شيء لصيق بالإنسان منذ ولادته(…) هاجرت بحثا عن عيش أحسن، كنت أريد أن أربي أبنائي تربية حسنة وأوفر لهم ظروفا أفضل، كنت أريد أن ألبس أحسن، ولكن أهم شيء كان بالنسبة لي هو أن أكون حرا، في تفكيري وفي حركتي، كنت أحس في المغرب كأنني طائر سجين، فقررت أن أهاجر”.
* عدم الرضى عن النظام السياسي ، بالإضافة إلى فقدان العدالة الاجتماعية، وانعدام فرص الشغل. وفي هذا السياق يقول أحد الرجال المهاجرين المغاربة : ” يبدو الأمر معتادا بعض الشيء، لكن النظام السياسي هنا مميز، رغم أنني أرى أن هناك أيضا أناسا يتأففون ويحتجون، إلا أن الوضع أحسن بكثير مما هو عليه الأمر عندنا(….) التفاصيل متعددة، مثلا بالنسبة للحقوق، للعمل، شيء كثير… بلدي بلد غني. لكن الأسوأ هو في عملية عدم التوازن وعدم المساواة في الحظوظ، والتوزيع غير العاقل لخيرات البلاد… أسوأ شيء عندنا.”
* انعدام حقوق الإنسان، وغياب المواطنة الحقيقية في البلد الأصل، وفي هذا الإطار يقول أحد الطلبة المغاربة المهاجرين : “عموما، تبقى لإسبانيا تلك الصورة الإيجابية إلى حد ما… كنت أحس في المغرب بالاختناق، وأن هناك شيئا يحبس أنفاسي، ولا يدعني أتنفس بحرية، عكس ما في الضفة الأخرى من حرية وحقوق وعمل، سيارات ومال، منازل وأشياء أخرى…أنت لا تحس في المغرب بأنك مواطن، بلد لا يعترف بمواطنيه وساكنيه وأبنائه، تأتي عليك لحظات تحس أنك تعطي كل شيء لهذا الوطن مقابل لاشيء، تغامر بحياتك لتموت غرقا في أحد قوارب الموت، أحسن، بالنسبة لهم، لأنه تم التخلص من أحدهم
زد على ذلك، يقول شاب مغربي مهاجر في أحد استجواباته:” ماذا أعطاني هذا المغرب؟ لقد دمر حياتي وسلبني كل شيء.هنا على الأقل احترموني ووفروا لي كل شيء”.
* الرغبة في التعلم والدراسة، وفي هذا النطاق تقول شابة مغربية مهاجرة ” بالنسبة لي، الدراسة شيء مهم، لا يتساوى من له شهادة ، ومن لا يتوفر على أي شيء، من له شهادة يعرف كيف يتكلم ، كيف يساوم ويحاور وكيف يعمل، وإن اشتغل بعمل بكفاءة ومعرفة أكبر.”
* التمرد عن المجتمع الذكوري الأبيسي، ورفض أوضاعه المتخلفة، تقول امرأة مغربية مهاجرة في هذا السياق:” المهم… الفرق في المغرب هو أن الرجل هو من يتحكم، لكن خلال العشر سنوات الأخيرة حققت المرأة قفزة هامة، وبقي الرجل حيث هو، المرأة على العكس، تدرس وتتحرر من وضعها لتحسن أوضاعها. يمكن للمرأة أن تدرس لكن يستحيل أن تصبح وزيرة أو برلمانية، كذلك الوضع متخلف في المجتمع المغربي، المرأة يجب عليها أن تتزوج، لأن ذلك هو الشيء الذي يعطيها المكانة والحظوة في المجتمع. كنت دائما متمردة، لكن بسلوك حسن، كنت أرفض الزواج دائما.عاينت عن كثب نموذج أصدقاء وصديقات أحبوا بعضهم ودرسوا معا، وتخرجوا من نفس الفوج، وحينما تزوجوا، تخرج المرأة دائما تجري لتحضر الطعام، بينما يبقى هو مع أصدقائه، بحجة أن ذلك من اختصاص النساء، هذا ليس عدلا وغير معقول. هذا لا أدري لماذا يجب علينا الخضوع لهذا المجتمع؟”
أما من حيث التأهيل، فأغلب الذوات المهاجرة التي انفصلت عن مكانها الأصلي في البداية كانت لا تملك مؤهلات علمية أو ثقافية، وأغلب هذه الذوات من جنس الذكور ، وقد هجرت بطريقة شرعية مقننة إما لمساندة الدولة الحامية في معاركها ( تجنيد فرانكو لشباب الريف لمساعدته في حربه الأهلية ضد اليسار الجمهوري ما بين 1936و1940م، واستعانة فرنسا بالمغاربة في حربها الضروس ضد دول المحور )، أو لبناء اقتصادها المدمر بعد فترتي الحربين العالميتين: الأولى والثانية ( تهجير كثير من المغاربة منذ الستينيات من القرن الماضي للعمل في أوروبا، وخاصة الأمازيغ منهم).
لكن بعد هذه الفترة ، ستصبح الذوات المهاجرة من جنس الذكور والإناث معا، ومن فئة المتعلمين والمثقفين والكفاءات العلمية ، وأيضا من صنف اللاجئين السياسيين، وهنا يتم الإشارة إلى هجرة شرعية وغير شرعية. لذا، تحتاج الذات المهاجرة سواء أكانت الهجرة مقننة أم غير مقننة إلى مجموعة من القدرات الكفائية كالشهادة، والمال، والقدرة ، ورخصة الإقامة، وعقد الزواج، وعقد العمل…
أما على مستوى الإنجاز، تقوم الذات الفاعلة بمجموعة من الأفعال الوظائفية التي تصب كلها في ثنائية الهجرة والعودة، وهذه الوظائف المتتابعة والمتسلسلة هي: الاستقرار- الافتقار- الاستعداد- العبور- الاغتراب- التجنيس- الاندماج/ اللاندماج- الإصلاح- العودة.
بيد أن الذات الفاعلة في مكان الاتصال ، حيث العوالم الممكنة الحالمة والزائفة، تحيطها مجموعة من العوائق يمكن تبيانها من خلال عدة استجوابات لمهاجرين مغاربة، ويمكن حصرها في المثبطات التالية:
* الانفصام الحضاري، ويتجلى في التمزق الذاتي والموضوعي الذي يعيشه المهاجر المغربي أثناء إقامته بالمهجر، وإبان عودته إلى وطنه . وفي هذا الصدد تقول امرأة مغربية مهاجرة:” نظرا لأن الواحدة منا قد بقيت وقتا طويلا في برشلونة، حينما تعود إلى قريتها تحس أنها ابتعدت عن طريقة تفكيرها، ربما بعد سنوات سأحس بنفسي إسبانية تماما.”
* صراع الأجيال ، و يتمثل هذا الصراع جليا في عقوق الأبناء، وتمردهم عن ضوابط الأسرة ، ورفض قيمها الدينية والأخلاقية والقيمية كما تقول شابة مغربية مهاجرة : ” أخواي لا يتفهاهمان مع أبي… ربما أبي لا يعجبه ما يقومون به، ويتخاصم معهم:”لا يجب عليك أن تفعل كذا، أنت لا تعرف شيئا!“، وربما يقفز أحدهم، ويقول له: وأنت ماذا تعرف، لقد تجاوزنا المرحلة التقليدية، أنت الآن في المدينة وليس في البادية.”[10]
* تردي الأوضاع في بلد الاغتراب، وفي هذا الصدد يقول شاب مغربي مهاجر يشتغل كبناء في مدينة جيان : ” أنا أفضل أن يحكي أحد المسؤولين في إحدى الجمعيات ، وأن يتكلم ويصف بصراحة الوضع هنا، الوضع ليس جنة كما يصوره بعضهم. يجب أن يبينوا للناس كل ما يجري هنا، الإيجابي والسلبي.”
