الفعل الثقافي اليوم، فعل أضحى من الممكن أن يكون مقياسا جوهريا لأي تحديث مجتمعي، فعل من الصعب اليوم،جعله مجرد واجهة تزيينية، وهو ما نشعر أن العديد من الدوائر والمكونات الحزبية، تقوم به ليس في وطننا العزيز المغرب، بل إحساس نشم رائحته في العديد من الأوطان العربية، ولعل هذا التوظيف التزييني/ المساحيقي، هو ما جعل مجموعة كبيرة من أوطاننا العربية، تحتل اليوم رتبا جد متأخرة في سلم التنمية البشرية، وتنامي مظاهر التطرف والعنف، مما جعل المقاربة الأمنية تحتل مكانة كبرى، وهي مقاربة تفرض بدورها مقاربة مالية وبشرية وإدارية، ناهيك عن كونها لايمكن أن تحد من الظاهرة، إن لم تولد بدورها هي الأخرى مجموعة من المحن. حينما نفكر اليوم بلغة المعرفة، في وطننا العربي، نجد أن هذا المعيار يعيش اليوم مجموعة من المحن، منظومات تربوية عربية منهوكة، أنهكتها المقاربات السياسوية، مما جعل بناء فعل ثقافي عربي،على معايير علمية مستمدة من طبيعة حاجيات الإنسان العربي، عملية معقدة. إننا في عالمنا العربي اليوم، نحتاج وبكل بساطة، إعادة النظر في طبيعة سؤال الثقافة وفق رؤى دقيقة، تشرك ليس المرافق العمومية المسؤولة عن هذه القطاعات فحسب، ولكن أيضا القطاعات الخاصة في هذا العالم العربي، والتي ما فتئت تتعامل هي الأخرى، بمقياس (الصدقة)، والتبرع على ثقافة ينبغي أن تكون وفق أهواء هؤلاء. السينما اليوم، رهان إنساني من الصعب محوه، أو إبعاده عن أي اهتمام عمومي أو خصوصي، السينما شكل دقيق من أشكال المعرفة والفكر. هي اليوم قضية ومتعة في الآن نفسه. رهان ثقافي تحديثي للمجتمع. من السهل اليوم أن نسمع مسؤولا سياسيا في عالمنا العربي، وهو يردد لفظة تحدث المجتمع. لكن أو ليست السينما هي المظهر الأكثر تجليا لتفعيل هذا التحدث؟، ثم أليست التربية بشكل عام والمدرسة بشكل خاص، فضاء هو الآخر من الممكن توظيفه، لجعل الثقافة السينمائية العربية حاضرة كأداة ديداكتيكية، وكأداة للتفكير والتقاسم والتحاور وتحليل الذات العربية والتثاقف مع الآخر، في أفق تصحيح تمثلاته عنا، ناهيك عن جعل السينما أيضا مجالا خصبا للبحث العلمي والأكاديمي؟ لا زلت أتذكر تلك الندوة العربية التي شاركت فيها على هامش أحد المهرجانات السينمائية العربية، والتي تمحور موضوعها حول دور المهرجانات السينمائية العربية في تطوير الانتاجات السينمائية العربية، ندوة اثيرت فيها أسئلة هامة ومفيدة. إننا في أمس الحاجة اليوم إلى جعل السينما العربية ككل، كواجهة من واجهات الحوار وإنتاج المعرفة، تراكم من الممكن أن يفيدنا في تحديد رسم معالم أساسية لاختياراتنا الفنية والثقافية والجمالية، فمعظم أوطاننا العربية ترتب سؤال الثقافة في أدنى سلم اهتماماتها، وسيزداد هذا التهميش في ظل الضغوطات الاجتماعية العربية في ظل هذا الربيع الذي من المفروض ومن المنطقي أن يولد لنا أساليب فكرية جديدة في عالمنا العربي مفضية الى مؤسسة ديموقراطية عربية سليمة وليس الى أساليب ديموحرامية مفضية لتكاثر وتناسل المزيد من الهشاشة الاجتماعية والثقافية والتربوية. لعمري إننا البوابة اتلاولى والاساية لكل ما نريد نحن كعرب في ظل هذا التاريخ الجديد، هو باب الثقافة بمفهومه الواسع، مما يستوجب سن خطة بل العديد من الخطط التي توفر العديد من إمكانات العمل والتعبير وتطوير قدرات العربي الذوقية والفنية والجمالية. ليس بالخبز وحده نحيا، جهات عديدة تردنا أن ننظر الى ذواتنا ولغيرنا وفق رؤية خبزوية مادية محدودة. جهات عديدة في وطننا العربي الجريح بثقل تهميش سؤال الفن والثقافة، تريد أن تحصر رؤيتنا لهذا العالم في "خبز وزيتون"، العالم أجمل حينما يمر عبر السينما. العالم أرحم حينما يقدم