لنكن واضحين منذ البداية. لم تتح لي بعد فرصة قراءة آخر روايات الطاهر بنجلون، وهي العمل الموسوم ب «السعادة الزوجية» والصادر عن دار النشر «غاليمار». ومع ذلك، ولتكوين رأي أولي حولها قد يدفعني إلى اقتناء الرواية أو إلى الإحجام عن قراْءتها، اطلعت على بعض ما كتب عنها في الصحافة الفرنسية. في هذا الإطار، لفتت انتباهي متابعة «نقدية» تضمنتها أسبوعية «لونوفيل أوبسرفاتور» (13 شتنبر 2012)، تشكل نغمة نشازا خارجة عن لحن الاحتفاء الصحفي الفرنسي بآخر إبداعات صاحب جائزة الغونكور الأدبية (1987) وعضو لجنة تحكيمها حاليا. المقال هذا لا يخلو من «سخرية لاذعة» ومن «تهشيم ممنهج» لمتن الرواية، أما سبب نزوله، فهو تقييم الأعمال الأخيرة لأعضاء لجنة جائزة الغونكور قبل أن يصدروا، هم، حكمهم على الآخرين ويمنحوا الجائزة التي تجعل النص الحاصل عليها يتصدر المبيعات. «لا تثقوا بألسنة السوء التي قد تذم الرواية.» هكذا يفتتح المقال، مستطردا أن «السعادة الزوجية» عمل يتضمن جملا رائعة من عيار «إذا كان أحد طرفي الزواج حكيما، فالطرفان معا يكونان سعيدين» أو «الموت فعل سهل، لكن العيش أمر عسير». لكن هذه الجمل الرائعة مقتبسة كلها من فريتز لانغ أو ساشا غيتري أو بيرغمان، وقد أثبتها المؤلف في استهلال العديد من فصول روايته، مؤكدا بذلك «إتقانه لفن العبارات الاستهلالية». «أما الحديث عن تملك الطاهر بن جلون لفن الرواية، فتلك قضية أخرى»، يضيف المقال موضحا أن العمل الجديد ينقسم إلى «جزأين اثنين مثل عروض طلبة العلوم السياسية المكتوبة بشكل متسرع». في الجزء الأول، «يوظف رجل منحدر من بورجوازية فاس تعرضه لحادث دماغي-عصبي أصابه بالشلل لتقليب مختلف مشاكله الزوجية. أما في الجزء الثاني، فالمرأة، ذات الأصول القروية، هي التي تتهم زوجها الذي خانها عدة مرات بأنه «خائن دنيء القيمة»». ويعاتب المقال الطاهر بن جلون، من جهة أخرى، على غياب الانسجام في روايته، معللا ذلك بجملة وردت في الصفحة 100 من النص «كانت تلك هي المرة الأولى التي ينطق أحد خلالها بكلمة طلاق بخصوص زواجهما» ومبرزا أن شخصية أخرى من شخصيات الرواية تحدثت عن الطلاق في صفحة سابقة (الصفحة 89). ويظل أهم سهم وجهه المقال، الموقع من طرف صحفيين اثنين، لبن جلون أن هذا الأخير يردد جملا تندرج تحت يافطة البديهيات، علما أن تكرير «الواضحات من المفضحات». أجل، اختار الكاتب أن يكون بطل نصه فنانا تشكيليا، مما أفسح له المجال لكتابة أفكار أكل الدهر عليها وشرب، من قبيل: «أن الفنان لا يمتلك يقينيات» أو «أن ذاته برمتها، عمله برمته مسكونان بالشك». وفي سياق ذات الاتهام لبن جلون بتوظيف عبارات لا تقدم أدنى جديد، يسرد المقال عدة جمل أخرى مستلة من الرواية منها: «حين يشاء سوء الحظ أن تتعرض لحادث، فإن محيطك يغير تعامله معك فجأة»، الإصابة بشلل مناسبة تدفع المرء إلى «إعادة النظر في كل شيء»، «حين يشعر مريض بأنه تم التخلي عنه، فألمه يصبح أكثر مخاتلة، أكثر قسوة»... بمكر، يخلص المقال إلى أن «جرأة» رواية بن جلون الأخيرة، «السعادة الزوجية»، تستحق جائزة أدبية، «لكن هذه الجائزة لن تكون الغونكور لسوء الحظ، لأن الرجل عضو في لجنة تحكيمها.»