خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    بلاغ: تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرخة رئيس بلدية تيزنيت في وجه وزير الطاقة بخصوص عزم وزارته بناء محطة حرارية متاخمة للمدار الحضري لمدينة تيزنيت وفي قلب منطقة تراثية
نشر في بيان اليوم يوم 16 - 05 - 2012


البيئة «السليمة» وليدة قرارات «سليمة»
عقدت العديد من المؤتمرات الدولية تحت رعاية الأمم المتحدة تهم حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة بهدف تحسين نوعية حياة البشر وضمان تحقيق التنمية الاقتصادية دون التضحية بالمجال البيئي والحفاظ على توازنه العام في نسق عالمي ودولي يضمن دعم الحياة فوق كوكب الأرض بتلبية احتياجات الجيل الحالي دون إتلاف موارد الأرض بطريقة تحول دون تلبية احتياجات أجيال المستقبل.
ونظرا لانخراطه في عدد من الاتفاقيات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بالتنوع البيولوجي والتغيرات المناخية ومحاربة التصحر وتحسين الحكامة البيئية الدولية، واحتراما لالتزاماته الدولية بهذا الخصوص، ساهم المغرب بشكل فعال في المجهودات المبذولة في مجال البيئة والتنمية المستدامة من طرف المجتمع الدولي، حيث ساهم في تنفيذ «تصريح ريو» وتحقيق أهداف الألفية من أجل التنمية التي رسمتها منظمة الأمم المتحدة، كما أدرج هذه الانشغالات البيئية المرتبطة بالتنمية في مبادراته في إطار التعاون جنوبجنوب.
وعلى الصعيد الوطني، اتخذ المغرب إجراءات تشريعية وتدابير حمائية ووقائية لحماية البيئة والحد من المشاكل البيئية.. ومن ضمنها ظهير 26 نونبر 1962 والقانون الجنائي (الفصل609) الذي يضبط المخالفات المتعلقة بطرق المحافظة على الصحة العمومية. وجاء قانون الماء في سنة 1995 ليركز على العقوبات والمخالفات الصادرة في حق ملوثي المياه (الباب 13) على إثر إعلان عشرية 2005-2015 كعقد دولي للماء من أجل الحياة، انتهت وطنيا بوضع المخطط الوطني للماء سنة 1995. ويشكل هذا المخطط الإطار المناسب لإقرار اختيارات جديدة لتدبير الموارد المائية، بتبني مبادئ الفعالية الاقتصادية، والتضامن الاجتماعي والاستدامة البيئية.
وفي مجال حماية المجال البحري، اتخذت تدابير وقائية الهدف منها تنظيم ومراقبة ولوج المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب أمام البواخر التي يمكن أن تشكل تهديدا لبيئته البحرية، وذلك على إثر غرق ناقلة للنفط آنذاك في عرض السواحل الإسبانية، حيث أقرت الحكومة المغربية منذ تاريخ 5 دجنبر 2002 بضرورة التصريح المسبق لولوج المجال البحري الخاضع لسيادة الدولة المجاورة للبحر بهدف حماية حقوق الدولة في ثروتها الطبيعية البحرية بسبب تزايد الكوارث التي تسببت فيها بعض ناقلات النفط .
وجاء اعتماد ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة في سنة 2010 ليكرس التزام المغرب بالتنمية المستدامة: هذا الميثاق الذي تم اعتماده على أساس ثلاث مقاربات، الأولى ترابية، وتتمثل في إشراك جميع جهات المملكة، في هذا المسلسل، وضمان مساهمتها فيه، والثانية، تشاركية وتتطلب انخراط جميع الفاعلين الاقتصاديين والمنظمات غير الحكومية، والثالثة برامجية تتجسد في مشاريع ذات أهمية قصوى على الصعيد الوطني.
كل هذا الجهد التشريعي والقانوني يقتضي اتخاذ تدابير تقنية للحد من أضرار البيئة، ومن ضمنها التدابير الوقائية لحماية الهواء من التلوث كالحرص على تخفيض استهلاك الوقود في القطاع الصناعي، كخفض كمية الملوثات الناتجة عن حرق الوقود في مختلف الصناعات وإبعاد المصانع عن المدن (الحرص على تبني سياسة للمدينة تأخذ بعين الاعتبار إقامة مصانع في أراضي غير صالحة للزراعة للتقليل من خطورة التلوث على المجالات الآهلة بالسكان) وتشجيع إقامة أحزمة من الأشجار حول المصانع من أجل التقليل من حدة التلوث بالغازات السامة والجزيئات المنبثقة من المصانع.