* صعوبة التكيف والتأقلم مع المكان الأصل، وفي هذا الإطار تقول مغربية مهاجرة عاشت مدة ثماني سنوات في الأندلس:” سأذهب في السنة القادمة، خلال الصيف لرؤية أبي، لكن المثل يقول:الإنسان أين يعيش وليس أين ولد. لذا، أصبح فعلا يتعذر علي التفكير في الذهاب إلى هناك، أنا بدأت حياتي هنا، ولابد أن أفكر كثيرا قبل أن أنزل.”
* عدم الاعتراف بالإسلام داخل المنظومة الأوربية بشكل واضح وصريح، وفي هذا النطاق يصرح أحد المهاجرين المغاربة:” في الحقيقة رغم اختلاف الظروف، فإن المشاكل متشابهة في كل مكان. الأمر الذي يحصل هو أن الإسلام يعرف اعترافا أكبر به في دول مثل بلجيكا. وفي دول أخرى الأمر يبدو معقدا، كفرنسا، بها مشاكل كثيرة حاليا… لكن المشاكل هي نفسها، الأساس في كل هذا هو الأمر التربوي. أتصور أنه ربما يمكن لهذه الدول أن تتجاوز مشاكلها لتحل قضايا هذه المجموعة في التراب الأوروبي.”
* صعوبة الحصول على الوثائق القانونية، فكل من لا يملك الوثائق القانونية التي تجيز له الاستقرار بأرض المهجر كرخصة الإقامة وعقد العمل مثلا، يعرضه ذلك للقلق والطرد والمحاسبة القانونية وشبح البطالة والفقر والموت، كما يقول شاب مغربي مهاجر :” إذا كانت لك رخصة الإقامة فأنت تملك عملا، ليس لديك مشاكل. وبالتالي، لديك حياة… حينما تحصل على رخصة الإقامة على الأقل يمكنك أن تقول إنك تعيش….، وإذا لم تكن لك أوراق ليس لديك شيء في هذه الحياة.”
* صعوبة الحصول على العمل بدون الوثائق القانونية كما تؤكد ذلك إحدى النساء المغربيات المهاجرات:”… لكن هذه بسبب الوثائق، الأمر معقد للغاية…إنهم يفضلون إسبانية على أي عاملة أخرى، هناك مشكلة أوراق . وهذا يشكل عائقا مهما وكبيرا…. يمكنني أن أعمل مثل أي إسبانية تماما أو صينية، ولكن المشكلة مشكلة أوراق، لا يشغلونك بسبب هذا، أعرف مغربية رفضت بسبب الأوراق، لكنها تشتغل أحسن من… تعمل جيدا وبسرعة خصوصا في مجال الخياطة والحياكة. لم يشغلوها لعدم توفرها على الأوراق، وقالوا بأنهم لا يريدون تعقيد حياتهم، لأنه يستوجب عليهم أن يعطوها عقدة عمل، هم يختارون الأسهل دائما…”
* عدم الاعتراف بالمؤهلات التعليمية والثقافية للمهاجر كما يصرح بذلك مهاجر مغربي واصل تعليمه العالي:” هنا يجب أن نناضل بشراسة من أجل الأشياء، ليس من السهل أن تفتح المسالك، عوامل متعددة تدخل في هذا المضمار، اللغة، والثقافة، وكذلك الصورة التي يحملها السكان الأصليون عن المغاربيين خصوصا. والمثير أكثر هو أن ترى العرب في أماكن الشغل الأكثر عناء وصعوبة، وأنا أتصور بأن لجميع البشر نفس المؤهلات ليقوموا بنفس الأعمال. لم يتم أخذ مستواي التعليمي والثقافي بعين الاعتبار في أي مرحلة من المراحل.”
* ممارسة الأعمال الصعبة والأكثر عناء وشقاء، كما يرى أحد الشباب المغاربة المهاجرين:” والمثير أكثر هو أن ترى العرب في أماكن الشغل الأكثر عناء وصعوبة. ”
* معاناة المهاجر من سياسية الإقصاء والتغريب والتهميش كما يبين ذلك أحد المهاجرين المغاربة:” لقد اشتغلت كثيرا كبائع متجول في الأزقة والأحياء، وشيئا فشيئا استطاعت زوجتي أن تكتري محلا …اسمعي، إذا كان المحل لك فهذا يعني أن المورو قد استولوا على كل شيء، وأنا أعمل لكي نؤدي ثمن الكراء، هذا شيء طبيعي وعادل…”
وفي هذا السياق، تقول مغربية مهاجرة أخرى تدرس الفرنسية بإسبانيا:”بعضهم يقول لي إنني جئت إلى هنا لآخذ منصب الشغل من أي إسبانية… حتى في الأكاديميات الآن الأجر ليس مرتفعا، وينظر الكثير إليك بشزر…
ليس رؤسائي وإنما الآخرون، لو كنت فرنسية لاختلف الأمر، هذا يدعوني للانفعال والغضب”.
* الإحساس بالظلم الاجتماعي كما تؤكد ذلك أخصائية اجتماعية مغربية مهاجرة:” في الحقيقة التجارب تختلف، هنا عدد كبير من النساء يشعرن بأن مستواهن يتدنى.إنهن يتوفرن على مستوى عال من التعليم والتكوين، يتفوقن على الإسبانيات في بعض الأحيان، خصوصا في مجال اللغات، يشعرن فعلا بالحيف، هنا يعملن في خدمة البيوت… ليس كاللواتي يتعلمن باستمرار، في المنازل يكررن نفس العملية كل يوم، على الرغم من مستواهن الدراسي، لكن على الرغم من ذلك فحتى هذا النوع من العمل لم يجدنه في المغرب… مجازات وحاملات للشهادات يقبعن في البيت، يطلبن مصروفا هزيلا من الأسرة لشراء أي شيء، هنا على الأقل يشعرن بالاستقلال، ولهن دخل، ويواصلن البحث عن الأحسن.”
* كراهية الأجانب للمغاربة، كما تصرح بذلك مهاجرة مغربية:” بدأت اشتري الجرائد للبحث عن عروض عمل، وكلما تكلمت في الهاتف، وسئلت عن موطني الأصلي، أقابل بالرفض بحجة أن المكان لم يعد شاغرا، لا لشيء إلا لأني مغربية.”
* التحرش الجنسي والسقوط في الخلاعة كما تصرح بذلك امرأة مغربية مهاجرة: ” وكلما صادفت رجلا في الهاتف إما يقابلني بكلام مخجل أو يسألني أحدهم هل أنت متحررة. لم أفهم كيف، ماذا يهم أن أكون متحررة إذا كنت سأرعى أحد المسنين؟”
* مشكل الحجاب والتدين كما لدى امرأة مغربية مهاجرة:” عندي الآن مشاكل عدة مع ارتداء الحجاب… أنا مازلت أصلي وأقوم بجميع الشعائر الدينية، ولكن ليس في الخارج ؛ لأن الكل ينظر إليك باحتقار، أتصور أن إسبانيا ستصير مثل المغرب، البعض يقبله، والبعض يرفضه، لكن لا أحد ينظر إليه على أنه شيء غير مألوف وخارج عن العادة.”
