قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم اليوم الثلاثاء، تنظيم يوم دراسي يهم عالم الاحتراف في كرة القدم. هذا اليوم سينظم لفائدة للمدراء والمسؤولين بالأندية المحترفة لتسليط الضوء على الشروط الضرورية للحصول على رخصة ناد محترف بدء من الموسم المقبل (2012-2013)، ما يعني أن الموسم الكروي الحالي الذي أوشك على الانتهاء دون تغيير أو إثارة تذكر، كان بمثابة موسم تجريبي سيوضح تقييمه العام الإمكانيات المتاحة أمام الجامعة: إما بالاستمرار قدما أو العودة إلى الخلف، وبالتعبير آخر سيوضح إذا ما كان قرار ولوج الاحتراف صائبا أو سابقا لأوانه. من المتوقع أن تتدارس الجامعة مع مدراء الأندية ومسؤوليها عدة نقاط، ولعل أبرزها يتعلق برفع الرصيد المالي المطلوب في دفتر التحملات، أي أن الأندية ستبدأ البحث عن مناجم بترول لتوفر أكثر من 900 مليون سنتيم، وإلا فسيكون مصيرها الإقصاء من الدوري الاحترافي. ولنتوقع أيضا أن تحاول الجامعة فرض ديكتاتوريتها على الأندية من خلال الحصول على ضمانات من السلطات المحلية، بعدما تبين لها أن ضمانات رؤساء الأندية محفوفة بالمخاطر كحالة حكيم دومو مع النادي القنيطري، وحالات أخرى يعلمها الجميع. الجامعة يبدو أنها خارج التغطية ولا تقرأ الصحف ولا تتواصل مع الأندية، لأنها لو كانت كذلك، لعلمت أن أغلب الأندية تعاني عجزا ماليا، فالماص رغم نجوميته يعاني في صمت، وأندية ليست قادرة على صرف مستحقات لاعبيها من رواتب ومنح. فمن أين لها 900 مليون أخرى؟ أليس هذا ضربا من الجنون تفاجئنا به الجامعة الأقوى.. جنون لا يعلم إلى حد أي سيصل عندما تفاجأ جامعتنا أن الأندية عاجزة عن تأمين الرصيد المالي المطلوب. اللقاء سيشكل حدثا يعيد لأذهان المغاربة أن شيئا لم يتغير في بطولتنا فالأحوال سيئة، وربما أسوأ عن سابقاتها. فكافة الظواهر التي ألفنا مشاهدتها في المشهد الكروي الهاوي ببلادنا، ما تزال متجلية بقوة في أول موسم احترافي، وكثيرون يرون أن البطولة الوطنية ما تزال تعيش داخل دوامة الضعف التقني -ولا داعي أن نصدق أن بطولتنا أقوى بطولة عربية-، وما تزال أنديتها لا تتوفر على مؤهلات تجعلها أندية محترفة، وما يزال جمهورها هو الآخر بعيدا عن الاحتراف في طرائق التشجيع، وما يزال الشغب أفيونا يتعاطاه الجمهور. البطولة الاحترافية تستعد مع الجامعة لإطلاق ثاني مواسمها، والأول بالنسبة لأندية القسم الوطني الثاني. فإذا كانت أندية القسم الأول عانت الأمرين لتعبئة رصيد مالي يخول لها دخول عالم الاحتراف، مع بعض التساهل التي أبدته الجامعة مع بعض الحالات تحت ذريعة أنه تساهل ظرفي يرتبط بالموسم الأول لا غير ولن يتكرر، وسيتم التعامل بصرامة أكبر مستقبلا. فما بالك بأندية القسم الثاني، ونحن على علم أن 4 فرق فقط تمكنت من استفاء الشروط الخاصة بهذه الدرجة، ما يبرر عدم دخول أنديتها إلى عالم الاحتراف، فكيف سيكون تعامل الجامعة مع فرق قسم المظاليم المثقلة بالديون والهموم؟ بيد أن السؤال المطروح: هل تتعامل جامعة الكرة بدورها باحترافية حتى ترهن مستقبل الكرة الوطنية بقرارات غير مدروسة ولا تراعي قدرات الأندية على كافة الأصعدة؟ وهل بالفعل تسعى الجامعة وراء فرضها تلك الشروط خدمة الأندية المغربية، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تتبعا للبرتوكلات التي تفرضها اللعبة على الصعيد العالمي. ولو جاء ذلك على حساب تزييف الواقع الكروي بالمغرب، والذي يقول إن الهواية تنخر الجسد الكروي. فقط لنقول أن لدينا بطولة احترافية .. وكفى .!!! خلاصة القول أن جامعة الكرة أصبحت تعتبر شروطها هي الكفيلة بالوصول إلى الاحتراف، وأغفلت أمورا أخرى هي أساس البطولة الاحترافية، وأن الشروط يجب أن تراعي حجم الإمكانات المتاحة. ويبدو كذلك أن الجامعة ترى بأعينها بان عباءة الاحتراف هي حريرية، فيما يراها المغاربة عباءة مليئة بالثقوب، لكنها تناست قول القائل «ليس كل من لبس الحرير أميرا».