جعلت من المستشفى فضاء روائيا لأكتب عن الألم والموت قال الكاتب المغربي الطاهر بنجلون إنه جعل في كتابه الأخير الصادر بفرنسا تحت عنوان «الاستئصال» من المستشفى فضاء روائيا بامتياز يكتب من خلاله عن الحياة والمرض والألم. ويوافق الشاعر والروائي المغربي، الذي حل يوم الثلاثاء الماضي، ضيفا على المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، على أن الإصدار الجديد «نص قاس وعنيف» يحلق في ساحة الجرح والمرض والعيش على ضفة الموت، ولذلك جاءت جمله قصيرة ومباشرة. وأوضح صاحب جائزة الغونكور الفرنسية، الذي ألف روايته من وحي زيارات لمستشفى فرنسي يعالج مصابين بسرطان البروستات، أن المستشفى فضاء لأشياء ذات صلة بالحياة والموت، أشياء حساسة حتمت تفادي أي غش أو افتعال درامي، بل جاء الوصف مباشرا في صيغة جمل قصيرة تكتسي لون الألم. « لقد حكيت بلا ماكياج، بلا غش أدبي، علما أن الرجال يتحدثون عن مرضهم هذا بصعوبة»، يقول الطاهر بنجلون الذي يعتبر كتابه حالة إبداعية خاصة ضمن مساره الأدبي. وتبلورت فكرة انجاز الكتاب في خضم تبلور صداقته مع أحد الأخصائيين الذي عبر له عن رغبة قوية في صدور كتاب حول معاناة رجال مصابين بمرض عضوي تترتب عنه عواقب نفسية وخيمة، وقدم له أحدى المرضى الذي تابع بنجلون حالته، ليتغلغل الى عمق المعاناة والألم، من خلال جلسات دامت ساعات طويلة. ويبدو أن كتاب «الاستئصال» (لابلاسيون) الذي صدر في يناير بفرنسا عن دار غاليمار، ليس نصا صادما للقارئ وحده، حيث يعترف صاحب «ليلة القدر» بانه وجد صعوبة في التحرر من النص، بل إن الناشر أبدى تخوفا من ردود الفعل تجاه الكتاب، وطلب تغيير العنوان على الأقل، لولا أن الكاتب تمسك بخياره. وعرج الطاهر بنجلون، في الجلسة التي أدارها الناقد عبد الرحمان طنكول، على قضايا عدة تهم بعض محطاته الأدبية ومهمة الأدب في ظل التحولات والانفجارات الراهنة، مؤكدا في هذا السياق أن الأدب أمر ضروري، وإن كان محدود القدرة على صنع التغيير المباشر. وتساءل كيف يمكن لنخب مثقفة ان تقف متفرجة على حملات انتهاك منهجية للحق في الحياة والحرية، على شاكلة ما يمارسه نظام بشار الأسد وعصابات المرتزقة في سورية. «الكاتب شاهد على عصره يقول بنجلون- قد لا يغير نص أدبي شيئا على الأرض، لكن، في انتظار وصول القصيدة الى السلطة، فإن الأسوء هو ألا تكتب شيئا». وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح الطاهر بنجلون أن الكاتب منوط به الانصات الى نبض شعبه، والحديث بلسان أحلامه، وتفكيك الواقع ليس بأدوات تقريرية جافة، بل باستغلال الفضاءات الأرحب للمتخيل. وأشار بنجلون الى أن الكاتب المبدع لا ينسخ ما يراه الجميع واقعا قائما، بل يمتح من الواقع نسغه ويعيد تشكيل اللوحة لتصبح مرآة أدبية لقيم العصر وقلقه وتحولاته.