* عدم الانخراط في العمل الجمعوي كما يؤكد ذلك مهاجر مغربي مسن:” لا يبقى لدي متسع من الوقت، والعمل، وتجديد الأوراق، ثم القيام بأشياء أخرى… وزيارة العائلة. لذا، يصبح صعبا الذهاب إلى جمعية، وأيضا فأنا لا تعجبني هذه الأشياء، أذهب فقط للمسجد ، وأحاول أن أجد وقتا لذلك.”
وفي هذا النطاق، يقول أحد المهاجرين المغاربة منتقدا الجمعيات المغربية التي تدافع عن المهاجرين بإسبانيا بأنها موالية لحكومات المهجر:”الجمعيات تكونت هنا، طبعا فهي تزاول أعمالها، وتهتم خصوصا بتسوية أوراق ووضعية المهاجر. إلا أنها في الحقيقة لا تتمتع بالاستقلالية، فالنقود تقدمها الحكومة وهي تخضع لتوجيهها. لذلك، لا يمكنها أن تحقق الشيء الكثير. بالنسبة للأوراق والعمل نعم، لكن هناك أشياء أهم من ذلك، ماذا سيحصل لأبنائنا وثقافتنا؟(…) الأمور مختلطة جدا، لا يمكن للجميع أن يهتم بكل شيء. يجب على البعض أن يواصل اهتمامه بالعمل والبعض الآخر بالشأن الديني، نحن نحقق أشياء مهمة من داخل كل المنابر.أتصور أنه يجب علينا أن نتوحد أكثر.”
ومن جهة أخرى، يقول أحد المهاجرين المغاربة بأن الانخراط في الجمعيات المدنية يستلزم النضال المستمر والتنظيم المحكم والتنسيق الدائم بين الأعضاء الفاعلين بغية الدفاع عن حقوق الجاليات :” يجب علينا أن ننظم أنفسنا وإلا لن يتحقق أي شيء ، لا يمكنك أن تظل طول الوقت تنتظر هل جاء أصحاب البلدية، وأصحاب المدرسة، وأصحاب السفارة والوزارة. أنا هنا منذ 30 سنة وليس هناك أي شيء. هذا يجب أن نعمله نحن، الآباء، إنه التزامنا نحو أبنائنا، وإلا سنندم في المستقبل. نحن في حاجة إلى جمعياتنا، ومؤسساتنا لكي نلتقي، نرى بعضنا البعض ونناقش أمورنا وأمور عائلاتنا“.
* الإقصاء الثقافي والحضاري كما يشير إلى ذلك أحد الشباب المغاربة المهاجرين :” الأمر خطير هنا، لا يهم التعرف على أحد، يجهلون كل شيء عنا وعن عاداتنا وثقافتنا، يجهلون كل شيء، والأخطر من ذلك هو أنهم لا يحاولون التعرف على أحد، يجهلون كل شيء، ولا ينظرون إلا إلى أنفسهم. أنا شخصيا يهمني أن أتعرف على ثقافات وعادات وشعوب أخرى.لا ينظرون إلينا إلا حينما نصلي أو ندخل عبر قوارب الموت، الباقي لا يهم ، ويجهلونه كلية. أنا متأكد أنه حينما سنتعرف على بعضنا البعض ستكون الأمور أسهل.”
* الموت غرقا في البحار، وفي هذا الإطار يقول أحد الطلبة المغاربة المهاجرين: ” أنت لا تحس في المغرب بأنك مواطن، بلد لا يعترف بمواطنيه وساكنيه وأبنائه، تأتي عليك لحظات تحس أنك تعطي كل شيء لهذا الوطن مقابل لا شيء، تغامر بحياتك لتموت غرقا في أحد قوارب الموت، أحسن، بالنسبة لهم، لأنه تم التخلص من أحدهم.”
* صعوبة تربية الأبناء في مجتمع الاغتراب؛ وذلك لعدم وجود مؤسسات تعليمية تعلم الدين الإسلامي واللغة العربية، وكل ما يتصل بها من ثقافة وحضارة وتاريخ. وفي هذا الصدد تقول امرأة مغربية مهاجرة :”الإسبانية أساسية ومهمة خصوصا بالنسبة لها(تقصد ابنتها التي تعيش ببرشلونة)، لكن يجب أن اصطحبها إلى أماكن يوجد فيها المغاربة ، وتتكلم العربية، وآخذها إلى المسجد، إذا لم تتعلم ذلك في هذا المحيط، لن تتعلمه أبدا.”
* مشكل الاندماج، وفي هذا السياق تقول امرأة مغربية مهاجرة :”الاندماج في نظر الإسبان هو أن تتخلى عن ثقافتك ودينك، يفهمون الاندماج كما يحلو لهم، في البداية كان الأمر يستفزني ويجرحني. يقولون لي إنني مندمجة تماما. بالنسبة لهم لكي تكون مندمجا يجب أن تأكل” الخامون”(لحم الخنزير المجفف)، وتشرب الكحول، وأن تخرج المرأة شبه عارية ، وبهذا يصبح الإنسان مندمجا. هذا يعني لي في الحقيقة عدم اندماج.”
وفي هذا الصدد أيضا ، يقول مسؤول عن مسجد في مدريد ، وهو يتحدث عن سلبيات الاندماج، ويدعو في المقابل إلى سياسة الحوار والتفاهم والتعايش بين الحضارات والثقافات والإثنيات العرقية:” لماذا يتكلمون هنا عن الاندماج؟ يريدون أن يجعلوا كل شيء في قالب واحد وهذا مستحيل…، جئنا إلى هنا نحمل ثقافتنا وأفكارنا وكل مكوناتنا ، ولا يمكن أن يطلب منا أن نلغي كل ذلك حتى نندمج.إنه واقع مر فعلا. كيف يمكن أن نتفاهم؟ بالدردشة والحوار، كل يتكلم مع الآخر ، ويحاول فهم الآخر بجميع مكوناته ، وسيصلون قطعا لنقطة تفاهم. لماذا لا يعجبهم الأمر حينما نصلي، أنا أيضا قد لا يعجبني الذهاب إلى المرقص، ولكنني احترم ممارساتهم، ويجب عليهم أن يحترموني كما أفعل أنا. يبقى الحوار هو السبيل الأنجع للتعارف بعمق.”
* مشكل العنصرية، وفي هذا يقول شاب مغربي مهاجر:” تصلنا الأخبار عن طريق الجرائد الإسبانية، الكل يجمع على أن حياة المغاربة صعبة في إسبانيا(والذين في مليلية كذلك). لما وصلت إلى إسبانيا وجدت الحال أسوأ مما هو عليه الأمر في بلادي. في المغرب، نعامل الأجنبي بكل حفاوة عكس ما يتم هنا، الكل لنفسه وكفى. بعض الإسبان عنصريون، ولا يجب عليهم أن يضحكوا على أذقاننا. لا يبينون ذلك أحيانا، يخفون كل شيء وراء ابتسامة باهتة. هناك عنصرية خطيرة أحسست بها تهز أطرافي بعنف. وحينما كنت أبحث عن عمل كنت أعرف أن الأمر مختلف بالنسبة لي مقارنة مع أي إسباني، يجب علي أن أعمل أكثر لآخذ أقل.”
