قدم مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، مساء أول أمس الخميس بالرباط مضامين ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي يعد بمثابة خارطة طريق وضعت أسسها الهيئة العليا للحوار بعد عمل امتد على مدى سنة كاملة، إذ كشف أن التوصيات التي تضمنها هذا الميثاق والتي توجت بموافقة الملك محمد السادس، ترسم التوجهات العميقة التي يجب أن تحكم هذا الإصلاح، وتحدد بالتفصيل الأهداف الإستراتيجية الكبرى والتي تشمل توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وتعزيز القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها. وزير العدل والحريات الذي وصف أمام رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وعدد من أعضاء الحكومة ومسؤولي عدد من المؤسسات الوطنية، والمسؤولين القضائيين وسفراء أجانب وممثلي منظمات دولية والمجتمع المدني، المسار الذي نهجته الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح العدالة، بالناجح، على اعتبار أنها اعتمدت المنهجية التشاركية والإدماجية من أجل إنجار هذا الميثاق، إذ كان ثمرة لنقاش ومشاورات مع مختلف الفاعلين سواء منهم المرتبطين مباشرة بمنظومة العدالة، أو مؤسسات وطنية، وقطاعات حكومية، وهيئات سياسية، ونقابية، وحقوقية، والتي تمثل جميعها كل أطياف المجتمع المغربي، أقر من جهة بالجهود الإصلاحية التي تم بذلها على عهد الحكومات السابقة، كما أقر بالتحدي الكبير الذي تمثله عملية تفعيل الإصلاح الذي تم بشأنه إجراء حوار عميق وشامل. واعتبر المسؤول الحكومي أن ميثاق إصلاح العدالة، بما تضمنه من تشخيص موضوعي صادق وعميق، وتوصيات مدروسة، واضحة ومضبوطة، إذ وضع ستة أهداف رئيسية، ينبثق عنها 36 هدفا فرعيا، كما وضع 200 آلية لتنفيذه الفعلي، تشمل 353 إجراء تنفيذيا، تم تضمينها في المخطط الإجرائي المرفق بالميثاق، يكون قد وضع مخططا متكاملا للتنفيذ، واضح الرؤية. وأبدى الوزير في هذا الصدد التزامه برفع التحدي والاجتهاد بتنفيذ ما تضمنه الميثاق الوطني للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، معربا عن ثقته في الحصول على دعم رئيس الحكومة وأعضائها لهذا المسار الإصلاحي وتوفير ما يقتضيه تنفيذه من نصوص قانونية وتنظيمية، وإمكانيات مادية وبشرية، بل والحصول على دعم أعضاء البرلمان بغرفتيه من أجل إثراء ما سيعرض عليهم من نصوص قانونية لتفعيل الميثاق والعمل على إخراجها إلى حيز الوجود في أسرع الأوقات والآجال، معلنا في ذات الوقت وبشكل شبه صريح أنه على استعداد للمحاسبة في حال لم يلتزم بما تعهد به بشأن تنفيذ مضامين الميثاق. وكشف أن الوزارة شرعت في الإعداد لترجمة عدد من التوصيات التي جاء بها الميثاق، حيث أعدت مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتم عرضه بقصد إبداء الرأي، على أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، كما أن الوزارة بصدد إعداد المرسوم المتعلق بمراجعة الوضعية المادية للقضاة، تنفيذا لبنود الميثاق، ووفاء بما تم الالتزام به سابقا. فضلا عن مباشرة الوزارة إعداد مشروع القانون التنظيمي الخاص بالنظام الأساسي للقضاة، مشيرا أن هذا المشروع يتوخى إعادة النظر في شروط ولوج مهنة القضاء بما يضمن رفع المستوى العلمي للمرشحين، ووضع الآليات الملائمة لانتقاء الأشخاص المؤهلين علميا وأخلاقيا، وإخضاعهم لمدة تكوين وتدريب كافية تؤهلهم للنهوض برسالتهم القضائية على الوجه الأكمل، بالإضافة إلى أنه يتوخى تحفيز القضاة الممارسين باقتراح إضافة درجتين إضافيتين بعد الدرجة الاستثنائية، تفتح للقضاة ذوي الأقدمية آفاق الترقي، وتذكي حماسهم واجتهادهم، على مدى مسارهم المهني. هذا ومن جانب آخر أعلن مصطفى الرميد خلال الندوة الصحفية التي تلت هذا اللقاء، أن سنة 2014 ستكون سنة تفعيل ما تضمنه ميثاق إصلاح العدالة من توصيات، مشيرا أن الميثاق سيكون له وضع رمزي لكونه حظي بثقة جلالة الملك محمد السادس وكل الفعاليات، لكن على البرلمان أن يناقش المضامين التي جاء بها هذا المشروع شريطة أن يأخذ بعين الاعتبار الجهد المبذول، مؤكدا أن الميثاق يعد ثمرة حوار وطني ونتاج مساهمة عدد من المتدخلين والفعاليات بمختلف مشاربها وأطيافها وليس من صنع حزب أو حكومة. ويشار إلى أن ميثاق إصلاح منظومة العدالة تم تصميمه في جزأين اثنين، بحيث تضمن الجزء الأول تشخيصا لوضعية العدالة بما يبرز إشكالياتها، والصعوبات التي تعترض سيرها، وبناء على هذا التشخيص تمت بلورة الرؤية العامة لإصلاح منظومة العدالة، راسمة التوجهات الكبرى التي يجب أن تحكم هذا الإصلاح، فيما الجزء الثاني من الميثاق، تناول بالتفصيل الأهداف الإستراتيجية الكبرى لجوانب الإصلاح .