وفي مجال النقل يجب الحرص على خفض انبعاث عوادم السيارات بالتشجيع على استعمال البنزين الخالي من الرصاص وصيانة المحركات، واستبدال المحركات القديمة بمحركات جديدة.. وتشجيع النقل العمومي.. واعتماد خطط عمومية جريئة لتعميم النقل السككي ووسائل النقل الصديقة للبيئة.
كما يقتضي الوضع الحرص على تعميم معالجة النفايات ليشمل المدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة مع الحرص على إيجاد صيغ ملائمة لمحاصرة المشكل ومعالجته على صعيد التجمعات السكنية بالجماعات القروية.. مع اعتماد برامج طموحة لتحويل البقايا الصناعية أو المنزلية لإعادة استغلالها في مجالات أخرى كاستخراج الأسمدة والطاقة وتشجيع الفرز الذكي للنفايات.. وتقليص الكميات الملقاة من المواد العضوية القابلة للتأكسد...
إن مطمح إحداث مواقع لمعالجة النفايات الصلبة والسائلة، في القطاعين العام والخاص، ومعالجة المياه المستعملة في أفق معالجة 260 مليون متر مكعب، من هذه المياه، في السنة، بغاية إعادة استعمالها، من جديد، في سقي المساحات الخضراء، والأراضي الزراعية، هو تطلع وطني طموح يجب تقويته وتعزيزه
إن مجال التدبير المفوض وارتباطه بالالتزامات البيئة للدولة أمر يستحق التوقف:
فهل سمح منح رخص استغلال القطاعات الاجتماعية كالتطهير وتجميع النفايات وتوزيع الماء والكهرباء للشركات الخاصة الوطنية أو الأجنبية بتحقيق قيمة مضافة كما ونوعا في المجال البيئي بجماعاتنا الترابية؟
وهل يمكن التفكير في توسيع الإجراءات التقنية المتخذة حاليا لتشمل خدمات جديدة في مجال تلوث المياه كإقامة سفن خاصة بتنظيف الأنهار وتنقية أحواض السدود.. وإعادة استعمال جزء من المياه المعالجة لتغطية العجز المائي.. وتدوير النفايات.. وغيرها من الخدمات البيئية.. التي يمكن التفكير في خلق وحدات تكوينية متخصصة بالمعاهد والجامعات لخلق فرص شغل جديدة وإنشاء تعاونيات أو مقاولات مواطنة في هذا المجال؟
كما أن إحداث وكالة لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية سنة 2010 بهدف إدارة وتدبير المشروع المغربي للطاقة الشمسية يصب في صلب مطمح المغرب للرفع من مساهمة الطاقات المتجددة إلى مستوى 12.5 % من استهلاك الطاقة الأولية في أفق 2020. وهذا رهان مستقبلي يضع المغرب في موقع الريادة على مستوى حوض المتوسط الجنوبي.
إن مجال البيئة والاستدامة يقتضي جهدا جماعيا مؤسساتيا.. والتزاما فرديا مواطناتيا في أفق بناء وعي بيئي جماعي يتوخى تغيير السلوكيات السلبية، والانخراط القوي لمختلف مكونات المجتمع في دينامية تفاؤلية وتفاعلية تقوم على أساس احترام حق الأجيال القادمة في الاستفادة بشكل مستدام في التنوع البيئي وفي الرصيد الطبيعي والتاريخي للوطن، مع الحرص الفردي والجماعي على تحقيق التنمية المتوازنة، وتحسين جودة الحياة والظروف الصحية للمواطنين. مما سيسمح بالحفاظ على المجالات، والمحميات والموارد الطبيعية، وكذا التراث الثقافي، في إطار عملية التنمية المستدامة.
كما يقتضي جهدا بيداغوجيا وتربويا جماعيا بهدف إدماج الانشغالات البيئية، في السياسات القطاعية. وهنا نطرح سؤالا جوهريا في سياق تنزيل الدستور الجديد الذي ينص في بابه الرابع على اختصاص القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة حول الدور المنوط عمليا بالمراصد الجهوية التي عهد إليها بمتابعة الوضعية البيئية وحالة النظام البيئي في البلاد وإعداد تقارير سنوية عنها، وتصحيح الاختلالات المسجلة في هذا المجال؟
إن تبعات التطور الاقتصادي المطرد والمتسارع، الصناعي منه والفلاحي والتكنولوجي، يجعل بيئة البلد تعاني من وضع هشاشة وترقب دائمين، تضاعف من إكراهاتها الانعكاسات الخارجية لمختلف المضاعفات البيئية، التي تسبب مشاكل بيئية كثيرة في عدد من بلدان العالم، والتي لا تعترف بالحدود الوطنية، ومن ضمنها معضلة التغييرات المناخية التي تستفحل يوما بعد آخر، ومضاعفات الحوادث النووية.. وغيرها. وهي إشكاليات دولية تقوم معالجتها على حد أدنى من التنسيق والاحتراز الدولي.