* التفسخ الأخلاقي، والتخلي عن الواجبات الدينية، والانسلاخ عن الهوية الأصيلة وثقافة الأجداد، وفي هذا النطاق يقول شاب مغربي مهاجر:” في البداية كان أهم شيء هو أن يكون لي أصدقاء، أسرعت في التدخين وشرب الخمر، تصورت أن ذلك هو الأفضل، رغم أنني لم أفعل ذلك قط في حياتي(…)، تصورت أن ذلك سيسهل علي أن أتعرف على شباب إسبان. لكن ذلك لم يكن السبيل. أنا الآن رجل أصلي وأصوم، لا أصلي في جميع الأوقات نظرا لعدم تمكني، لكن أقوم بذلك كلما عدت إلى البيت.أحافظ الآن على هويتي وثقافتي وأمارس شعائري، ربما لا أقول لأصدقائي إني ذاهب لأصلي، لكن أقوم بذلك كلما تمكنت وأصلي كذلك كل جمعة. أحس أني الآن أحسن وأقرب من الله.”
* معاناة المهاجر من التشييء والاستلاب الرأسمالي كما يقول أحد المغاربة المهاجرين: ” يجب عليهم أن يتعاملوا معنا كبشر وأشخاص وليس كآلة تذهب لتعمل فقط. الأوراق ضرورية فعلا، لكن لا يمكن أن تبقى الهاجس الوحيد.”
* صعوبة إنشاء جمعية إسلامية كما يصرح بذلك مسؤول عن جمعية إسبانية : ” هنا، يصعب الحصول على ترخيص إنشاء جمعية إسلامية، يجب الحصول على ترخيص من الدولة الفيدرالية، لكن نحن نريد أن نعمل بطريقتنا، لا نريد أن يتدخل في شؤوننا أحد، وبهذا أحيل على ما يجري هنا في البلدية“.
* الصورة المشوهة للمسلمين ، وفي هذا الإطار يقول مسؤول عن مسجد: ” الإسلام بالنسبة لي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عادات وثقافة بلد الاستقبال.إنها مسألة تعايش، والإسلام فوق التراب الأوروبي في الحقيقة هو نتاج الصورة التي يتواجد عليها المسلمون.”
* عدم الاعتراف بفضل الإسلام على الغرب، وفي هذا السياق يصرح جامعي مغربي مهاجر:” الإسلام مكون أساسي لإسبانيا ، وقد ساهم في تطوير وإنشاء حضارتها، لكنها لم تعترف به قط. أتصور بأنه يجب على الإسبان أن يطالعوا تاريخهم ويتعرفوا عليه، وألا يكتفوا فقط بأخذ صور في قصر الحمراء. ما يجب هو: أن يفهموا كيف تم إنشاء هذه المعالم وغيرها.”
* صعوبة بناء المسجد كما يؤكد ذلك شاب مغربي مهاجر:” أتصور أن إرساء مصلى بدكان أو في قبو إنما هو إهانة وعار.المسجد هو صورة للدين الإسلامي، المسجد يجب أن يمثل الدين على غرار الكنيسة والكنيس. وهكذا، حينما يرى الشخص المسجد يعرف عما يدور الحديث، ولا يجد لبسا في الفهم. المزعج حقا هو أن ترى مسجدا في أحد الدكاكين الصغيرة بأحد الأزقة.الإسلام لا يجب أن يقدم بهذه الصورة.”
وهناك معيقات أخرى تعرقل إنجاز الذات الفاعلة والمغتربة كالتجنيس(59٪ من الشباب المغاربة المهاجرين حصلوا على جنسية بلد الإقامة)، وتوالي الأزمات الاقتصادية، وقلة فرص الشغل، وكثرة البطالة…
وعلى مستوى التقويم والتمجيد، فنجاح الذات الفاعلة مرتبطة بحصولها على الوثائق القانونية اللازمة في بلد المهجر، والشروع في العمل، وتأمين الحياة المعيشية في بلد الاتصال سواء أكان الفاعل المهاجر أعزب أم متزوجا، بالإضافة إلى امتلاك أسباب الرزق ومطية النقل من سيارة وغيرها، والمساهمة في دعم أسرته وعائلته ماديا ومعنويا. بل المساهمة أيضا في تحقيق التنمية الوطنية والمحلية والجهوية . لكن هناك من المهاجرين من يتعرض للعتاب واللوم والتقريع والتوبيخ والإهانة إذا عاد من بلد المهجر بخفي حنين يجر العار والخيبة والفقر، وقد فرط في كل شيء.
ومن حيث البنية العاملية، نستحضر محور التواصل عبر الإشارة إلى المرسل أو المحفز الذي يتمثل في: الافتقار، في حين يتمثل المرسل إليه في المهاجر وأسرته . ومن جهة الرغبة، تحضر الذات البطلة في الفاعل المهاجر أو المغترب للحصول على موضوع ذي قيمة ، وهو الهجرة إلى الضفة المقابلة. أما على مستوى الصراع ، تستعين الذات البطلة بمجموعة من المؤهلات والعوامل المساعدة كالقدرة ، والمال، والمعرفة، والإرادة، والصداقة ، وعبور الحدود والمسالك الطبيعية والاصطناعية بنجاح، والحصول على الوثائق القانونية…، أما العوامل المعاكسة فتتمثل في قلة فرص الشغل، والبطالة، والاندماج، والتجنيس، والتفريط في الدين واللغة والهوية…
وإذا تأملنا الليكسيمات المعجمية التي تتضمنها استجوابات المهاجرين المغاربة ، فإننا سنجد حقلين دلاليين أو قطبين معجميين مختلفين ومتقابلين ومتضادين: معجم السعادة ومعجم الشقاء. فالوحدات المعجمية التي يتضمنها القطب الدلالي الدال على “السعادة” هي: الإعجاب- الاحترام- المال- الحلم- الحرية- الاستقلال- الحركة- عيش أحسن- تربية حسنة- أوفر ظروفا أفضل- الغنى- الصورة الإيجابية- عمل- حقوق- سيارات- منازل- أشياء أخرى- تحسين الأوضاع- المكانة والحظوة في المجتمع- الزواج- الجنة…
أما الوحدات المعجمية التي يتضمنها القطب الدلالي الدال على ” الشقاء” فهي: عدم التفاهم- الخصام- الكراهية- العار- الخطورة- كأنني طائر سجين- التأفف- الاحتجاج- الأسوأ- عدم التوازن- عدم المساواة في الحظوظ- غير العادل- الاختناق- حبس الأنفاس- انعدام المواطنة- قوارب الموت- المغامرة بالحياة- انعدام المساواة- التحكم- التخلف- الخضوع- الاندماج- المشاكل…
ومن هنا، تعبر كل هذه الاستجوابات والاستبيانات الاجتماعية و تلكم الملفوظات الحوارية بكل صدق ووضوح عن جدلية الهجرة والعودة من خلال ثنائية السعادة والشقاء. ويعني هذا أن الذات الفاعلة أو المهاجرة مازالت تتأرجح حسب تصريحاتها ومقرراتها تعيينا وتضمينا أو تبليغا وإيحاء على مستوى الإنجاز والفاعلية الوظائفية بين السعادة والشقاء.
