ناقش نقاد مغاربة وأجانب بتطوان العوالم الإبداعية للمخرج التونسي رضا الباهي وجرأة الطرح الفني لديه، وذلك ضمن لقاء تكريمي في إطار فعاليات الدورة التاسعة عشر، لمهرجان تطوان الدولي لسينما المتوسط. واعتبرت مداخلات كل من الناقد التونسي عبد الكريم قابوس والناقد المغربي ادريس الجعيدي، خلال اللقاء، أن من يشاهد أفلام المخرج التونسي يقتنع أن انشغاله هو التفاعل مع الواقع، من كل الزوايا الاجتماعية والسياسية والإنسانية، والحرص على إشراك المتفرج كمتلقي الخطاب السينمائي متعدد الاهتمام في معالجة قضايا بلاده تونس حاضرا ومستقبلا. ويحسب للمخرج السينمائي، حسب النقاد المؤطرين للقاء، أن رضا باهي، الذي يعتبر من رواد السينما التونسية الحديثة، من المدافعين القلائل عن مفهوم تعميم السينما وجعلها منخرطة بشكل عضوي في التحولات السياسية والاجتماعية والفكرية ومتفاعلة معها، وله القناعة الراسخة بأن السينما هي المرآة التي تعكس نبضات المجتمع وتعبر عن قضاياه ،مشيرين إلى أن نوعية المخرجين وإبداعهم الفني في تونس تنقسم إلى قسمين ،الأول يخص مبدعي أفلام «الأسلوب الفني « مع منصف الدويب وناصر خمير وأفلام «التيار السياسي الاجتماعي بمفهومه الشامل وليس الإيديولوجي «، الذي يمثله رضا الباهي وناصر القطاري وعبد اللطيف بنعمار وابراهيم باباي. وابرز الناقدان أن إبداعات المخرج التونسي رضا الباهي ،الذي أنجز أفلاما معروفة مثل «السنونو لا يموت في القدس» و»شمس الضباع» و»صندوق عجب» و»شامبانيا مرة « و»ديما براندو»، تنتصر للقيم النبيلة كأسمى تعبير عن الإنسانية وتتطلع إلى الرقي بالذوق الفني والثقافي للمتلقي. وقال المخرج التونسي باهي ،خلال نفس المناسبة ، إن على السينمائي في لغته التواصلية مع المجتمع أن «يفكر أولا في أسلوبه وعصره وان يسائل الواقع بغض النظر عن اللحظة السياسية والفكرية السائدة «. وأكد أن المبدع السينمائي « لا يجب فقط أن يعكس تموجات الحياة في المجتمع بل يجب أن يكون مؤثرا فيها ومتفاعلا معها وفاعلا فيها وناقلا للأحداث مع وجهة نظر خاصة، حتى يساهم في التأريخ للواقع بنظرة تحليلية مجردة «. من المنتظر أن يحل الممثل المصري خالد صالح يومه الخميس ضيفا على الدورة التاسعة عشر لمهرجان تطوان الدولي لسينما المتوسط ، حيث من المنتظر أن يتم عرض فيلم «فبراير الأسود» للمخرج والمؤلف محمد أمين ، الذي يعد خالد أحد أبطاله. وقال النجم المصري خالد صالح ، حسب « يومية المهرجان « أن الفيلم يتناول «حقيقة الواقع المصري وشعور بعض أفراد المجتمع بعدم الاطمئنان إلى المستقبل لأسباب متعددة ، انطلاقا من حالة عائلة مصرية بسيطة لم يسمح لها بأن تعيش حياة عادية على الأقل» . ويتناول الفيلم، حسب تقديم عرضه المهرجان ، «قيمة العلم ودور العلماء المفترض في بلد تتجاهل مهاراتهم وامكاناتهم». أصداء المهرجان: احتضنت سينما «أفينيدا» ، في إطار فعاليات المهرجان، عرض الفيلم الفرنسي الجورجي اللوكسيمبورغي المشترك «احتفظن بابتساماتكن ..» (2012) للمخرج روسو دانشكونيال « ،الذي يشارك ضمن منافسات الفيلم الطويل ،ويحكي قصة عشرة نساء يسعين بشتى الوسائل إلى الفوز في مسابقة أفضل أم لديها عدة أطفال، في معركة تبرر فيها الغاية الوسيلة .