مسؤول سعودي: لن نسمح باستهلاك الكحول في كأس العالم 2034    مصرع أربعيني في حادثة سير نواحي سطات    بنسعيد يبرز بجدة دور جلالة الملك في الدعم الدائم للقضية والشعب الفلسطينيين    النقابة الوطنية للتعليم تقرر التصعيد في وجه الوزارة بسبب إغلاق باب الحوار    بايرن ميونيخ وبنفيكا يقتربان من ثمن نهائي أبطال أوروبا وكلوب بروج يفاجئ أتلانتا    الرجاء يطرح تذاكر مواجهة شباب السوالم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    "نحيفا" و"متوتراً".. هكذا ظهر عزيز البدراوي في أولى جلسات محاكمته    ميدلت :الطائفة اليهودية تحتفل بهيلولة "ربي إسحاق أبي حصيرة"    زهير بهاوي يلغي حفله في بلجيكا لهذا السبب    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    منتجو لحوم الدواجن يستبعدون زيادات في الأسعار خلال رمضان    حكام مغاربة يتسلمون شارات التحكيم الدولية الخاصة بفيفا    زريدة مودعا الرجاء: "النادي سيظل في قلبي إلى الأبد وهو جزء من تاريخي وهويتي ولن أنسى فضله"    موانئ البحر الأبيض المتوسط تشهد انتعاشًا ملحوظًا مع بداية العام بزيادة كميات الصيد    بوريطة: المغرب لا يسعى للريادة الإفريقية لمصلحته الخاصة، بل يطمح إلى أن تكون الريادة لصالح القارة الإفريقية بأكملها    السجن لمقاول متهم بالنصب على متضررين من "زلزال الحوز" بتارودانت    منظمة "ماتقيش ولدي" تعين الأستاذ مولاي الحسين الراجي للدفاع عن الطفلة الضحية بقلعة السراغنة    10 جرحى بانفجار قنبلة يدوية في حانة بمدينة غرونوبل الفرنسية    نور الدين زاوش يكتب عن التطبيع الجزائري الحلال    اليسار يتهم رئيس جماعة أزيلال ب"إعدام" فريق لكرة القدم    تقدم باتجاه إنهاء أزمة الهدنة في غزة    النفط يتراجع مع احتمال حل الأزمة الروسية الأوكرانية    الدار البيضاء.. توقف مؤقت لبضع ساعات لحركة السير بين بدالي سيدي معروف وعين الشق ليلة الخميس إلى الجمعة    إفريقيا تُقصي الجزائر.. سقوط مدوٍّ في الاتحاد الإفريقي: فكيف أصبحت دولة منبوذة دبلوماسيًا؟    جمهورية الريف، السيبة والوطن    كيف يستهدف النظام الجزائري بالمال والسلاح السيادة والاستقرار في مالي..؟    بنيس: حركة المساندة الفلسطينية تقتصر على التعبئة ولا تملك بُعدا ثقافيا    سيرة ذاتية لقالب السكر: فلسفة الهدايا التي لا تذوب    ذكرى رحيل الشّاعر خُوسِّيه إمِيليُو باشِيكُو    تعزيز التعاون الثقافي بين الدار البيضاء وشنغهاي: لقاء مع وفد من متحف الصين للفنون    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    قيوح يفتح تحقيقات في شريط فيديو يوثق تهور سائق حافلة ليلا في طريق وطنية    الصين: حوالي 2,11 مليون وحدة، اجمالي حجم انتاج سيارات الركاب في يناير    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الكبرى لصناعة النسيج ب7,5 بالمائة في 2024    صندوق النقد الدولي يحث الحكومة على ضرورة توسيع قاعدة الضرائب    وزارة العدل تطمئن النقابات بخصوص العمل على تنزيل مضامين الاتفاقات    رمضان 2025 في المغرب .. إمساكية ومواقيت آذان الفجر والمغرب    دماء الشباب تُراق في طنجة: إلى متى يستمر هذا النزيف؟    