وعليه، فالمربع السيميائي الذي يتحكم في موضوعنا ينبني على ثنائية ضدية حسب المسار المعجمي والتصويري، وهي ثنائية: السعادة والشقاء. ويمكن توضيح العلاقات المنطقية على الشكل التالي:
1- علاقات التضاد: السعادة والشقاء؛
2- علاقات شبه التضاد: اللاسعادة واللاشقاء ؛
3- علاقات التناقض: السعادة واللاسعادة ، والشقاء واللاشقاء ؛
4- علاقات التضمن: السعادة واللاشقاء، والشقاء واللاسعادة .
ويعني هذا أن الفاعل الإجرائي أو الذات المهاجرة أو المغتربة تعاني في طياتها تمزقا نفسيا ووجوديا وحضاريا وقيميا بين فعل الهجرة وفعل العودة، أو بين شعور الرغبة في الانفصال ولاشعور العودة:
السعادة الشقاء
اللاشقاءاللاسعادة
ومن المعروف أن المربع السيميائي عند كريماس Greimasأو فرانسوا راستيي François Rastierأو النموذج التأسيسي عند جوزيف كورتيس Josef Courtès يتضمن مجموعة من العلاقات الدلالية والمنطقية كالتضاد وشبه التضاد والتضمن[11]. ويتحقق هذا المربع السيميائي على مستوى البنية العميقة، فهو الذي يولد دلالات الخطابات السردية على مستوى التمظهر النصي أو عبر قواعد المستوى السطحي. ومن هنا، فالمقاربة السيميائية تبحث دائما عن الدلالة أو منطق التواصل، وتكشف عن القواعد الثابتة التي تتحكم في الأجناس والأنواع والأنماط الأدبية.
هذا، ويتضمن المربع السيميائي أو النموذج التأسيسي بنية دلالية بسيطة مولدة لكل مختلف التمظهرات النصية السطحية. كما أن هذه البنية الدلالية البسيطة يقول عنها كريماس:” إنها ذات طابع لازمني، يمكن اعتبارها مؤولا نهائيا، بالمفهوم الذي يعطيه بورس لهذه الكلمة، أي إنها تعد نقطة نهائية داخل سلسلة من الإحالات ونقطة بدئية لهذه البنية يجب أن تفهم بمعنى قابليتها للتحقق في أشكال خطابية بالغة التنوع.”[12]
أما إذا انتقلنا إلى نظرية أفعال الكلام لدراسة خطاب الهجرة والعودة سيميائيا، فمن المعروف أن هذه النظرية تعتبر” فرعا من الفروع المعاصرة لفلسفة اللغة واللسانيات، وهي لا تعمل على دراسة الظاهرة اللسانية في مظاهرها الصورية بقدر ما تعمل على دراستها كعناصر لصيغة سلوك محكم- القاعدة. وبتعبير آخر، فإنها تطمح إلى جعل أحداث الكلام تندرج تحت عنوان النظرية العامة للفعل.”[13]
ومن ثم، ترد أغلب الفقرات الاستجوابية المتضمنة لخطاب الهجرة والعودة في شكل ملفوظات خبرية تقريرية قائمة على التقرير والإثبات والتأكيد باستعمال الجمل الاسمية، واستخدام المؤكدات المصدرية ، والاستعانة بالجمل الفعلية عبر توظيف فعل المضارع الدال على الحاضر وحيوية الواقعة. بيد أن هذه الجمل والملفوظات المثبتة يتبعها أحيانا أسلوب الاستدراك بكلمة ” لكن” ، وكلمة ” على الرغم من” …، أو أسلوب النفي” ليس”، أو أسلوب التخصيص والتمثيل” خصوصا”…
ويعني هذا أن الملفوظات الإنشائية قليلة جدا في هذه الاستبيانات الحوارية كما هو الحال في هذا الشاهد النصي:” ماذا أعطاني هذا المغرب؟ لقد دمر حياتي وسلبني كل شيء. هنا على الأقل احترموني ووفروا لي كل شيء”.
وعلى العموم، فلقد وظفت هذه الملفوظات أصنافا من أفعال الكلام كالجمل التمثيلية ، وهي التي تحمل المتكلم على التسليم بصدق القضية المؤكدة. وهي قريبة من الألفاظ التقريرية الأصلية عند أوستين[14]. ومن الأمثلة الدالة على ذلك:” بعضهم يقول لي: إنني جئت إلى هنا لآخذ منصب الشغل من أي إسبانية…”، والجمل التوجيهية التي تحاول أن تحمل المستمع على القيام بشيء ما كأن ينشىء عملا ما أو يعطي المتكلم شيئا ما أو يزوده بالمعلومات كالأوامر والالتماسات والتحديات والنصائح والأسئلة، الخ… كما في هذا المثال: :” أخواي لا يتفهاهمان مع أبي… ربما أبي لا يعجبه ما يقومون به ، ويتخاصم معهم:”لا يجب عليك أن تفعل كذا، أنت لا تعرف شيئا!“، وربما يقفز أحدهم، ويقول له: وأنت ماذا تعرف، لقد تجاوزنا المرحلة التقليدية، أنت الآن في المدينة وليس في البادية”.
وهناك الجمل الوعدية التي تحمل المتكلم على التورط بمجرى فعل مستقبلي كالوعود والعقود وتولي المهام [15]، مثل: ” لقد اتخذت قرار الهجرة منذ سن مبكرة، كنت أحلم بذلك كل ليلة قبل أن أنام. هاجرت كما يمكن لكل إنسان أن يهاجر، الحركة شيء لصيق بالإنسان منذ ولادته(…)”. وهناك مثال آخر: ” سأذهب في السنة القادمة، خلال الصيف لرؤية أبي، لكن المثل يقول:الإنسان أين يعيش وليس أين ولد. لذا، أصبح فعلا يتعذر علي التفكير في الذهاب إلى هناك، أنا بدأت حياتي هنا، ولابد أن أفكر كثيرا قبل أن أنزل“.
أما الجمل البوحية فتتمثل في بعض الأفعال الاتفاقية كالشكر وتوجيه التحية والترحيب والتهنئة التي تفترض شروط صدقها حالة نفسية خاصة[16]، كما في هذا المثال التي تقول فيه امرأة مغربية مهاجرة: ” لقد كنا محظوظين هنا، لنا جيران طيبون، هنا في باييكاس عندي جارة طيبة، تسأل وتساعد، إنها امرأة طيبة جدا، تترك لي ابنتها اهتم بها لحين عودتها، تشتغل في أحد المحلات، زوجها كذلك طيب ويشتغل طوال الوقت، وبما أن أمي لا تشتغل فهي ربة بيت، وتعتني بابنتهم أيضا خلال غيابهم.”
أما الجملة التصريحية déclarations ، فتتمثل في المثال التالي:” الأمر خطير هنا، لا يهم التعرف على أحد، يجهلون كل شيء عنا وعن عاداتنا وثقافتنا، يجهلون كل شيء، والأخطر من ذلك هو أنهم لا يحاولون التعرف على أحد، يجهلون كل شيء، ولا ينظرون إلا لأنفسهم. أنا شخصيا يهمني أن أتعرف على ثقافات وعادات وشعوب أخرى.لا ينظرون إلينا إلا حينما نصلي أو ندخل عبر قوارب الموت، الباقي لا يهم، ويجهلونه كلية. أنا متأكد أنه حينما سنتعرف على بعضنا البعض ستكون الأمور أسهل.”
