نحو مدينة متضامنة، مندمجة ومنتجة.. أكد وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، نبيل بنعبد الله٬ بداية الأسبوع الجاري بمكناس٬ أن المغرب يواجه تحديا كبيرا يكمن في بلورة سياسة شمولية للمدينة يتطلع من خلالها إلى مدينة متضامنة ومندمجة ومنتجة٬ مبنية على التشاور والعمل التشاركي. واعتبر بنعبد الله في كلمة افتتاحه للمنتدى الجهوي لمكناس- تافيلالت حول سياسة المدينة٬ أن هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى التغيرات التي يشهدها المغرب والناتجة عن وتيرة التمدن المتسارعة٬ خاصة وأن نسبة سكان المدن وضواحيها يقاربون 65 في المائة من مجموع الساكنة وهي النسبة المؤهلة لأن تصل إلى 75 في المائة في أفق 2030. وأضاف في هذا الصدد أن هذه الظاهرة تطرح إشكالية تكمن في مدى قدرة المدن على الاستجابة لحاجيات الأسر من فضاءات عيش كريمة وتحديات التنافسية مشيرا إلى أن النشاط الاقتصادي بالمدن يشكل نسبة مهمة من الناتج الداخلي الخام مما يجعل الإنتاجية الحضرية في قلب مؤشرات النمو الاقتصادي ويؤكد أن العلاقة بين السياسة الماكرو اقتصادية والإنتاجية الحضرية مسألة ثابتة. وأبرز أن دستور المملكة كما نص على جيل جديد من الحقوق وضمان حرية المبادرة والتنافس ٬ نص أيضا على الدور المنوط بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لتيسير أسباب استفادة المواطنين من الحق في الولوج إلى جميع الخدمات كالسكن اللائق والعيش في بيئة سليمة وتحقيق تنمية مستدامة. وأضاف بنعبد الله أنه انطلاقا من هذا المعطى، ونظرا لأهمية المقاربة التشاركية في وضع وإعداد وتقييم السياسات العمومية ومبادئ الحكامة الجيدة باعتبارهما حجر الزاوية في الدستور٬ تبنت الوزارة خيار تنظيم حوار وطني موسع بخصوص سياسة المدينة. ومن جانبه اعتبر والي جهة مكناس تافيلالت عامل مكناس محمد فوزي٬ أن التفكير في بلورة سياسة جديدة للمدينة٬ يعد من الأوراش الكبرى التي اعتمدها المغرب بهدف التقليص من مظاهر العجز والتهميش والإقصاء الاجتماعي وتنمية المجالات التي تعرف ضعفا في التجهيزات والولوج إلى الخدمات العمومية. وأضاف أن هذه السياسة الجديدة ستمكن من تعزيز تنافسيتها باعتمادها لمبادئ الحكامة والتشاور مع كافة الفرقاء من هيئات منتخبة ومكونات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والمهنيين. وأشار فوزي إلى أن هذه المشاورات تأتي كدعم واستكمال لمجموعة من التجارب والأوراش التي اعتمدتها الإدارة الترابية في إطار آليات التخطيط الاستراتيجي كلما تعلق الأمر بتنمية المجالات الترابية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وتبقى الاختلالات الهيكلية للمدينة– يضيف فوزي– في حاجة إلى وضع إطار مرجعي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المدينة وكل الإكراهات المتجلية أساسا في ضعف الموارد المالية لعدم نجاعة استخلاص الجبايات المحلية٬ والتأخير في مصادقة بعض القطاعات الوزارية المختصة على تصاميم التهيئة٬ وصعوبة تعبئة الوعاء العقاري اللازم لجلب الاستثمار٬ وضعف التواصل بين المدن والاستفادة من التجارب الرائدة. وشكل اللقاء الذي حضره عمال الجهة ورئيس مجلس الجهة٬ فرصة لكل الفاعلين المتدخلين من عموميين ومؤسساتيين ومنتخبين ومنعشين عقاريين٬ ومجتمع مدني وجامعيين٬ لطرح عدد من المقترحات التي تروم إثراء مشروع الاستراتيجية الوطنية لسياسة المدينة وتوطيد دعائم الحكامة الترابية الجيدة٬ لإعمال مختلف السياسات العمومية. كما اقترح المتدخلون تصورات تعكس في مجملها ضمان نمو منسجم للمدن الكبرى والمتوسطة والمراكز الصاعدة بالنظر للدور المحوري لهذه المجالات الترابية في التنمية البشرية الشاملة والمستدامة، وجعلها فضاءات عيش توفر كل مستلزمات الحياة الكريمة والمتوازنة. يذكر أن البرنامج الحكومي قد أقر في جزئه المتعلق بقطاع السكنى والتعمير وسياسة المدينة٬ بضرورة العمل على بلورة وتفعيل مقاربة عمومية إرادية وتشاركية بخصوص سياسة المدينة٬ تقوم على التقائية التدخلات٬ وذلك بهدف تقوية القدرة الاستيعابية للمجالات الحضرية والقروية٬ وجعلها أكثر قدرة على إنتاج الثروة وتحقيق النمو٬ بما يحقق الاندماج المجالي والتماسك الاجتماعي٬ من أجل تنمية بشرية مستدامة وعادلة.