عندما تشاهد مدربا أو مسيرا بأحد الأندية يقوم بفعل لارياضي، فإنك ستلتمس العذر للجماهير المشاغبة إن قامت بمثل تلك التصرفات اللارياضية واللاأخلاقية. وآخر ما شهدته ملاعب الكرة الوطنية هي المعركة التي دخل فيها كل من مدرب المغرب التطواني عزيز العامري ورئيس النادي المكناسي أبو خديجة. رئيس الكوديم يتهجم على العامري ويضربه في عينه مهشما نظاراته الطبية، في تصرف مسيء لرئيس ناد كروي كالنادي المكناسي لكنه يسيء أيضا للكرة المغربية، وهي التي تقول بأنها ودعت زمن الهواية وارتدت عباءة الاحتراف، لكنها وعلى ما يبدو عباءة مليئة بالخروق.. البعض يقول إن جماهير الكوديم كانت وراء إشعال الفتيل، لأنها تطاولت على مدربها السابق ووجهت إليه سيلا من الشتائم. وهو أمر أصبح مألوفا وليس غريبا على أنصار الفرق، فهي دائما ما تسعى إلى استفزاز عناصر الفريق الخصم سواء تعلق الأمر بالمدرب أو لاعبيه. إلا أنه لا يمكن أن نقول أيضا أن ردة فعل العامري مقبولة، فهو الآخر كان مطالبا بالتحكم في أعصابه وتفادي أن يسقط في شراك استفزازات الجماهير، فهو مدرب «محترف» حسب أعراف الاحتراف، وله باع رفقة الأندية الوطنية، وكان جديرا به أن يحترم فريقا أشرف عليه في الماضي فمهما حصل فإنه يمثل قدوة للاعبين. ولعل علم جماهير مكناس بنفسية مدربها السابق، كان وراء الحركة التي قام بها العامري واستفزت رئيس النادي المكناسي، -حسب أبو خديجة- لينزل بنفسه إلى الميدان ويتهجم على مدرب الفريق الضيف دون وجه حق، حتى وإن الأخير قد حاد عن جادة الصواب. في المقابل، فلو فكرنا مليا. سنجد أنه من الغريب أن يسمح لرئيس الفريق المكناسي بولوج أرضية الميدان، حتى يتمكن من الوصول إلى المكان الذي كان فيه العامري يدلي بتصريحات تلفزية ويقوم بالتهجم على مدرب الفريق سابقا. فهل رأى أبو خديجة أن العامري كان وراء نزول الكوديم إلى القسم الثاني أثناء فترة إشرافه على الفريق. فالمكان الأنسب لرئيس الفريق على حد علمي هو المنصة الشرفية للملعب، أما أن تشاهد روسيل يشاجر مورينيو، فهذا لن يحدث إلا في بطولتنا. مع إشارة بسيطة وهي أن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تجد صعوبة في الوصول هناك، ناهيك أن الصحافة المكتوبة لا يسمح لها بدخول أرضية الملعب بتاتا. لقد أصبحنا نعاني من كلمة الاحتراف هذه. والحقيقة أننا بعيدون كل البعد عن الكلمة، فالاحتراف ليس تعشيب الملاعب وإنارتها ليلا أو إضافة الأسماء على قمصان اللاعبين أو يمتلك النادي حساب 900 مليون. الاحتراف أكبر من أن يقتصر على هذه الكماليات، لأن جوهر الاحتراف يرتكز على المسؤولية واحترام القوانين، وعندما يتعلق الأمر بكرة القدم أو أي رياضة أخرى، فإن الأخلاق تكون على درجة من أهمية سواء كان الشخص المعني رياضيا أو مدربا أو تقنيا أو إداريا. لأن الأخلاق هي أساس بناء عقلية نظيفة وعلى هؤلاء التحلي بروح رياضية وعدم خرق القاعدة الأساسية للرياضة، والتي مفادها أن الرياضة ربح وخسارة. وكما هو معلوم، فإن من قواعد الاحتراف في أي بطولة محترفة بالخارج أن هناك لجانا تأديبية مختصة بمثل هذه النوازل، والتي لا نعدمها في ملاعب أكثر البلدان احترافية في كرة القدم، إلا أنها ليست بنفس الطريقة أو الحدة. بالإضافة إلى أن اتحادات الكرة في تلك الدوريات المحترفة تتعامل بصرامة مع حالات الشغب كيفما كانت سواء تعلق الأمر بالمدربين أو اللاعبين، فهي لا تمر عليها مرور الكرام دون إجراء تأديبي بعقوبة الإيقاف أو غرامة مالية أو هما معا. هذا الحديث يقودنا إلى الاستفسار حول الإجراءات التي ستتخذها جامعة كرة القدم، خاصة وأنها تعلم أن بطولتنا أصبحت حظيرة لتصرفات شاذة عن الرياضة من وصف للجماهير بأنها «حيوانات» والاستهزاء المدربين بزملائهم في المهنة وغير ذلك من التصرفات المسيئة إلى سمعة الرياضة المغربية، في حق أبو خديجة الذي تدور التكهنات حول إمكانية إيقافه مدى الحياة، وذلك لأن العدسات التقطته أثناء اندفاعه على العامري. بينما قد تمر الحادثة بسلام على مدرب الماط، هذا إن لم يثبت أنه قام بحركة لارياضية في حق الجماهير المكناسية. لأن المصيبة أن الجمهور المشاغب وما أكثره سيلتمس لنفسه العذر في إثارة الشغب في مباريات كرة القدم، وذلك عندما يشاهد فيديو على اليوتيوب يصور أحد خروقات بطولة الاحتراف لرئيس «محترف» يمارس بلطجته على مدرب «هاو».!!