الشيبي يتألق بعد "مباراة الإيقاف"    يهود المغرب يحتفلون بهيلولة ربي إسحاق أبي حصيرة    الرئيس المصري والعاهل الأردني يبحثان تطورات القضية الفلسطينية    صحيفة العرب اللندنية تتحدث عن فضيحة الجزائر وصنيعتها بوليساريو: كيف فشل النظام الجزائري في استعادة عسكريين وانفصاليين قاتلوا في صفوف الأسد    صفعة جديدة لنظام العسكر.. الجزائر تفشل في إقناع الأفارقة بقبول انضمامها إلى مجلس السلم والأمن    الشرطة المغربية تعتقل كويتيا متورط في جرائم مالية واقتصادية    حركة "حماس" ترفض لغة التهديدات    مليلية تسجل حالات إصابة بالحصبة    بعد المغرب.. تفشي الحصبة "بوحمرون" في الولايات المتحدة الأمريكية    الدكتور عميريش مصطفى: التلقيح يعد الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للوقاية من داء الحصبة    سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024 – 2025    "دوزيم" الأكثر مشاهدة خلال 2024 وسهرة رأس السنة تسجل أعلى نسبة    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



)2( الشعر والغناء والرقص عند «هوارة»
نشر في بيان اليوم يوم 14 - 07 - 2013

كاتب مسرحي وسيناريست وناقد، من أهم أعماله الدرامية مسرحية «قاضي حاجة» التي أنتجتها فرقة أكاديما بمراكش من إخراج حسن المشناوي وصورت للقناة الثانية 2M، ومسرحية «قايد القياد الباشا الكلاوي» إنتاج النادي الفني كوميديا والقناة الأولى SNRT إخراج حسن هموش، ومسرحية «رياض العشاق» إنتاج المسرح المفتوح بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس إخراج عبد الصمد دينية، ومسرحية «الروكي بوحمارة» إخراج حسن هموش لفائدة النادي الفني كوميديا..
ثم مسرحية «الجدبة» إنتاج مسرح الحال بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس فكرة وإخراج عبد الكبير الركاكنة. ومعظم هذه النصوص منشورة.
ساهم في كتابة سيناريوهات لحلقات مجموعة من السلسلات التلفزيونية كسلسلة «طالع هابط» القناة الأولى، «ناس الحومة» القناة الثانية.. ومسلسل «دموع الرجال» إخراج حسن غنجة إنتاج القناة الثانية. وكتب عدة أشرطة تلفزيونية منها «آسفة أبي» و»شهادة ميلاد» «الزمان العاك».. له إسهامات في مجال النقد المسرحي والسينمائي والأدبي ونشر عدة مقالات ودراسات بمختلف المنابر الصحافية الوطنية والعربية..
مدخل
لا يجادل أحد في أن تراث الأمة هو كيانها، بل هو الرئة التي تتنفس منها ثقافة الأجيال الناشئة وهو القلب النابض الذي يغذي فكر هذه الأجيال وثقافاتها، فلا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نعزل الفرد عن تراثه، وقديما قال الإمام الغزالي «لا يمكن للإنسان أن يخرج عن أصله كما لا يمكنه أن يخرج من جلده».
لكن! هل التراث هو الانكباب الأعمى على كل ما هو ماض قديم بدعوى أنه تراث؟ لا نعتقد ذلك، فالتراث هو محاورة هذا الماضي والاعتراف له بإيجابياته، ومميزاته، ودحض الجوانب السلبية فيه، ونقطة لا بد من الإشارة إليها، هي أن هذا التراث كل متجانس تتعدد فيه الثقافات (ثقافة العوالم وثقافة الخواص) إلا أنه ومع بالغ الأسف كانت العناية في تاريخ تراثنا العربي بثقافة الخواص أكثر من ثقافة العوام، فكان الاهتمام بالأولى (الثقافة العالمة) على حساب الثانية (الثقافة الشعبية) والتي هي ثقافة الأمة والسواد الأعظم من أبناء الشعب.
كانت ثقافة الشعب إذن، ما معنى الثقافة، يقول بيير موانو «الثقافة كلمة وسادية، فهي تشكل نفسها وفقا للرأس الذي يستند عليها». (1) ( بيير مرانو : التعايش الثقافي : مجلة ديوجين – السنة 10- 1986- ص 72.)
والملاحظ أن هذه الصفة تجعلها، قابلة لاحتواء أي سلوك أو تعبير عن سلوك أو رغبة، لذلك اهتمت بها الدراسات الاجتماعية، ومفهوم الثقافة مفهوم واسع جدا، لأنها موجودة في كل مكان أيا كان ميدان النشاط الاجتماعي، الشيء الذي يجعلها مثار اهتمام مختلف الباحثين، مما أدى إلى إنتاج مفاهيم متعددة أحصى منها الباحثان كروير وكلوكهون 160 تعريفا.