لكن البعد الوطني لانعكاسات الأنشطة الاقتصادية والمشاريع الطاقية على المجال البيئي هو مسؤولية وطنية تتعهد المؤسسات والهيئات الحكومية والتمثيلية بضمانها.. مما يقتضي إنجاز دراسات جهوية حول نظم الإنتاج المحلية تدمج مناطق الأنشطة الاقتصادية وأحواض الشغل والتكوين ومناطق التجاذب والتنافر بين إكراهات الإنتاج الاقتصادي وحاجيات التوازن البيئي بمختلف جهات المملكة.. في أفق التشخيص الدقيق والاستكشاف الترابي من أجل التحكم في الدينامية المجالية وتطوير آليات التهيئة وإنجاز دراسات حول نظم المعلومات الترابية، وإدماج الهاجس البيئي في انشغالاتها النظرية والاستشرافية لمختلف الأنشطة المتوقعة بجهات المملكة.
إن مسؤولية الدولة هي توفير لوحة قيادة ومراقبة لمختلف المتدخلين على مستوى جهات المملكة.. (فاعلين اقتصاديين، منتخبين، مخططين، مستثمرين،...) لقياس مستوى المخاطر البيئية، الواقعية منها والمحتملة في حدودها الدنيا والقصوى، ومستويات مواجهتها والحد من انعكاساتها السلبية على صحة الإنسان وعلى جودة الهواء والماء ومختلف المؤشرات الجهوية التي يتم تحيينها وتدقيقها.. فهل للمراصد الجهوية إمكانيات رصد الواقع البيئي بجهات المملكة؟
إننا كمنتخبين وكممثلين للأمة منشغلون منذ شهور عدة بتبعات مشروع إحداث محطة حرارية لإنتاج الكهرباء على بعد بضع كيلوميترات عن مركز مدينة تيزنيت.. وهذا الانشغال مرده أنه في الوقت الذي يسعي فيه العالم لمكافحة التلوث والعمل بجدية لجعل المحيط البيئي صحيا ونظيفا، ها نحن في تيزنيت نسير في الاتجاه المعاكس لهذا التوجه.. ويريد المكتب الوطني للكهرباء إنشاء وتثبيت محطة حرارية بالفيول بجوار مدينتنا التي صادقت على التوجهات الوطنية لمحاربة التلوث والمحافظة على البيئة .
فمدينتنا المعروفة بالهدوء والطمأنينة والتي بدأت تعرف إشعاعا دوليا بخصوصياتها الأمنية والسكينة والصحية وخاصة هواءها النقي وخصوصيتها المعيشية.. بدأت تخشى اليوم على خسارة هذا الرصيد الذي راكمته بفضل جهد الجميع ولعقود طويلة..
هذه المحطة تنبعث منها غازات جد سامة: ثاني أوكسيد الأوزوط وثاني أكسيد الكبريت .
ألا يجوز اعتماد الحق في الحذر Droit de précaution في هذا الإطار.. والذي يسمح بحق الاحتراز إذا كان الشك واردا في أن منتوجا ما أو مشروعا ما قد يؤثر سلبا على حياة الناس وعلى بيئتهم وجودة مجال عيشهم، ويسمح بالتريث وأحيانا التراجع عن خيارات خاطئة.. أو معالجتها؟
ألا يجب على مؤسستنا التشريعية التفكير في وضع أدوات وآليات قانونية تسمح، ليس بهدف عرقلة أو تجميد مشاريع هامة في جهة ما (كما قد يراها البعض) ولكن باعتماد مبدإ الحذر.. وبإلزام الطرف صاحب المشروع بتقديم الضمانات الكافية وإجراء الدراسات اللازمة لتبرير جدوى مشروعه المبرمج، ليس فقط من الجانب الاقتصادي والمالي والتجاري المحظ.. ولكن كذلك من الجانب البيئي والاجتماعي.. إلخ.
وإذا تبين الضرر المحتمل أو الحقيقي من المشروع المبرمج وتمت الإحاطة بكل جوانبه الأكثر تفاؤلا.. والأكثر تشاؤما.. فلم لا يفكر المشرع كذلك في اعتماد مقاربة الملوث المؤدي principe du polueur - payeur وهو المبدأ الذي يلزم صاحب المشروع بأداء ما يترتب عن مشروعه من إخلال بالبيئة.
