%30 من سكان المدن المغربية يعيشون في أحياء فقيرة كشف وزير السكنى والتعمير أن المدن لا تشكل سوى 2 % فقط من مجموع التراب الوطني، وأن مجموع سكان المدن وضواحيها يشكلون حوالي 65 % من مجموع سكان المغرب، فضلا على أن سكان الحواضر الكبرى يمثلون نسبة 58 % من مجموع الساكنة الحضرية. وقال نبيل بنعبد الله، خلال تقديم ميزانية وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، صباح أمس، بمجلس النواب، إن إعداد هذه الميزانية ينطلق من المضامين الديمقراطية المتقدمة الواردة في الدستور الجديد، الذي ينص على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وخصوصا ما أقره من حق المواطنين في سكن لائق يحفظ الكرامة، وحق الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة تضمن تنمية مستدامة، وإقرار عدالة مجالية في إطار التضامن الوطني وتحقيق التماسك الاجتماعي. كما أنها ترتكز أيضا على التوجهات الملكية السامية، وما يخصه جلالة الملك من عناية بالقطاع. والتزم نبيل بتعبد الله أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكن وسياسة المدينة لمجلس النواب، ببلورة وتنفيذ برامج طموحة وسياسات مجددة، تمكن من تعزيز المكتسبات وتطويرها، والعمل وفق مقاربة جديدة تضمن نجاعة وفعالية التدخلات العمومية في مجالات توفير عرض سكني لائق يناسب القدرة الشرائية لمختلف الفئات الاجتماعية، خصوصا ذات الدخل المحدود منها، وإنجاز مشاريع السكن الاجتماعي ومحاربة بؤر السكن غير القانوني، وتحسين ظروف العيش في الأحياء ناقصة التجهيز والدور المهددة بالانهيار، ورد الاعتبار للأنسجة العتيقة، ومعالجة موضوع البناء بالمجالات القروية بما يستجيب لحاجيات الساكنة، وتوفير منتوجات سكنية جديدة بجودة تقنية ومعمارية ومشهدية تستجيب لضرورات الاندماج الحضري ولتطلعات شرائح مختلفة. وأعلن وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة أن هذا العرض يشمل منتوجا سكنيا موجها للفئات الوسطى، وسكن الشباب، وسكن الأسر حديثة التكوين، وتوفير منتوج جديد يهم السكن الاجتماعي المعد للكراء وإصلاح نظامه القانوني، وتشجيع التعاونيات السكنية، والتحكم في الأرصدة العقارية المتاحة وتعبئة عقلانية للعقار العمومي. وكشف نبيل بنعبد الله أن سياسة المدينة تشكل التحدي الجديد المرتبط بالمهام المنوطة بالوزارة، لما لها من آثار على تدبير وتنظيم العيش الجماعي في الفضاءات الحضرية المختلفة، الكبرى منها أو الصاعدة، مشيرا إلى أن الأمر لا يهم فقط المدن والمراكز الحضرية، بل سيشمل مختلف مجالات التراب الوطني التي تعاني من الهشاشة والتهميش والإقصاء الاجتماعي والخصاص في التجهيزات والصعوبة في الولوج إلى الخدمات العمومية. وقال نبيل بنعبد إن نسبة السكان النشيطين من السكان الحضريين تصل إلى 43 في المائة، وتساهم المدن بنسبة 75 في المائة على التوالي من الناتج الداخلي الخام والاستثمار. هذه المؤشرات تكشف عن وجود اختلالات عديدة، منها أن 30 في المائة من سكان المدن يقطنون بأحياء فقيرة تعاني من نقص في الخدمات والتجهيزات، كما أن 12 في المائة من هؤلاء الساكنة يقطنون في سكن غير لائق. هذه الاختلالات تدفع إلى وضع أهداف على مدى الولاية التشريعية الحالية، حسب وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، منها ما يتعلق بإنتاج الثروة وتحقيق النمو داخل المدن، ومنها ما يرتبط بإدماجية المدن وتقوية الاندماج المجالي والتماسك الاجتماعي، مرورا بتقليص الفوارق الحضرية ومحاربة الإقصاء، وتعزيز التقائية البرامج القطاعية. