بنكيران يعتذر للنساء ويعدهن بتصحيح ضعف مشاركتهن في أقرب فرصة ويشيد بحزب التقدم والاشتراكية برنامج حكومي طموح وذو طبيعة تعاقدية غايته مواصلة جهود بناء مغرب الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية نالت الحكومة الجديدة التي يرأسها عبد الإله بنكيران ثقة مجلس النواب بأغلبية مطلقة، خلال التصويت على البرنامج الحكومي في الجلسة العامة التي عقدها المجلس أمس الخميس. وصوت لصالح برنامج الحكومة 218 نائبا يمثلون أحزاب التحالف الحكومي، فيما عارضه 135 تمثل أحزاب المعارضة بالمجلس. ومنذ اللحظات الأولى التي بدأ فيها رئيس الحكومة في تلاوة رده على تدخلات الفرق النيابية وممثلي المجموعات النيابية حول التصريح الذي عرضه أمام المجلس قبل أسبوع، بدا واضحا أن الاتجاه يسير نحو منح الثقة للحكومة. حيث كانت قاعة الجلسات العامة بمجلس النواب تهتز بين الفينة والأخرى، بالتصفيق لعبارة أو جملة من خطاب الرد. واستطاع عبد الإله بنكيران أن يشد انتباه القاعة، على مدى أزيد من ساعة من الزمن التي استغرقها رده، والأكثر من ذلك أن خطابه كان مقنعا إلى حد كبير، ولقيت بعض فقراته إجماعا سواء من لدن فرق الأغلبية كما في صفوف المعارضة، خصوصا تلك التي اعتبر فيها أن دعم الانخراط في محاربة الفساد من أولويات برنامج حكومته. واتسم خطاب عبد الإله بنكيران بالوضوح حينا وبالصرامة أحيانا كثيرة، وبالاعتذار خصوصا في حق النساء، وأكد رئيس الحكومة أن مجتمعنا اليوم لا يمكن أن يكتفي بالدور التقليدي للمرأة، وأعلن تحمله مسؤولية ضعف تمثيلية النساء، في الوقت الذي كان عليه أن يصر على حضور قوي للنساء في الحكومة. وقال جوابا على من يتهمونه أنه كان وراء التمثيلية الضعيفة للنساء في الحكومة بالنظر إلى مواقفه التي اعتبروها مشككة في قدرة النساء على تحمل المسؤوليات، «إذا سبق لي أن شككت في قدرة النساء، سواء في تصريحاتي أو مواقفي، سأقدم استقالتي من هذا المنبر». واعتبر عبد الإله بنكيران أن المناصفة ورش يسائل جميع الأحزاب السياسية دون استثناء، داعيا إياها إلى الاشتغال لمعالجته بالقانون، ووعد أنه في أول فرصة ستتاح له سيعمل على تصحيح الأمر. وأعلن رئيس الحكومة في رده على تدخلات الفرق النيابية وممثلي المجموعات، أنه سيحاول توسيع التشارك في الوصول إلى القناعات التي يؤمن بها لأوسع مدى ممكن، إلا من أبى، وإشراك كل ذوي النيات الحسنة في اتخاذ القرار. وكان خطاب رئيس الحكومة قويا، اتجاه الجزائر وإسبانيا، حين قال «نريد أن يسمع منا الجميع، أشقاؤنا في الجزائر وجيراننا في الشمال، إن قضية الوحدة الوطنية والترابية، سواء قضية الصحراء المغربية أو قضية الثغور المحتلة، هي قضايا شعب ووطن، وليست قضايا نظام»، مشددا على أن التاريخ سينصف هذا البلد، لأنها قضايا مشروعة. وأبرز عبد الإله بنكيران أن البرنامج الحكومي، ليس تصريحا فقط، ولا يتخذ صبغة قانون المالية، أو برنامج قطاعي، بل هو برنامج شامل تعرض لمختلف القضايا، وانطلق من تحليل وتشخيص عميقين للإشكالية الجوهرية التي ترهن مستقبل بلادنا والتي تعوق قدرتنا على إنتاج الثروة