زد على ذلك، تتضمن الملفوظات الاستبيانية أو الاستجوابية مجموعة من المؤشرات اللغوية الدالة على المكان( هنا/ هناك)، والمؤشرات الدالة على الزمن( الآن/ كنت)، والمؤشرات الدالة على ضمائر التواصل( ضمير المتكلم/ ضمير المخاطب / ضمير الغائب)،والمؤشرات الفعلية الدالة على الحركة(أفعال الهجرة في مقابل أفعال العودة)، والمؤشرات الدالة على الحالة( حالات السعادة وحالات الشقاء).
وتحضر بعض الصور البلاغية للدلالة على ثنائية السعادة والشقاء تضمينا وإيحاء وتصويرا وبيانا كتوظيف صورة التشبيه : ” كنت أحس في المغرب كأنني طائر سجين فقررت أن أهاجر”، واستعمال صورة الاستعارة:” كنت أحس في المغرب بالاختناق وأن هناك شيئا يحبس أنفاسي، ولا يدعني أتنفس بحرية” ، إلى جانب الصور الكنائية الكثيرة…
وتتمحور هذه الملفوظات الاستجوابية حول مجموعة من العوالم الممكنة كالعوالم الحلمية والمثالية (يشكل المهجر أرض الإلدورادو)، والعوالم الحقيقية(المكان الأصل)، والعوالم الدرامية( المعابر والمسالك والحدود وقوارب الموت )، والعوالم العابثة( تتحول أرض الهجرة إلى عبث وانحطاط القيم الأصيلة عن طريق الإدماج والتجنيس والتحرر) ، والعوالم المزيفة (تتحول أرض الغربة إلى وهم وسراب زائف)، والعوالم الروحانية( المسجد والكنسية والكنيس)، والعوالم الثقافية والحضارية(تقابل حضارة الإسلام مع حضارة الغرب). وتتسم هذه العوامل بالتقابل والتضاد والتناقض.
ومن جهة أخرى، فثمة مجموعة من العقود التي يخضع لها منطق التواصل بين المرسل والمرسل إليه ، فهناك مثلا العقد الإجباري ، وفي هذه الحالة يخضع الفاعل الإجرائي لضغوطات وإكراهات الافتقار بكل أنواعه ومكوناته ، وبتعبير آخر: العقد الإجباري هو الذي يوجه فيه المرسل أمرا للمرسل إليه الذي يرغم على القبول ، لأن علاقته بالمرسل علاقة مرؤوس برئيس. والعقد الترخيصي هو الذي ينبني على طواعية إرادة الفاعل وقابليته لإنجاز الفعل، أو هو الذي يخبر المرسل إليه المرسل بإرادته للفعل، فيكون موقف المرسل القبول والموافقة، وفي هذه الحالة يعزم تلقائيا على الإنجاز . أما العقد الائتماني سواء أكان عقدا كاذبا أم صادقا، ففيه يقوم المرسل بفعل إقناعي يؤوله المرسل إليه ، وإن كان الفعل الإقناعي كاذبا يكون الفعل التأويلي واهما مثلما يحدث غالبا عندما يخدع البطل. وبالنسبة لهذا الصنف من العمليات التعاقدية يقبل المرسل إليه خطاب المرسل ، ولا يشك في صحته في جميع الحالات، والرسالة هنا تكون دائما ذات طبيعة كلامية ، وتظهر هنا القيمة الإنجازية للخطاب.[17]
هذا، ويحيل خطاب الهجرة سيميائيا على مجموعة من العقود التي تفهم من خلال الملفوظات والاستجوابات. ومن بين هذه العقود يمكن الحديث عن العقد الإجباري Injonctif contratالذي يتمثل في استجماع الوثائق القانونية المرخصة للهجرة، والحصول على عقد العمل ورخصة الإقامة. ويعني هذا خضوع الذات المغتربة باعتبارها مرسلا إليه لمجموعة من الشروط التي يفرضها المرسل ولو لم تكن في صالح هذه الذات الإجرائية. ويعني هذا أن المرسل يملك قوة القرار وسلطة التنفيذ كما في هذا الاستجواب:” ” وكلما صادفت رجلا في الهاتف إما يقابلني بكلام مخجل أو يسألني أحدهم هل أنت متحررة. لم أفهم كيف، ماذا يهم أن أكون متحررة إذا كنت سأرعى أحد المسنين؟”، ونجد هذا النوع من العقد في مثال آخر:” إذا كانت لك رخصة الإقامة فأنت تملك عملا، ليس لديك مشاكل. وبالتالي، لديك حياة… حينما تحصل على رخصة الإقامة على الأقل يمكنك أن تقول إنك تعيش….، وإذا لم تكن لك أوراق ليس لديك شيء في هذه الحياة.“
وقد يكون العقد بين المرسل والمرسل إليه ترخيصيا Permissif contrat مبنيا على الإرادة المنفردة، فإذا وافق المرسل في هذه الحالة ينتقل المرسل إليه إلى الفعل والإنجاز كما في هذا الاستجواب:” لقد كنا محظوظين هنا، لنا جيران طيبون، هنا في باييكاس عندي جارة طيبة، تسأل وتساعد، إنها امرأة طيبة جدا، تترك لي ابنتها اهتم بها لحين عودتها، تشتغل في أحد المحلات، زوجها كذلك طيب ويشتغل طوال الوقت، وبما أن أمي لا تشتغل فهي ربة بيت، وتعتني بابنتهم أيضا خلال غيابهم”.
وهناك بعض العقود الائتمانية الواهمة والمزيفة التي تقدم للمغترب تصورا إيجابيا عن بلد المهجر، ولكن الواقع شيء آخر:” ” أنا أفضل أن يحكي أحد المسؤولين في إحدى الجمعيات ، وأن يتكلم ويصف بصراحة الوضع هنا، الوضع ليس جنة كما يصوره بعضهم. يجب أن يبينوا للناس كل ما يجري هنا، الإيجابي والسلبي.”
وقد يكون عقد الهجرة والاغتراب غير شرعي وغير مرخص وغير مقنن، وهو الذي يؤدي إلى الهجرة غير الشرعية كما في هذا المثال:” أنت لا تحس في المغرب بأنك مواطن، بلد لا يعترف بمواطنيه وساكنيه وأبنائه، تأتي عليك لحظات تحس أنك تعطي كل شيء لهذا الوطن مقابل لا شيء، تغامر بحياتك لتموت غرقا في أحد قوارب الموت، أحسن، بالنسبة لهم، لأنه تم التخلص من أحدهم.”