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف بات من الضروري تحديد الأولويات على المستوى الجهوي، وتعزيز الحكامة المحلية وتقوية الالتقائية، ووضع برامج قطاعية تشاركية ومندمجة، وتطوير آليات التمويل. وأكد نبيل بنعبد الله أنه تم الشروع في إعداد استراتيجية سياسة المدينة، منذ فبراير الماضي، والتي تدخل مراحلها النهائية، حيث تم إعداد أرضية العمل، وتم الشروع في المشاورات مع الشركاء المؤسساتيين الشهر الماضي، على أن يتواصل إعداد هذه الإستراتيجية الشهر الحالي بتنظيم ورشات جهوية، قبل إعداد المرجعية، في أفق عقد جلسات الحوار الوطني حول سياسة المدينة في متم شهر ماي أو بداية يونيو المقبل. المؤشرات المرتبطة بمجال عمل وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة تكشف وجود نقص في التخطيط الترابي الاستراتيجي، على مستوى إعداد التراب الوطني والتنمية المجالية، وضعف التقائية واندماجية السياسات العمومية، وضعف آليات تقييم هذه البرامج والسياسات، وصعوبة توفر المعلومة الترابية الناجعة وغياب آليات تقاسمها. ومن أجل تجاوز هذه الإكراهات وضعت الوزارة ضمن أهدافها رؤية شمولية لإعداد التراب الوطني أساسها اندماجية المجالات وتأطير نموها وتعزيز تنافسيتها لضمان تنميتها المستدامة، بالإضافة إلى إعداد مخططات استباقية لتناسق الاستراتيجيات القطاعية، وأيضا تطوير آليات الرصد واليقظة. ومن المقرر، حسب نبيل بنعبد الله، عقد الدورة الثانية للمجلس الأعلى لإعداد التراب خلال هذه السنة، كما أعلن عن قرب إحداث المرصد الوطني والمراصد الجهوية لتتبع دينامية المجالات، والمصادقة على مشروع قانون إعداد التراب الوطني. وفي مجال التعمير، أكد نبيل بنعبد الله أن أهم المنجزات التي تحققت تكمن في تغطية حوالي 88 في المائة من التراب الوطني بوثائق التعمير، علاوة على تعميم التغطية بالوكالات الحضرية (26 وكالة حضرية) وإحداث 33 ملحقة، ومعالجة 120 ألف مشروع طلب بناء أو تجزيء وتبسيط المساطر وتبني سياسة القرب، ناهيك عن تطوير وتحسين المساعدة التقنية والمعمارية المجانية في الوسط القروي. إلا أنه بالرغم من هذه المنجزات، فإن منظومة التعمير أبانت عن محدوديتها، كما أن موضوع تنفيذ مقتضيات وثائق التعمير يعاني من نقص كبير الشيء الذي أدى إلى تزايد اللجوء إلى مسطرة الاستثناء، واستمرار انتشار البناء غير القانوني بضواحي المدن والمناطق الحساسة. وإذا كان قطاع السكنى يحتل موقعا مهما في الاقتصاد الوطني حيث يساهم بحوالي 6.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ويساهم بحوالي 9 في المائة في سوق الشغل، بالمقابل يعرف هذا القطاع وتيرة متصاعدة لإنتاج السكن الاجتماعي ومعالجة السكن غير اللائق. وتدل المؤشرات أنه منذ سنتين تم إنجاز حوالي 800 ألف سكن اجتماعي بقيمة 250 ألف درهم، منه 124 ألف سكن قي طور البناء، وتحسين ظروف عيش حوالي 178 ألف أسرة في إطار برنامج مدن بدون صفيح الذي شرع فيه منذ 2004، بالإضافة إلى معالجة أوضاع 87 ألف و500 أسرة قاطنة بالدور المهددة بالانهيار، وإعادة هيكلة 350 ألف وحدة في الأحياء ناقصة التجهيز، وإنجاز أكثر من 70 ألف وحدة للبرنامج الخاص بالأقاليم الجنوبية. وتتوخى الأهداف الإستراتيجية للوزارة 2012 2016 إلى تقليص العجز السكني إلى 400 ألف وحدة، ومتابعة وتسريع وتيرة برنامج مدن بدون صفيح، وإعطاء انطلاقة العمل بجيل جديد من برامج التأهيل الحضري، ووضع استراتيجية وطنية تهم إشكالية السكن المهدد بالانهيار، ومواصلة برامج إعادة تأهيل الأنسجة القديمة وكذا مساعدة العائلات المتضررة من الكوارث الطبيعية. ولتحقيق هذه الأهداف يتضمن برنامج عمل الوزارة، تكثيف العرض السكني من خلال تعبئة 20 ألف هكتار وتكثيف إنتاج السكن الاجتماعي، وإنعاش قطاع الكراء، من خلال وضع إجراءات لإنعاش سكن الشباب والأسر حديثة التكوين، وإحداث إجراءات جديدة لإنعاش سكن الطبقات الوسطى بقيمة لا تتعدى 800 ألف درهم.