الحكومة تتعهد بمضاعفة الجهود للوصول لحل سياسي نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية أكد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة أن تعزيز التفاعل الايجابي للمملكة مع محيطها الجهوي والعالمي يشكل محورا أساسيا ضمن التوجهات الخمس الكبرى التي يقوم عليها البرنامج الحكومي. وأوضح في معرض تقديمه للبرنامج الحكومي أمام البرلمان بمجلسيه، أول أمس الخميس، أن الحكومة عازمة على تعزيز هذا التفاعل من خلال أداة دبلوماسية فعالة تخدم القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الصحراء، وتحقيق إشعاع أكبر للنموذج المغربي وذلك بالتعريف الأوسع بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتفعيل الاتحاد المغاربي، وذلك في ظل الدينامية التي يشهدها مؤخرا، فضلا عن متابعة تطبيق الوضع المتقدم الذي يميز العلاقة بين المملكة والاتحاد الأوروبي. وقال بنكيران إن الجهاز التنفيذي سيعمل على تجسيد المبادئ الدستورية المتعلقة بالسياسة الخارجية للمملكة بمختلف تجلياتها ودوائرها وتحقيق تفاعل إيجابي مع الأحداث الإقليمية والدولية، مما سيكرس مكانتها كأداة للابتكار والاقتراح والتفاعل الاستباقي مع المتغيرات، وقدرتها على المشاركة في مبادرات صنع القرار في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم حاليا، على مختلف الأصعدة. وأبرز أن الدبلوماسية المغربية، سجلت بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، وعلى هدي مبادئها الثابتة وهويتها العريقة، المبنية على الحكمة والتبصر والاعتدال، مكتسبات مهمة وملموسة تتعهد الحكومة بتثمينها وتعزيزها من خلال توطيد التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية للمملكة وتقوية المكانة المحترمة التي تتوفر عليها وترسيخ المصداقية والدور الفاعل والمتميز الذي يحظى به المغرب على الصعيد الدولي. وأضاف أن الحكومة ستعمل على تحقيق إشعاع أكبر للنموذج المغربي وذلك بالتعريف الأوسع بمسلسل الإصلاحات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا والأشواط الكبرى التي قطعتها المملكة في ميادين الديمقراطية والانفتاح الدولي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار والسلم الاجتماعي الذي تنعم به، وذلك من خلال تحسين أداء التمثيليات الدبلوماسية للمملكة. وستسهر الحكومة، أيضا، على تطوير عمل الدبلوماسية المغربية وتحسين عملها وتقوية كفاءاتها خصوصا في ما يتعلق بالتعبئة والرصد والتواصل ووضع خطط عمل للتفاعل مع الرأي العام والمجتمع المدني في البلدان المعنية. قضية الصحراء.. مضاعفة الجهود ودعم لمسلسل المفاوضات بخصوص قضية الصحراء المغربية، شدد بنكيران على أن الحكومة ستضاعف جهودها من أجل الوصول إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه في احترام تام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة، حيث ستعمل على دعم مسلسل المفاوضات المنبثق عن المبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، التي تتسم بروح الابتكار والتوافق والتي وصفها مجلس الأمن، في قراراته الستة المتتالية، بالمصداقية والجدية. الاتحاد المغاربي.. خيار استراتيجي على صعيد الجوار المباشر، أكد بنكيران عزم الحكومة على تعزيز الدينامية الإيجابية التي شهدتها مؤخرا العلاقات المغربية الجزائرية قصد تحقيق التطبيع الكامل للعلاقات مع الجزائر الشقيقة بما في ذلك فتح الحدود البرية، أخذا بعين الاعتبار عمق الأواصر الدينية والتاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين وخدمة للمصالح المتبادلة ومواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الاندماج المغاربي. وستعمل الحكومة أيضا على ترسيخ وتعزيز الحركية والفعالية التي طبعت مسارات وآليات التعاون الثنائي مع تونس وليبيا وموريتانيا، وذلك من منطلق الإيمان العميق بضرورة استثمار الإمكانات والطاقات المتاحة والممكنة لبلورة تصورات خلاقة وتبني مقاربات جديدة تهم كل الجوانب وتروم تأسيس شراكة دائمة واستراتيجية، تكون ذخرا للشعوب المغاربية الخمسة. وبنفس الإرادة، ستواصل الحكومة العمل على تفعيل الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا عبر إقامة النظام المغاربي الجديد في ظل الإخاء والثقة والتفاهم وحسن الجوار واحترام الثوابت الوطنية والوحدة الترابية لكل دولة من دوله الخمس. ووعيا بالحاجة