وهكذا، فدراسة العمليات التعاقدية مفيدة جدا، ” إذ هي تمكن الباحث من التعرف على النمط التعاقدي الشائع في آثار مؤلف ما أو في مجموعة من النصوص قاسمها المشترك الظرف التاريخي أو نمط الكتابة. فالعقد الإجباري سمة المجتمعات الخاضعة للنفوذ والسلطة. بينما قد يدل العقد الترخيصي على نوع من حرية الإرادة الذاتية واستقلاليتها. وفي كل الحالات يوفر هذا الكشف عناصر طريفة لاستقراء عقيدة الفرد أو المجموعة من خلال الخطاب القصصي [ أو غيره... ] “.[18]
هذا ما يمكن قوله عن خصوصيات وسمات خطاب الهجرة، والذي يمتاز بثنائية الانفصال والاتصال، وتطبعه كذلك ثنائية السعادة والشقاء، وغالبا ما يخضع للعقد الإجباري أو العقد الائتماني المزيف أو العقد التطوعي غير الشرعي. علاوة على ذلك، فهذا الخطاب تشكله مجموعة من المحفزات والدوافع والمعيقات العاملية، وينبني على مجموعة من الوظائف الإيجابية أو السلبية والصيغ التلفظية المتنوعة.
q سيميائية الفضاء:
الهجرة هي انفصال الذات الفاعلة (المهاجرة أو المرتحلة أو المغتربة…) عن موضوع القيمة في الزمان والمكان، وغالبا ما يتحدد زمن الهجرة حسب” لسان العرب” لابن منظور في ستة أيام فصاعدا، أو سنة حولية، أو قد يطول الغياب أو المغيب. ويعني هذا أن زمن الانفصال قد يكون محددا أو غير محدد، مفصلا أو مطلقا. كما يمكن الحديث سيميائيا عن زمن الانطلاق وزمن العبور وزمن الوصول وزمن المغامرة أو التجربة وزمن العودة. ويعني هذا أن زمن الهجرة غالبا ما يكون زمنا دائريا مغلقا إذا ارتبط حركيا بفعل العودة أو قد يكون زمنا تعاقبيا مفتوحا إذا لم ينته إطلاقا بفعل العودة.
وقد يكون الانفصال إما عن مكان طبيعي كالبادية، والذي يتسم بالحرية والعفوية والتلقائية وكثرة الارتجال، وإما عن مكان ثقافي كالمدينة أو الدولة، والذي يطبعه في المقابل العقل والقانون والسلطة وسيادة القواعد. وبالتالي، فالانفصال عن الموضوع المكاني يكون إما انفصالا داخليا (الهجرة الداخلية) وإما انفصالا خارجيا(الهجرة الخارجية).
هذا، ويمكن الحديث عن أنواع عدة من الأمكنة السيميولوجية التي ترتبط بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية. وهذه الأمكنة السيميولوجية هي على النحو التالي:
1- المكان الأصل أو الانفصال: ونعني به عادة مسقط الرأس ومحل العائلة ومكان الأنس والاستقرار.[19] بيد أن الإساءة تحدث في هذا المكان، فيترتب عن ذلك سفر الفاعل بحثا عن وسائل التحسين والإصلاح والإنجاز. وتتمثل وظيفة هذا المكان في خلق مبررات الأسفار والأفعال.
2- المكان الوسيط أو مكان العبور:يرتبط هذا المكان بفضاءات الحدود الطبيعية والاصطناعية ، ويقترن كذلك بالمعابر والمسالك والأجواء والبحار. ويحيل هذا المكان على زمن المغامرة والمخاطرة والتجربة والتجاوز.
3- مكان الهدف أو الاتصال: يشير إلى نقطة الوصول، ويحيل على مكان المهجر أو مكان الاغتراب.
q سيميائية العودة:
نعني بسيميائية العودة اتصال الفاعل الإجرائي بالمكان الأصل بعد الانفصال عنه لمدة زمنية محددة ، ويمكن صورنة ذلك على الشكل التالي:
[ ف.ج ٧ مو ← ف.ج ٨ مو]
ويظهر لنا من خلال هذه القاعدة المجردة أن الفاعل الإجرائي(الذات المهاجرة)، يعود مرة أخرى بعد فعل الهجرة والانفصال ليتصل بموضوعه مرة أخرى. وهذا الموضوع المرغوب فيه يتمثل في الاتصال بالمكان الأصل، والذي يكسب الفاعل الإجرائي مجموعة من القيم الرمزية والاجتماعية كالدفء والحميمية والكينونة والهوية والتجمع العائلي والتلاحم الاجتماعي والالتحام بالوطن.
هذا، وتتحول العودة إلى علامات اقتصادية تحيل على الثروة والغنى والثراء( ترويج العملة الصعبة أو تكديسها أو الحفاظ عليها)، وذلك للحد من البطالة والافتقار والعوز والحاجة، وتحيلنا أيضا على فاعلية التنمية المحلية والجهوية ، وفاعلية الاستثمار في الوطن ضمن ميادين شتى كالاستثمار الفلاحي، والاستثمار الصناعي، والاستثمار العقاري، والاستثمار التجاري، والاستثمار السياحي، والاستثمار الثقافي والتربوي، والاستثمار في الخدمات… . وتؤشر هذه العودة كذلك على حركية الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، والمساهمة الخلاقة في رفع مداخيل خزينة الدولة (5.24 مليار دولار) ، والتخفيف من المديونية الداخلية ، والحد من المديونية الخارجية التي وصلت إلى 18.5 مليار دولار في سنة 2009م.
وتتخذ العودة اجتماعيا وأنتروبولوجيا مجموعة من العلامات القيمية الإيجابية التي تتمثل في: التلاحم الاجتماعي، والتجمع العائلي، والتضامن الأسروي، وحب الوطن والأمة ، والحنين إلى المكان الأصل ، والتشبث بالعقيدة والدين والكينونة، والحفاظ على القيم الموروثة في شكل عادات وأعراف وتقاليد، والمساهمة في بناء الدولة اقتصاديا واجتماعيا ومؤسساتيا وثقافيا وحضاريا وحداثيا.
وهناك مجموعة من العلامات والرموز والإشارات والأيقونات المصاحبة لخطاب العودة كاستقدام السيارات الغالية والفارهة والمكشوفة، وتمثل التقليعات الغربية الجديدة على مستوى الموضة ، وتوسيم الجسد بالوشم، والإنفاق بسخاء وتبذير، والتمرد عن العادات والتقاليد الموروثة، والتحرر من القيم الدينية والأخلاقية، وسواقة السيارات بسرعة جنونية، واستعمال الموسيقى الصاخبة، والإكثار من السلاسل الذهبية، والميل إلى البذخ الواضح، وإظهار العضلات. وكل ذلك يعبر عن التعويض النفسي والاجتماعي عن مجموع القهر والميز والتهميش الذي يتعرض له المهاجر على الدوام ببلدان المهجر. كما أن هذه المؤشرات السيميائية تدل على:”إعلان الحضور والتميز، فالأمر يتعلق بمحاولة لإثارة انتباه الجميع، وإعلان الهوية الاجتماعية الجديدة التي تؤشر على الحراك الاجتماعي الرأسي، والانتهاء بالتالي من شروط العهد السابق المفتوحة على الفقر والعطالة وسوء الاندماج.