كما احتضنت نفس قاعة العروض فيلم «بعد ماي « (2012) للمخرج الفرنسي أوليفيي أسايس، الذي يدخل في إطار العروض الخاصة. وبقاعة عرض سينما «أفينيدا « تم أيضا تقديم فيلم «زيرو» (2013) للمخرج المغربي نور الدين الخماري، الذي ينافس على جوائز الأفلام الطويلة، ويحكي الفيلم ، الذي شخصه كل من محمد مجد ويونس بواب وزينب سامارا ، مسار بطل الفيلم أمين برطال الشرطي دائم التوتر ودائم المواجهة مع أبيه المعاق والمتسلط ، ورئيسه المرتشي والذي يهينه في كل لحظة وحين ، وفي مواجهة هذا الواقع «غير المحتمل « قرر بطل الفيلم الملقب ب»زيرو» طي الصفحة ومواجهة عالم تحكمه السلطة والمال ،حسب تقديم للفيلم في ريبرتوار المهرجان. وبسينما «اسبانيول «، تم عرض فيلم «عمر قتلاتو» (1976) للمخرج الجزائري لمرزاق علواش، في إطار برنامج الاحتفالية ب55 سنة من السينما الجزائرية ، ويحكي الفيلم سيرة حياة بطل الفيلم «عمر» والفضاء الضيق الذي يحاصر حياته ويفرض عليه عزلة قاتمة قبل أن يتحرر بحب غير متكافئ. وعرض بنفس القاعة فيلم «السنونو لا يموت في القدس « (1994) للمخرج التونسي رضا باهي المحتفى به في إطار تكريم الشخصيات السينمائية البارزة ، والذي يسرد قصة صحافي يساعد مواطنا فلسطينيا يبحث عن أمه التي اختفت عند نزوح الفلسطينيين خارج وطنهم سنة 1948 قسرا ، مصورا التدمير الذي لحق بالمواقع الطبيعية والتاريخية للقدس. كما قدم في إطار التكريم أيضا فيلم «نساء في المرايا « (2011 ) للمخرج المغربي سعد الشرايبي، الذي يحكي عن قصة مصورة مغربية ذائعة الصيت تعيش في باريس، وتنتقل بين مختلف البلدان لتقديم أعمالها الفنية ، وحين عودتها إلى المغرب بعد عشر سنوات من الغياب يجرفها سيل من الذكريات والمشاعر ودوامة لا تنتهي من الحيرة العاصفة. وبالمعهد الفرنسي بتطوان تم عرض فيلم المخرجة اللبنانية رانيا رافعي «74 إعادة تركيب لقصة نضال « (2012) ،الذي ينافس ضمن المسابقة الرسمية للفيلم الوثائقي، ويسائل الفيلم ، من خلال أحداث تاريخية جرت في لبنان خلال شهري مارس وأبريل من سنة 1974 ، الوضعية الراهنة. وفي إطار مسابقة الأفلام الوثائقية ، التي يترأس لجنة تحكيمها الممثل المغربي رشيد الوالي ، قدم فيلم «عدم الإذعان « (2012) للمخرج الاسباني سوسانا أربيثو ، الذي يتناول حكاية رجل تجاوز عامه التسعين يحكي قصة نفيه بسبب معتقداته السياسية في اسبانيا ، ويصر على إعادة الاعتبار لذاكرة أخيه الذي أعدم رميا بالرصاص سنة 1941 ، بعد أن خاض الحرب الأهلية الاسبانية . وبمعهد سيرفانتيس بتطوان تم تقديم فيلمي «العصر الذهبي « و»نور عينك» للمخرج الإسباني المكرم في إطار المهرجان فرناندو طرويبا ، ويحكي الفيلم الأول عن عاشق للسينما يعطي الأولوية للسينما قبل عائلته ، محاولا استرجاع ذكرياته وهو طفل ، يوم كان يعتبر السينما مؤنسه في وحدته وعبرها عرف قوة الصداقة والروابط الإنسانية ، فيما يحكي الفيلم الثاني قصة مجموعة من الممثلين الذين يشتغلون في فيلم بألمانيا النازية ، وتتمحور قصته حول علاقة حب بين عازف بيانو ومغنية حالمة بمستقبل فني زاهر إلا أن الواقع فرق بينهما لاختلاف نظرتهما للأشياء.