ورغم أن الكاتبين يخلصان إلى صعوبة إعطاء مفهوم محدد للثقافة، إلا أنهما مع ذلك يفضلان المفهوم القائل بأن الثقافة هي «مجمل نشاط الإنسان الخلاق تمييزا لها عن ظاهرات الطبيعة» (2) أي ما يميزها هو العقل .( 2 كيلله – كوفالسون: دراسة في نظرية المجتمع الماركسي – ص 140)
فالثقافة مرتبطة على الدوام بالإنسان وعلاقته الوطيدة بالطبيعة وبالمجتمع الذي تجري فيه، إنها عملية دائمة لا تقتصر فقط على إبداع الثقافة بل تشمل كلمة (تذويت) الثقافة، والتذويت معناه إضفاء صفة الذاتية، وهو مظهر ضروري من مظاهر التفاعل بين الثقافة والإنسان وشرط ضروري من نشاط المجتمع وتطويره.
يلمح في الأفق سؤال لا بد من طرحه، هل الثقافة هي التعليم، أو على الأقل ترتبط به؟ الجواب هو:
إن الثقافة ليست هي التعليم وإن كان من بين الأسس اللازمة الضرورية لتكوين الثقافة، وليست التربية ولا العلم المحدد الدقيق ولا الأديان والمعتقدات والمذاهب، وإنما هي مجموعة مكتسبة من الخصائص والصفات تحدد للإنسان نوعا متميزا من السلوك يقوم على مجموعة من القيم والمثل والمفهومات يؤثرها ويتمثل بها ويحرص عليها، وهذه الخصائص والصفات تتوافر لديه على مر العصور والأجيال نتيجة لتطوره العضوي والعقلي والوجداني والنفسي والمجتمعي، فالثقافة هي التي تصوغ حياتنا وتصنع تاريخنا وتحدد واقعنا وترسم مستقبلنا. وذلك لأنها فينا ولا يمكن أن نتصور انفصالها عنا. (3) (3 عبد المنعم الصاوي: عن الثقافة ص : 83 و ما بعدها.)
ونتساءل أيضا، هل بقيت الثقافة الشعبية منغلقة على نفسها؟ لا يمكن الجزم بذلك، لأنه مع احتكاك العالم العربي بالغرب برزت هناك ثقافة أخرى هي ثقافة الآخر (الغرب) وأثبتت هي الأخرى فعاليتها ونجاعتها، مما يجعل الإنسان العربي يعيش بين ثقافتين متداخلتين ولمجتمعين متغايرين، واحد تقني عصري غربي منتِج، والآخر زراعي تقليدي استهلاكي.
أمام هذا الوضع، كان لابد من ثورة للخروج من الزمن الاستهلاكي إلى الزمن الإنتاجي، لأن الزمن الاستهلاكي كما يقول عبد الله العروي «ليس إحساسا بالعمل»(4) (دراسات عربية –حوار مع عبد الله العروي – ماجد السمرائي.)، مع العلم أن العمل هو أساسا التغيير الاجتماعي. وأمام هذه الوضعية بقي (مفهوم التراث) مفهوما معلقا وفضفاضا.
يقول الباحث في علم الاجتماع الدكتور محمد جسوس «إن النقاش في مسألة التراث، لا يعني ما يقوله، ولا يقول ما يعنيه (......) لقد ساد هذا النقاش بكل بساطة لأن الظروف السائدة تشجع عليه، نحن أمام مركب ساهم في جعل هذا النقاش سائدا: هناك نخبة عجزت عن تشخيص مشاكل الواقع وربط اهتماماتها بهموم الشعوب، نخبة عجزت عن بلورة استراتيجية واضحة، إنها لازالت تعاني من مركب الاقتراب من السلطة، وهناك طبقات حاكمة لم تستطع توجيه الشعب وتبحث باستمرار عن أرضيات للوئام ولتبرير نفسها، طبقة باعت نفسها العاطفية والفكرية. الميت لا داعي لإحيائه، فعلينا مسؤولية بناء التاريخ، وبناء أطر فكرية تمكننا من البحث عما هو حي ومستمر» (5) (محمد جسوس: تهافت الخطاب التراثي : جريدة البلاغ المغربي 4/12/1982).
يعني هذا الكلام أن الواقع المعيش هو الذي يجب الاهتمام به، وبما أن هذا الواقع ليس مقطوع الجذور، لأن حامله هو الإنسان، فإن هذا الإنسان يحتاج إلى رعاية وتنشئة تمتد لفترات طويلة وعميقة وتفاعلات بيئية مختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.