يعد مهرجان الجزيرة الوثائقي واحدا من المهرجانات المتخصصة في الفيلم الوثائقي، مهرجان له قيمته العربية والدولية، لا سيما وانه يسمح بالاطلالة على ما يجري من تفكير عربي واجنبي، فيما يخص القضايا التي تشغل بال كل من يشتغل بالفيلم الوثائقي. قراءة إحصائية تؤكد مدى قدرة المهرجان على الاستمرارية وتوسيع طبيعة اهتماماته، يفيدنا كعرب في تحقيق جسر من التواصل الثقافي والانساني، ومن الممكن إدراج ما يقدم من أعمال هنا في سياق تصحيح التمثلات والصور الخاطئة سواء عنا كعرب أو عن الآخر. الجزيرة الوثائقية بقطر تقص شريطها الرابع من19 الى 22 من الشهر الجاري، دورة تؤكد غنى الفقرات من خلال العديد من الندوات المتخصصة في الموضوع، ناهيك عن كون المهرجان يعطي فرصة جد مهمة لتقاسم مجموعة من الأحاسيس والانشغالات والأسئلة الكبرى حول ما يجري في عالمنا اليوم. سؤال المستقبل تيمة جد مهمة طرحت كشعار للمهرجان في دورته الثامنة، المستقبل من أجل تجاوز المحن التي يعيشها عالمنا اليوم نحو رؤية تقاسمية لكل اللحظات الممتعة التي هي الأصل في الكون، لكن يد السياسة ضلت الطريق نحو لغة الحروب والدمار وتغييب الحقوق وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في أرضه وتراثه وتاريخه وهويته، وأن يستمتع كبقية شعوب العالم بالطمأنينة، المستقبل رؤية ثقافية بامتياز، والشجرة المؤطرة لشعار المهرجان وفق رؤية فنية عميقة ودالة، لايمكن إلا أن تكون شجرة الحياة والخصوبة والأمل، الشجرة المرتبطة والضاربة في اعماق الأرض نحو السماء من أجل أن توزع ثمارها على الجميع، في ظل رؤية فنية وإنسانية جميلة وممتعة لنا جميعا كبشر خلقنا الله من أجل التعاون فيما بيننا مهما كانت مرجعياتنا الدينية والثقافية والسياسية واللونية. مهرجان الجزيرة الوثائقية فرصة لمن يشتغل بالكتابة عن الفيلم الوثائقي ومن يسير مهرجانات وثائقية إما محلية أو دولية، من أجل معرفة ما وصلت إليه رؤى المخرج ومن معه. فرصة ممتعة جدا من أجل تقاسم التجارب والتراكمات المحققة في الميدان، لاسيما في ظل تزايد تتبع وتلقي الفيلم الوثائقي في عالمنا العربي. تزايد يعطي الانطباع بضرورة الاشتغال المتزايد على هوياتنا العربية والاسلامية والانسانية، حتى نضمن استمرارية نوعية لذاكرتنا الجماعية لمن سيأتي بعدنا، لا سيما وأن هذه الافلام الوثائقية التي تنتج اليوم، ستتحول في زمن ما، إلى تراث سمعي بصري قابل للتوظيف المتعدد والمتنوع. إذن نحن في أمس الحاجة إلى هذه التجربة العربية والدولية، فالرابح الاول والأخير هو هذا الإنسان العربي الذي من اللازم أن نتق في قدراته الإبداعية والإعلامية والثقافية والتقنية، خصوصا حينما تتوسع دائرة الحرية، كشرط من شروط ممارسة التفكير.