وكيف يتم التغاضي عن مبدإ الحكامة والقفز على مبادئ المقاربة التشاركية في تدبير هذا الملف (إحداث محطة حرارية بضواحي تيزنيت)؟ وهي مبادئ في صلب المبادئ التي أقرها الدستور الجديد.
وأين هو دور المجتمع المدني والمنتخبين في بلورة هذا المشروع، والتنزيل الجيد للدستور في هذا المجال يقتضي مساهمة جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية (الفصل 12) المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون، على أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية.
فأين هي المقاربة البيئية المستدامة؟ وأين هي مبادئ الحكامة الجيدة؟ وأين هي المقاربة التشاركية؟ وأين هو التنزيل الجيد والصحيح للدستور في مقاربة المكتب الوطني للكهرباء ووزارة الطاقة في تدبيرهما لهذا الملف..؟
إن الانفجار الحاصل بمحطة لتوليد الطاقة الكهربائية بمدينة طانطان والذي أتى على أربعة صهاريج يوم الخميس 26 أبريل 2012 لا يبشر بخير. وأن الحريق لو شمل قلب المحطة، لكانت عواقبه كارثية.
ويؤكد الحادث واجب «الاحتراز» و»الحذر» الذي ندعو إليه. مع العلم أن المحطة المتضررة بطانطان تبعد ب 25 كلم عن المدينة، وأن المحطة التي يتم التحضير لبنائها بضواحي مدينة تيزنيت لا تبعد عن مركز المدينة إلا بثلاث (03) كيلوميترات. وهي تكاد أن تكون في قلب مدارها الحضري.
والحال.. أنني من موقعي كرئيس لبلدية تيزنيت.. حين سمعت بحادث طانطان.. انتابني شعور غريب.. وقلت لنفسي: «ماذا عساني أقول لمن انتدبوني لكي أدافع عن مصالحهم وأقوم مقامهم لدرإ الضرر عنهم.. وتحسين ظروف عيشهم وسكنهم.. إذا وقع مثل هذا الحادث بتيزنيت؟
قد يقول البعض إن لا مخاطر في إنجاز محطة حرارية تشتغل بالفحم الذي يسمى مجازا بتقنية «الفحم النقي». وهي تقنية تم اعتمادها لوفرة مصادر الفحم وقلة كلفته، فضلا عن قلة تأثره بالأزمات المتعلقة بتقلبات الأسعار على خلاف النفط والغاز الطبيعي.
فهل يريدنا مسؤولو قطاع الطاقة أن نصدق فعلا أن هناك فحما «نقيا» أو فحما «خبيثا» أو فحما «جميلا» وفحما «قبيحا»؟ مدينتنا، مدينة تيزنيت، مدينة جذابة بهندسة معمارها وبتراثها الطبيعي وبمناطقها الخضراء وبجودة الحياة فيها، ولكن إنشاء هذا المشروع سيغير بكيفية كاملة مستقبل مدينتنا.. هذه هي الحقيقة!
والاتجاه الصحيح، إذا ما استحضرنا القفزة النوعية وطنيا في مجال التشريع واتخاذ التدابير الوقائية لحماية البيئة وتحقيق الاستدامة من إحداث وكالة لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية بجانب اعتماد ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، وباستحضار القفزة النوعية سياسيا بتبني الدستور الجديد وجعل الديمقراطية المواطنة والتشاركية ومبادئ الحكامة الجيدة أساس صنع القرار وتعبئة الطاقات وكسب انخراط المواطن الكامل في مسار التنمية .. هو أننا إذا كنا نفكر فعلا في الأمن الطاقي في المغرب، فعلينا أن نفكر مباشرة في الطاقة البديلة ونستفيد من تجارب بلدان رائدة ومن تقنيات حديثة ملائمة، بدل السير في الاتجاه المعاكس للتنمية المستدامة.
لذلك أوجه ندائي إلى السيد وزير الطاقة وإلى المسؤولين عن المكتب الوطني للكهرباء إلى وقف أشغال المحطة الحرارية المزمع بناؤها وزرعها قسرا بضواحي تيزنيت.. والتي سبق أن تم تهريبها من ضواحي مدينة أيت ملول لنفس الأسباب التي نطالبهم برفعها ونقلها عن مدينة تيزنيت وتحويلها إلى مكان آخر يجنب المنطقة هذه الأخطار.
تدخل المستشار عبد اللطيف أوعمو باسم فريق التحالف الاشتراكي في مناقشة ميزانية وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة في إطار مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.