ولا تسمح بالتوزيع العادل لها، رغم ما نتوفر عليه من موارد بشرية وإمكانات مالية. ووصف برنامج حكومته ب «الطموح وذي طبيعة تعاقدية»، غايته مواصلة جهود بناء مغرب الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. معتبرا أن مناقشته ليست سوى محطة أولى في مسلسل التغيير المبدع والاستمرارية المسؤولة، حيث إن الدستور الجديد أقر محطات منتظمة لتقييم ومراقبة العمل الحكومي، تتمثل في جلسة برلمانية شهرية لمناقشة قضايا السياسة العامة، وجلسة سنوية لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، ثم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، وذلك من ضمن محطات أخرى، ستتيح للمؤسسة البرلمانية بكل مكوناتها أغلبية ومعارضة متابعة الأداء الحكومي وتقديم المقترحات التي من شأنها أن تغنيه. وردا على الانتقادات الموجهة للبرنامج، من غياب الوضوح والرؤية وعدم تقديم الأرقام والإجراءات والأجندة الزمنية، أكد رئيس الحكومة أن البرنامج الحكومي حدد الرؤية التي تتوخاها الحكومة، وأعطى الأرقام والأهداف المهيكلة، وفصل الإجراءات التي تخدم هذه الرؤية والأهداف، وبهذا فإن البرنامج الحكومي هو برنامج طموح يعبر بوضوح عن إرادة في الإصلاح العميق والمتدرج الذي تحتاج إليه البلاد. وجدد بنكيران التأكيد على أن البرنامج يركز على الحكامة الجيدة، كإطار للموازنة بين التغيير المبدع والاستمرارية المسؤولة في الاستراتيجيات والسياسات، من خلال مواصلة الاعتماد على أزيد من 10 استراتيجيات قائمة، وإضافة أزيد من 20 من الاستراتيجيات والبرامج الجديدة. وأشار رئيس الحكومة إلى أن التحالف الحكومي جسد التطلع إلى بناء حكومة قوية وفعالة ومتضامنة، مبنية على التزام وثيق أساسه ميثاق للأغلبية ويمثل إرادة الشعب المغربي في التوفر على حكومة مسؤولة منشغلة بهمومه ومستجيبة لانتظاراته. وهو ما كان نتاج مقاربة تشاركية وشفافة انطلقت من الوفاء لتوجهاتنا التي أعلنا عنها بوضوح قبل الانتخابات. ولقي حزب التقدم والاشتراكية إشادة كبيرة من لدن رئيس الحكومة لقرار لجنته المركزية المشاركة في التجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وقال إن حزب التقدم والاشتراكية «لا يأخذ الحداثة ككلمة، وإنما كممارسة وفعل، خصوصا أنها موجودة ضمن برنامج الحكومة». وأعلن عبد الإله بنكيران أن الحكومة ستلتزم بالوفاء بما قطعته على نفسها من وعود، بخصوص الرفع من الحد الأدنى للمعاشات إلى 1500 درهم، والرفع التدريجي للحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم في أفق 2016 في القطاع العام الذي هو من مسؤوليتها. وقال بنكيران إننا واعون بالظرفية الدولية والإقليمية التي تحيط بالبلاد، من أزمة اقتصادية عالمية، وحراك عربي، إلا أن هذا لن يثني الحكومة في تحقيق ما وعدته. مشيرا إلى أنه بالإمكان تحقيق نسبة نمو سنوي بمعدل 5.5 في المائة، وأن الحديث عن التراجع عن الهدف الذي أعلنته بعض أحزاب الأغلبية، والذي يصل إلى 7 في المائة في أفق 2016، غير ذي جدوى، لأن تحقيق المعدل السنوي في حدود 5.5 في المائة هدف جديد وطموح أكبر.