قدم الوزير الأول عباس الفاسي، يوم الثلاثاء أمام مجلس المستشارين، حصيلة عمل الحكومة وآفاق عملها، وذلك بمناسبة انتهاء النصف الأول من الولاية التشريعية. وأكد عباس الفاسي، خلال جلسة عمومية حضرها عدد من أعضاء الحكومة،أن تقديم هذه الحصيلة يأتي في سياق الالتزام السياسي للحكومة الرامي إلى تأصيل التقاليد الديمقراطية في الحياة السياسية، رغبة في دعم آليات الحوار الهادف والتواصل البناء بين الحكومة ومجلس المستشارين كمؤسستين تربطهما علاقات دستورية وسياسية واضحة وتشتغلان وفق توازن وتكامل السلط. وتطرق الفاسي إلى أولويات بناء مستقبل واعد للمملكة، موضحا أنه،بالإضافة إلى الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها الوطنية ومواصلة تعزيز الاختيار الديمقراطي وتثبيت دولة الحق والقانون، عملت الحكومة على إرساء الميثاق الاجتماعي الجديد لضمان الارتقاء الاجتماعي للمواطنين وتحسين ظروف عيشهم ودعم وتيرة النمو والتشغيل من خلال تقوية الطلب الداخلي وتكثيف الاستثمار العمومي والخاص وإنعاش الصادرات. كما قامت الحكومة بتسريع الإصلاحات الهيكلية وتفعيل السياسات القطاعية الجديدة بهدف الرفع من جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين الحكامة والحفاظ على البيئة والحرص على تقوية السياسات الجهوية بهدف تحسين التوازن المجالي والنهوض بالعالم القروي.++ وأكد الوزير الأول أن الحكومة تعمل على استكمال بناء الصرح الديمقراطي والمؤسساتي وتقوية اللامركزية وترسيخ الديمقراطية المحلية. وبخصوص الجهوية الموسعة، قال عباس الفاسي إن المملكة مقبلة على أوراش هيكلية كبرى ستعيد صياغة علاقة الدولة بباقي الوحدات الترابية على أساس التكاملية في الوظائف وتدبير القرب وفي طليعتها ورش الجهوية الموسعة، مبرزا أن الحكومة ستعمل خلال الأمد المنظور ومن خلال إصلاحات مواكبة، على تعزيز الاختيار الديمقراطي بالمملكة بالعمل على تقوية اللامركزية. وفي ما يتعلق بقضية الصحراء،قال الوزير الأول إن هناك أفقا واعدا لمشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، واقتناعا راسخا لدى أعضاء مجلس الأمن بجدية المقترح المغربي كحل سياسي نهائي وواقعي لهذا النزاع المفتعل. وأضاف أن قضية الوحدة الترابية عرفت في السنين الأخيرة تطورات مهمة تتجه كلها نحو تعزيز موقع المغرب في المحافل الدولية والإقليمية بفضل التجاوب الإيجابي الواسع مع مبادرة جلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تمتيع الأقاليم الجنوبية بالحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها الوطنية. كما تطرق إلى الوضع المأساوي لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف، والمكاسب الهامة التي حققها في مجال احترام حقوق الإنسان، مؤكدا أن تماسك وصلابة الجبهة الداخلية التي تواصل التعبئة وراء جلالة الملك والمصداقية الواسعة التي حظيت بها المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية والمجهودات الدبلوماسية، أحبطت مخططات خصوم الوحدة الترابية للمملكة. ودعا الوزير الأول إسبانيا إلى الحوار من أجل إنهاء احتلال سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما وفق منظور مستقبلي يأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة للبلدين والحقائق الاستراتيجية والجيو-سياسية الجديدة. وبعد أن أكد على الانخراط الكلي وراء جلالة الملك محمد السادس لنصرة القضية الفلسطينية، استعرض السيد عباس الفاسي الجهود الدبلوماسية لتقوية العلاقات مع الدول العربية والإسلامية وتفعيل اتحاد المغرب العربي وتعزيز حضور المملكة في إفريقيا، مبرزا تطلع الحكومة إلى الارتقاء بالوضع المتقدم للمغرب مع أوروبا إلى الشراكة المتميزة. وفي ما يتعلق بالجانب الاجتماعي، قال السيد الفاسي إن الحكومة واصلت تشبثها بالاختيار الاجتماعي، بالرغم من الظرفية العالمية الصعبة وتداعيات الأزمة الاقتصادية، مضيفا أنها جعلت من التشغيل هدفا أفقيا لمختلف السياسات القطاعية والاستراتيجيات التنموية. وأبرز جهود الحكومة في مجالات التعليم والصحة والسكن باعتبارها رافعات أساسية لتثمين الإمكان البشري. وأضاف أن الحكومة بلورت منظورا شموليا للقدرة الشرائية يتمحور حول تحسين دخل المواطنين ودعم استهلاك المواد الأساسية وتعزيز الحماية الاجتماعية وذلك بهدف إنصاف الفئات المعوزة، وتقوية وتوسيع الطبقة الوسطى، مشيرا إلى أنه تم تخصيص غلاف مالي للحوار الاجتماعي في السنتين الماضيتين ناهز 19 مليار درهم. أما بخصوص الشق الاقتصادي، فقد أكد السيد عباس الفاسي أن المغرب تمكن بفضل مواصلة دينامية الإصلاحات الهيكلية من مواجهة تداعيات الأزمة العالمية باعتماده منهجية تتجاوز المعالجة الظرفية الاستعجالية إلى الاستباقية والتدبير الاستراتيجي الهيكلي. وأضاف أن الحكومة عملت على تنويع مصادر النمو من خلال جيل جديد من الاستراتيجيات المندمجة تهم بالأساس مخطط المغرب الأخضر ومخطط آليوتيس للصيد البحري والاستراتيجية الطاقية وتفعيل الاستراتيجية الجديدة في مجالي السياحة والصناعة التقليدية فضلا عن تنمية الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. وخلص الوزير الأول إلى أن الحكومة عازمة على مضاعفة جهودها من أجل الوفاء بالتزاماتها والاضطلاع بمسؤولياتها السياسية ومتابعة إنجاز الإصلاحات بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة منها ومواصلة بناء مغرب يستوعب مختلف مشاريع النجاح ويوفر فرص الارتقاء والحياة الكريمة للجميع.