الملحة إلى الاندماج المغاربي، ستسعى الحكومة, يقول بنكيران، إلى إقامة تكتل اقتصادي بين دول المنطقة لمواجهة تحديات التنافسية والعولمة وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، واستثمار الفرص المتاحة من طرف التكامل المغاربي في سياق التحولات الإقليمية والدولية. عربيا وإسلاميا.. القضية الفلسطينية في المقدمة وفي ما يخص القضايا العربية والإسلامية, أبرز رئيس الحكومة أن هذه الأخيرة ستبقى وفية لانتمائها الأصلي العربي والإسلامي والمتمثل في أواصر الأخوة والتضامن، كما ستواصل دعمها القوي والمتواصل للقضية الفلسطينية من أجل إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وأضاف أن الموقف المغربي اتسم تجاه القضية الفلسطينية على الدوام بتبني نهج الإجماع العربي والانخراط في اللجان المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي والتي تعنى بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس. وسجل أن الحكومة ستعمل على تقوية علاقات المغرب التاريخية مع العالم العربي والإسلامي، وإعطائها بعدا ملموسا في شكل مبادرات عملية تتفاعل مع التحولات التي تشهدها المنطقةُ والعالم، تقوي التكامل الاقتصادي والقدرات التفاوضية للدول العربية والإسلامية في المحافل الدولية الاقتصادية والسياسية أمام التكتلات الإقليمية والقارية والدولية المتصاعدة، إلى جانب المساهمة في تطوير هياكل جامعة الدول العربية لخدمة تطلعات شعوبها ومسايرة التحولات السريعة التي تعيشها المجتمعات العربية وتكريس دورها كأداة للتنسيق السياسي والاندماج الاقتصادي. ولم يفت بنكيران التعبير عن ترحيب الحكومة بالمبادرة الصادرة عن قادة مجلس التعاون الخليجي واستعدادها الكامل لتطوير العلاقات الأخوية أصلا إلى أبعد الآفاق، مشددا على عزمها في ذات الآن على تطوير علاقات التعاون والتضامن ودعم التعاون جنوب-جنوب. العلاقات الدولية.. امتداد استراتيجي أساسه المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل نظرا لما للاتحاد الأوروبي من أهمية إستراتيجية، بصفته الشريك الأول للمغرب، فإن الحكومة ستعمل جادة، يقول بنكيران، على متابعة تطبيق الوضع المتقدم الذي يميز العلاقة بين المملكة وهذا الاتحاد، وذلك في أفق إنشاء فضاء اقتصادي مشترك على أساس المصلحة المشتركة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ما يتعلق بالعلاقات مع دول أوروبا، أضاف أن الحكومة ستعمل على تعميق التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين على أساس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل ومعالجة الملفات العالقة كقضية سبتة ومليلية، إلى جانب العمل على تعزيز الانفتاح على أقطار أوروبية أخرى من أجل إقامة شراكات جديدة ودعم مكانة المملكة وفتح فرص جديدة للشركات الوطنية وجلب الاستثمارات. وأشار إلى أنه في إطار تنويع الشراكات الدولية للمملكة، ستعمل الحكومة على تعزيز العلاقات مع دول أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، والدول الأسيوية، والقوى الصاعدة، على أساس شراكات مثمرة وتعاون استراتيجي متعدد الأوجه. وعلى مستوى العلاقات المتعددة الأطراف، ستعمل الحكومة على تبني مقاربة تمكن من المساهمة بفعالية في معالجة القضايا المطروحة على الصعيد الدولي ورفع التحديات المشتركة على مستوى هيئة الأممالمتحدة, خاصة وأن المغرب أصبح اعتبارا من فاتح يناير الجاري عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي. تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية.. أولوية حكومية أكد رئيس الحكومة على أن تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية من أولويات عمل الحكومة، حيث ستعمل في هذا المجال على جلب مزيد من الاستثمارات والرفع من حجم المبادلات التجارية والاستغلال الأمثل للإمكانات والفرص المتاحة. وفي هذا الصدد، ستعمل الحكومة على ملاءمة برامجها مع التطورات التي تعرفها الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية وفق مقاربة شاملة تهدف إلى تشجيع الاستثمار. كما ستسهر الحكومة على استثمار إيجابي أكثر لاتفاقيات التبادل الحر الموقعة أو تلك التي يتم التفاوض بشأنها تفعيلا للشطر التجاري والاستثماري الدولي للبرامج القطاعية لتنمية المنتوج المغربي في ميادين الفلاحة والصيد والصناعات التحويلية والصناعة التقليدية والطاقة والخدمات.