الدعوة إلى تطبيق القانون في الترخيص للتجزئات السكنية الجديدة والرفع من الميزانيات الجماعية المخصصة للبيئة أوصى المشاركون في الندوة الجهوية الأولى حول"سياسة المدينة والتحديات البيئية" المنظمة مؤخرا بمكناس، على وضع صيغة قانونية تلزم بالأخذ بالاعتبار المساحات الخضراء عند تفويت وزارة الأوقاف للأراضي المتواجدة داخل الوسط الحضري، و بتفعيل القرارات الجماعية المتعلقة بحماية البيئة. كما دعوا إلى تطبيق القانون في الترخيص للتجزئات السكنية الجديدة والرفع من الميزانيات الجماعية المخصصة للبيئة، إضافة إلى فرض 20في المائة من كل مساحة صالحة للبناء عوض 7 في المائة. ودعا المشاركون إلى إحداث مخطط جهوي للبيئة الصحية ووضع إستراتيجية لمعالجات النفايات الطبية وخلق قناوات للتواصل بين جميع المتدخلين في الميدان البيئي، و مطالبة أرباب المعامل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف من التلوث، إضافة إلى احترام المعايير التقنية في الربط بالماء الصالح للشرب ومحاربة المستنقعات داخل المدن وحماية الأودية من التلوث الصناعي. كما طالبوا بملاءمة المقررات الدارسية بما ورد في الميثاق الوطني للبيئة، وتخصيص صفحات للبيئة بالصحف الوطنية، وبانفتاح الجامعة علي محيطها وعلي المجتمع المدني، زيادة على إحداث دورات لتكوين المكونين في البيئة. وكان مدير المعهد الوطني للتهيئة والتعمير، التابع لوزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، عبد العزيز عديدي، أكد في كلمة خلال افتتاح الندوة المنظمة على مدى يومين، أن سياسة المدينة هي مقاربة تصالحية مع الاقتصاد والمجتمع والبيئة ومنهجية وفلسفة جديدة للتنمية الحضرية والتخطيط الحضري، موضحا، أن "المقاربة الجديدة لسياسة المدينة المبنية على الاندماجية والشمولية، والتي تحاول القطع مع المقاربات القطاعية التكنوقراطية العمودية والأحادية التي طبعت مغرب ما بعد الاستقلال، تحاول بلورة استراتيجيات تشاركية محلية مكيفة مع السياق المحلي والجهوي لكل مدينة". وأبرز أن سياسة المدينة يتعين أن ترتكز على ثلاثة مبادئ أساسية مؤسسة للتنمية المستدامة تتمثل في التشجيع على إنتاج الثروة بالوسط الحضري بهدف القضاء على الفقر، وتحقيق التماسك الاجتماعي عبر توزيع عادل للثروة داخل وخارج المدينة، والمحافظة على التوازنات البيئية وخلق إطار عيش ملائم للساكنة في إطار "حكاماتي تشاركي يربط المسؤولية بالمحاسبة". ودعا عديدي إلى التنسيق وتظافر الجهود بين كل الفاعلين والمتدخلين في الشأن الحضري للتغلب على الاختلالات التي يعاني منها أساسا المواطن البسيط، مشيرا إلى أن التمدين السريع الذي يعرفه المغرب يتسبب في "كلفة كبيرة جدا" تتمثل في الهجرة القروية ومما يترتب عنها من انتشار لأحزمة الفقر في هوامش المدن وفي إنتاج أمراض مزمنة ونفسية أصبحت أمراضا حضرية "بامتياز" تضرب سكان المدينة، إضافة إلى أن تهيئة الأراضي القابلة للتعمير يتطلب استثمارات ضخمة من طرف الدولة، فضلا عن أن "التهام" الأراضي والمناطق المفتوحة للتعمير "القانونية وغير القانونية" تستهلك حوالي خمسة آلاف هكتار سنويا وهي، حسب عديدي، من أجود الأراضي الفلاحية بمختلف المناطق. ودعا عديدي، في هذا الإطار، إلى حماية الفلاحة في هوامش المدن، والحفاظ على الانسجام والتنسيق بين وثائق التخطيط الترابي، مسجلا غياب الانسجام بين مختلف أدوات التخطيط من التصميم الوطني لإعداد التراب الوطني والتصاميم الجهوية والتصاميم المديرية وتصاميم التهيئة. وذكر، بالمناسبة، أن مضمون الأرضية التي أعدتها وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة حول سياسة المدينة تم وفق مقاربة تشاورية مع كل الفاعلين والمهتمين بالشأن الحضري، مشيرا إلى أن هذه الأرضية تتضمن عدة محاور تتمثل في تحديد الأسس والمرجعيات لسياسة المدينة والمستمدة من المقتضيات الدستورية والخطب الملكية والبرنامج الحكومي وعلى البرامج والسياسات القطاعية. من جهته، أكد رئيس مجلس جهة مكناس تافيلالت سعيد شباعتو أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب مقاربة استشرافية تمكن من تحقيق تنمية منسجمة بين كل الجهات عبر نمط اقتصادي للنمو يكون منسجما ومبنيا على التضامن ما بين الجهات. واعتبر شباعتو أن الجهوية الموسعة كفلسفة مبنية على التدبير المجالي عن طريق اللامركزية واللاتركيز تقتضي اندماج السياسات العمومية بما فيها السياسة البيئية التي "لا تعطى لها الأولوية"، مشددا على الاهتمام بالبيئة وتمكين المجتمع المدني من دوره في هذا المجال وإشراكه في التشريع وإعداد السياسات العمومية، داعيا إلى إخراج القانون المنظم للمجتمع المدني. من جانبه، أبرز المدير الجهوي للصحة بجهة مكناس تافيلالت حسن الشريفي، أن الصحة هي من العناصر الأساسية لتحديد مؤشرات التنمية البشرية والتي تتمثل في مؤشرات الوفيات والإعاقة والأمراض والمؤشرات السوسيو- ديمغرافية، معتبرا أن التطور الاقتصادي يساهم في تحسين هذه المؤشرات. وأشار الشريفي إلى أن 18 في المائة من الوفيات بالمغرب ناتجة عن أمراض لأسباب بيئية كالسكن غير اللائق وتلوث الهواء، داعيا إلى التوعية والثقافة الصحية.