في طابق فني وثقافي، وكم هو مخيف عالمنا حينما يقدم وفق رؤية سياسوية اقتصادوية وعسكرية براغماتية،"رؤية"، تجعلنا في العديد من الحالات نشعر بنوع من الرعب، رعب سرعان ما يخلخل بصورة سينمائية حالمة، ممتعة ومفيدة للمتلقي من أجل أن يدرك لعبة من يريد أن يدخل هذا العالم في لحظات حربية همه الاول تلبية حاجيات من يصنع سلاحا فتاكا لقتل وتدمير هذا العالم اتلذي خلقه الله لنا لنتقاسم جماليته ونستمتع بلحظات تقاسم خيراته ومكنوناته العديدة. بالسينما، إذن، نتواصل وبها نفسر ما نعيشها في عالمنا بل نتجاوز ذلك نحوحكايات مولدة لمعان جديدة، تكون محور نقاش وتقاسم وتوليد معرفة جديدة على هامش المعرفة المولدة من الفيلم. السينما العربية اليوم، من الممكن أن تكون حمالة مرحلة ثقافية عربية جديدة. رهان عربي ثقافي جديد، من خلاله نناقش همومنا العربية وأحلامنا المؤجلة دوما. كل هذا لن يتحقق خارج سن سياسة سينمائية عربية تضخ من خلالها بعض أموال العرب، التي هي اليوم رهينة بنوك عالمية كبيرة تحتاج وفي"ظل" حاكم عربي فاسد كما جرى في ليبيا، صكوكا عديدة للإفراج عنها، بل لاعادتها لهذه البنوك بصيغ أخرى بعد أن هدم الاحمق القدافي كل شيء في هذا البلد، بل ولنقرأ ونسمع ما يصدمنا نحن العرب ككل، خصوصا وأن العديد من أموال هذالبلد العربي الاصيل، ذهبت لخلق أزمات عيدية في بلدان عديدة، وجزء آخر استغل لقضاء الليالي الملاح ؟؟؟. تشكل تجربة المغرب السينمائية اليوم خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، من خلال دعم العديد من الافلام المغربية والافريقية حتى، في أفق تطوير قدرات المخرج والمتلقي معا، لجعل منتوج مغربي يناقش بكل حرية. تطورات مهمة حصلت لدى المخرج المغربي ومن يشتغل في هذه المهن السينمائية، بدأنا نتحكم وبشكل كبير في العديد من التقنيات السينمائية مما جعلنا ننتج صورتنابأيدينا، صحيح هذه الصورة اليوم بعضها مقدم بشكل إبداعي ووفق ما كتب، في ظل رؤية سينمائية فنية، وبعضها الآخر يقدم لارضاء صناديق الدعم الاجنبية مما جعلنا نقدم أحيانا ضمن صورة فلكلورية مقززة، لكننا وفي جميع الحالات نناقش وبكل حرية هذه الاعمال السينمائية ووحدها المعايير الفنية الثقافية والجمالية والانسانية، وحده هذه المعايير التي من الممكن أن نعود اليها إن اختلفنا، بل ويجب أن نختلف عما يقدم إلينا لكن ودوما ضمن رؤية إنسانية مؤمنة بلغة التقاسم المعرفي بعيدا كل البعد عن لغة العنف والتطرف والتكفير لاننا ضمن لعبة فنية سينمائية. من هذا المنطلق، نطرح هذه الفكرة للنقاش، فكرة مفادها أن نشجع أساليب التعبير الفنية والثقافية المحددة في العديد من التمظهرات من بينها طبعا السينما، تشجيع من اللازم ان ينبني على رؤية مؤمنة بأهمية الاقول الثقافي كشكل من أشكال بناء المعرفية وتوليدها. والامر هنا يقتضي منا وضع كافة البنيات المتعلقة بها التعبير السينمائي العربي، بدءا من القاعات السينمائية مرورا بسؤال التكوين وتقنين مهن السينما ودعم الانتاجات السينمائية العربية المبنية على رؤية جمالية عربية، وصولا الى أعادة ثقة العربي في منتوجه العربي وتحفيزه وتشجيعه تربويا وتعليميا على الذهاب الى قاعات السينما لمشاهدة صورته المصنوعة بيد عربية وحتى غيرها لكن ضمن شروط فرجة عربية متنوعة ومتعددة، ناهيك عن دعم وتشجيع المهرجانات السينمائية العربية خصوصا الناشئة منها، جعلها مجالات لتقاسم المعرفة السينمائة، دون نسيان تشجيع ثقافة الكتابة السينمائية، ونقصد هنا المؤلف السينمائي والمجلة المتخصصة والطالب الباحث والاكاديمي المتخصص الخ. الدكتور الحبيب ناصري/ أستاذ باحث مغربي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة