مدير المركز السينمائي المغربي نورالدين الصايل مستقبل العرض السينمائي سيكون مرتبطا بالقاعات ذات الشاشات المتعددة وليس القاعات الكبيرة ذات الشاشة الوحيدة حمل مدير المركز السينمائي المغربي نورالدين الصايل مسؤولية إفلاس القاعات السينمائية إلى أصحاب هذه القاعات أنفسهم، على اعتبار أنهم لم يعملوا على استثمار أرباحهم لجعلها مواكبة لمتطلبات العصر. جاء ذلك خلال الندوة التي عقدها خلال اليوم الأخير للدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، والتي انصبت حول مجموعة من القضايا المرتبطة بالميدان السينمائي المغربي. واستهل الصايل الندوة بالإشارة إلى خمسة منجزات أساسية، يرى أنه تم تحقيقها خلال السنة المنصرمة، وتتمثل هذه المنجزات في استقرار وتيرة الانتاج واستمراريتها، أخذا بعين الاعتبار أن الأهم في أي بلد يهتم بالسينما، هو تنظيم الوسائل الكفيلة باستمرارية الانتاج، حيث تم إنتاج عشرين شريطا داخل المغرب، وتم استقبال ثلاثة أشرطة لسينمائيين مغاربة قاطنين بالخارج، وهو ما يسجل تقدما. المنجز الثاني يتمثل في الترخيص بالتصوير لمائة فيلم قصير، أخذا بعين الاعتبار أن الفيلم القصير يعد المدرسة الحقيقية التي يبنى عليها الأمل في الانتاج وتحقيق القفزة النوعية. أما المنجز الثالث فيتمثل في أنه لأول مرة في تاريخ السينما ببلادنا، كان هناك حضور لست عشرة فيلما مغربيا في القاعات السينمائية، خلال سنة واحدة. ومن بين المنجزات الأخرى التي تحققت في ميداننا السينمائي، أن الأفلام المغربية بما لها وما عليها -يضيف الصايل- عرضت خارج المغرب، في ما يفوق مائة مهرجان دولي، ونالت ما يفوق أربعين جائزة، مع الإشارة إلى أن هذا الحضور ما فتئ يتزايد. واعتبر أن هذه الوتيرة في الانتاج، لن يتم التراجع عنها. ورد الصايل على سؤال بخصوص طغيان الرداءة على الإنتاج السينمائي الذي عرض خلال الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بأن الكم لا ينبغي أن يكون بالضرورة ضمانا للكيف في أي بلد كيفما كان مستوى إنتاجه السينمائي، ويبقى الرهان على نسبة معينة من الجودة. وتطرق الصايل خلال هذه الندوة، إلى إشكالية القاعات السينمائية، واتهم أصحابها بأنهم لم يتخذوا قرارات جريئة، لتطوير هذه الفضاءات بما يتلاءم مع الطرق الحديثة للعرض، وعيا منه بأن مستقبل العرض السينمائي، سيكون مرتبطا بالقاعات ذات الشاشات المتعددة، وليس القاعات الكبيرة ذات الشاشة الوحيدة. ونفى في هذا الإطار أن تكون القرصنة هي السبب الرئيسي لإفلاس القاعات، وإن كان يقر بأنها من بين الأسباب، حيث حدد نسبة إسهامها في هذا الإفلاس في عشرين في المائة. وذكر أن الدولة اتخذت قرارا سياسيا لتطوير الانتاج السينمائي، لكن ليس من المفروض أن تقوم بالشيء ذاته على مستوى الاستغلال، وتشييد القاعات، غير أن دورها من الضروري أن يتجسد في المساعدة على تخفيض الضرائب على أصحاب القاعات، لأجل أن تكون في المدى المتوسط مربحة. وتجرد مدير المركز