وبالطبع، فهذه السيارات ذات اللوحات الرقمية التي تحيل على مدن ودول الضفة الأخرى لابد وأن تؤجج في أعماق الذين انسدت في وجوههم الآفاق سؤال الهجرة نحو الضفة الأخرى”.[20]
بيد أن هناك معيقات عدة توضع أمام عودة الفاعل الإجرائي كالمعيقات الاقتصادية والمالية والإدارية والسياسية والاجتماعية ، فتحد من أنشطته الاستثمارية ، ثم تحد من فاعليته في مجال التنمية المحلية والجهوية والوطنية كالبيروقراطية، وبطء المساطر الإدارية، وعدم تعاون الأطر الإدارية، وانتشار الزبونية والرشوة، وارتفاع معدلات الضريبة الجبائية، وصعوبة الحصول على القروض البنكية ، وذلك لارتفاع الفوائد وانعدام الضمانات…
تركيب استنتاجي:
وهكذا، يخضع المهاجر باعتباره ذاتا فاعلة أو عاملا إجرائيا لمجموعة من الحوافز التي تؤهله للبحث عن الموضوع المرغوب فيه. وهكذا، يمر هذا الفاعل عبر مجموعة من الاختبارات السيميائية كالاختبار التحفيزي أو الترشيحي ، وذلك انطلاقا من امتلاك مجموعة من المؤهلات المعرفية، والإحساس بإرادة الفعل والرغبة فيه ، والقدرة على إنجازه باعتباره واجبا كينونيا بالنسبة للعامل الإجرائي. وبطبيعة الحال، فالفاعل المهاجر تدفعه مجموعة من الحوافز، والتي يمكن حصرها بصفة عامة في محفز رئيس ألا وهو: محفز الافتقار، والذي يستوجب التحسين والإصلاح، والذي لا يكون إلا بالاختبار الإنجازي أو الإجرائي عبر المغامرة ، وعبور المسالك والحدود الطبيعية والاصطناعية قصد تحقيق الهدف والغاية، والحصول على الموضوع المرغوب فيه. وبعد ذلك، يخضع العامل الفاعل للتقويم والاختبار التمجيدي القائم على المدح أو التوبيخ، ولاسيما بعد عودته إلى مكان الأصل، وذلك بعد فترات المغامرة في مكان الهجرة والاغتراب. وحينما يعود الفاعل المغترب إلى أرض الوطن، يتم تمجيده عن طريق اعتراف المجتمع بكفاءة البطل، وذلك اعتمادا على مجموعة من المعايير الرمزية والمادية : امتيازات الهجرة القانونية، والتجنيس ، والاندماج، والزواج ، والتميز الاجتماعي والطبقي، والتفرد الأسري. بالإضافة إلى تحصيل العلم وأسباب الثروة، وامتلاك وسائل الترفيه والبذخ المادي، والقدرة على الاستثمار الاقتصادي والمالي… وهذه المعايير هي التي تحقق للذات البطلة التآلف الاجتماعي ، وتمده بالتوازن النفسي الشعوري واللاشعوري، وتكسبه الانسجام مع المجتمع، وذلك بعد فترة اختلال مع الآخرين قبل مرحلة الهجرة. ومن هنا، فلابد للمجتمع المتعلق بالتقاليد الأصيلة والأساليب القيمية الموروثة ، والتي تعاني من الافتقار المؤقت أو المزمن، أن يمجد المغترب إشادة وتنويها واهتماما، ويمنحه الحظوة المتميزة التي يستحقها. وبالتالي، يبوئه المكانة اللائقة التي تكافئ فعله .
المصادر والمراجع:
[1] - عبد اللطيف حسني وآخرون: حالة المغرب 2009- 2010م، منشورات وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى 2010م، ص:122؛
2 – انظر: د. عبد المجيد العابد: (السيميائيات: الجذور والامتدادات)، جريدة المنعطف الثقافي، المغرب، السبت/ الأحد 24-25 يوليوز 2010م، ص:8؛
3 – د. سعيد بنكراد: السيميائيات السردية، منشورات الزمن، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2001م، ص:5؛
4 – Ferdinand De Saussure : Cours de linguistique générale.Ed.Payot, Paris, 1985, p : 53 ;
5 – خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا، ترجمة: الدكتورة كنزة الغالي، منشورات الزمن، الرباط، سلسلة ضفاف،الكتاب 11، الطبعة الأولى سنة 2008م، صص:82-126؛
6- ابن منظور: لسان العرب، ضبط وتعليق: د.خالد رشيد القاضي، الجزء الخامس عشر، دار صبح وإديسوفت، بيروت، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2006م، ص28-31؛
7 – د. حميد لحميداني: بنية النص السردي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:41؛
8 – انظر: خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا، ترجمة: الدكتورة كنزة الغالي، منشورات الزمن، الرباط، سلسلة ضفاف،الكتاب 11، الطبعة الأولى سنة 2008م؛
9- خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا،ص:82؛
10- خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا،ص:82؛
11- انظر: جوزيف كورتيس:مدخل إلى السيميائيات السردية والخطابية، ترجمة: جمال حضري، مطبعة الجسور بوجدة، الطبعة الأولى سنة 2007م، ص:73 وما بعدها؛
12- سعيد بنكراد: السيميائيات السردية، منشورات الزمن، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2001م، ص:55؛
13- كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ترجمة: رئيف كرم، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1992م، ص:242؛
14- كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:257؛
15- كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:258؛
16- كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:258؛
17- سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ص:70-71؛
18- سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ص:71؛
19- سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ديوان المطبوعات الجزائرية بالجزائر والدار التونسية للنشر، الطبعة الأولى سنة 1985م، ص:61-62؛
20- د. عبد الرحيم العطري: (سؤال الهجرة بين قطران الوطن وعسل الضفة الأخرى)، جريدة المنعطف، المغرب، العدد: 3786، الخميس 29 يوليوز 2010م، ص:6.
------------------------------------------------------------------------
[1] - عبد اللطيف حسني وآخرون: حالة المغرب 2009- 2010م، منشورات وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى 2010م، ص:122؛
[2] – انظر: د. عبد المجيد العابد: (السيميائيات: الجذور والامتدادات)، جريدة المنعطف الثقافي، المغرب، السبت/ الأحد 24-25 يوليوز 2010م، ص:8؛
[3] – د. سعيد بنكراد: السيميائيات السردية، منشورات الزمن، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2001م، ص:5؛
[4] – Ferdinand De Saussure : Cours de linguistique générale.Ed.Payot, Paris, 1985, p : 53 ;
[5] – خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا، ترجمة: الدكتورة كنزة الغالي، منشورات الزمن، الرباط، سلسلة ضفاف،الكتاب 11، الطبعة الأولى سنة 2008م، صص:82-126؛
[6] – ابن منظور: لسان العرب، ضبط وتعليق: د.خالد رشيد القاضي، الجزء الخامس عشر، دار صبح وإديسوفت، بيروت، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2006م، ص:28-31؛
[7] – د. حميد لحميداني: بنية النص السردي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:41؛
[8] – انظر: خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا، ترجمة: الدكتورة كنزة الغالي، منشورات الزمن، الرباط، سلسلة ضفاف،الكتاب 11، الطبعة الأولى سنة 2008م؛
[9] – خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا،ص:82؛
[10] – خايما مارتين مونيوث: الإسلام والمسلمون في إسبانيا،ص:82؛
[11] – انظر: جوزيف كورتيس:مدخل إلى السيميائيات السردية والخطابية، ترجمة: جمال حضري، مطبعة الجسور بوجدة، الطبعة الأولى سنة 2007م، ص:73 وما بعدها؛
[12] – سعيد بنكراد: السيميائيات السردية، منشورات الزمن، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2001م، ص:55؛
[13] – كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ترجمة: رئيف كرم، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1992م، ص:242؛
[14] – كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:257؛
[15] – كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:258؛
[16] – كير إيلام: سيمياء المسرح والدراما، ص:258؛
[17] – سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ص:70-71؛
[18] – سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ص:71؛
[19] - سمير المرزوقي وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة، ديوان المطبوعات الجزائرية بالجزائر والدار التونسية للنشر، الطبعة الأولى سنة 1985م، ص:61-62؛
[20] - د. عبد الرحيم العطري: (سؤال الهجرة بين قطران الوطن وعسل الضفة الأخرى)، جريدة المنعطف، المغرب، العدد: 3786، الخميس 29 يوليوز 2010م، ص:6؛


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.