السينمائي، من كل مسؤولية في ما يخص قرار دعم أشرطة دون غيرها، مؤكدا على أن نتائج لجنة الدعم عادة ما يعلم بها عن طريق الصحافة، مثل غيره من المواطنين، ولم يسبق له أن تدخل في شأنها، لكنه استبعد أن تكون قرارات هذه اللجن غير صائبة، علما بأن أعضاءها يتم انتقاؤهم بعناية. واستحضر بهذا الصدد، مجموعة من الأسماء التي عملت ضمن هذه اللجن، والتي يشهد لها بالنزاهة وحسن الذوق وسمو الأخلاق، فضلا عن الرسوخ في الثقافة والعلم: عبداللطيف اللعبي، محمد العربي المساري، أحمد بوكوس، غيثة الخياط، وغيرهم. وردا على ملاحظة بخصوص انسلاخ العديد من الأشرطة السينمائية التي يدعمها المركز السينمائي المغربي، عن الهوية المغربية، بالنظر إلى أنها ناطقة إما كليا وإما جزئيا باللغة الفرنسية، قال إن الهوية المغربية هي هوية مبنية على التفتح وليست متقوقعة، وأنه كان هناك دائما تمازج بين الأجناس والأعراق في تاريخ المغرب وأن حضور لغة أجنبية في شريط مغربي، ليس معناه أن الشخصية المغربية ستندثر. واعتبر حضور تقنيين أجانب في العديد من الأشرطة السينمائية المغربية، مع أنها أنتجت حديثا، أمرا طبيعيا، وعزا ذلك إلى ندرة التقنيين المغاربة في مقابل ارتفاع وتيرة الانتاج، وبالتالي ليس من المفروض على مخرج مغربي أن ينتظر تقنيا في تخصص ما لكي يفرغ من عمله، ثم يقوم بالإخراج، بل من حقه أن يلجأ إلى التقني الأجنبي. وفسر أسباب عجز الفيلم الأمازيغي عن احتلال موقع بارز ضمن غيره من الأعمال السينمائية، وكونه ظل دائما ينظر إليه نظرة دونية، إلأى أن كل لغة لها طاقة لتقطيع الواقع بطريقة خاصة، وأنه لربما التأمل في الواقع من طرف مخرجي الفيلم الأمازيغي، يتم بكيفية آلية وليس فلسفية، مما يجعل هذا الفيلم يبدو مصطنعا، وتغيب عنه الإضافة الرؤيوية للتعبير السينمائي. وخلص في هذا الإطار إلى أن التعبير الأم هو التعبير السينمائي، أما اللغة فهي تظل ثانوية. وأضاف الصايل كذلك أن أقوى ما تستطيع أن تصله السينما هو إعادة تركيب العالم، وأن الشيء الأصعب هو تحديد المسافة التي يقيمها المخرج مع ما يصوره الموضوع، بمعنى أن لا توجد لقطة زائدة، وأن تكون المشاهد في محلها، ولا يمكن إحداث تغيير عليها، واعتبر أن قلة من المخرجين هم الذين يتمكنون من تحقيق ذلك، وذكر من بينهم: فرانسيس كوبولا، ومارتان سكورسيز، وهيتشكوك، وأغفل ذكر أي مخرج مغربي. وبرر من جهة أخرى العناية بتقديم كل الانتاج السنوي خلال مهرجان واحد، بالقول إن الإنتاج المغربي، لم يبلغ بعد الكمية التي تلزم بانتقاء الأجود، وبالتالي من الطبيعي أن تتراوح الأعمال المعروضة في هذه التظاهرة السنوية، بين الجودة والرداءة، وعبر عن تفاؤله بتحقق عملية الانتقاء على المدى المتوسط، بالنظر إلى أن السياسة التدفقية للإنتاج السينمائي قائمة. وذكر في السياق ذاته أن عرض كل الانتاج السينمائي السنوي في مهرجان بذاته، تبقى له ميزة حسنة، تتجسد في الشفافية وعرض الأفلام كما هي، بصرف النظر عن مدى قيمتها.