في إطار النقاش الدائر خلال الآونة الأخيرة حول موضوع نظام المواريث في التشريع المغربي، توصلت الجريدة بنسخة من بيان للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، ترد فيه على تصريحات كان قد أدلى بها رئيس المجلس العلمي لوجدة حول نفس الموضوع. وهو البيان الذي ننشر نصه فيما يلي. أصدرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بلاغا ترد فيه على ما أعلن عنه رئيس المجلس العلمي لوجدة الدكتور بنحمزة من مواقف حول مسألة الإرث. وأكدت الجمعية أن موقف السيد بنحمزة كما أوردته إحدى الصحف الوطنية بصدد الآثار المحتملة للمساواة في الإرث بين الأولاد والبنات عددا من التساؤلات سواء على مستوى الشكل أو المضمون: ففيما يخص الشكل: لقد ابتعد السيد بنحمزة عن حقله الخاص ليقحم نفسه في حقل الممارسات الاجتماعية التي تتطلب أدوات خاصة للتحليل، وذلك عندما يستبق آثار إصلاح منظومة المواريث على الأسرة والمجتمع المغربي بدون أي سند علمي أو معطيات سوسيولوجية. أما فيما يخص المضمون، فقد قدم السيد بنحمزة أحكاما وحججا لدعم رفضه لكل إصلاح لمنظومة المواريث ، نعرضها على الشكل التالي: - يدل نعت كل من فكر في وضع بناته وأبنائه على قدم المساواة «بالأحمق» فيما يخص الإرث على غض الطرف عن عدد من أشكال التحايلات على القانون الممارسة لصالح أو ضد النساء سواء كن زوجات أو بنات؛ - يؤكد السيد بنحمزة أن النساء لا يحظين بحقوقهن التي شرعت لهن في الإرث أو في الأراضي الجماعية، فهل قام السيد ينحمزة من موقعه كعالم بأدنى مجهود من أجل رد الحق لصاحباته في الأرضي السلالية والتنديد بالممارسات التي تحرم النساء من حقهن في الإرث؟ - إن رؤية السيد العالم للواقع المغربي غريبة؛ ففي الوقت الذي يتطلع فيه المغرب إلى النهوض بأوضاع مواطنيه ومواطناته على كل المستويات من خلال إصلاح القوانين التمييزية ووضع الآليات الحمائية، وفي الوقت الذي تبرهن فيه المرأة المغربية على قدراتها في كل المجالات، وعلى المسؤولية المشتركة كما تنص على ذلك مدونة الأسرة التي كان السيد بنحمزة أحد أعضاء اللجنة المكلفة بإصلاحها، يطل علينا بآراء ومواقف، الأغرب فيها أنها تقدم المرأة كناقصة عقل وكفاءة وحقوق، مع العلم أن البنيات السوسيو اقتصادية للمجتمع قد تغيرت وأن أسرة من بين كل خمس أسر تتكفل بها امرأة، وأن النساء أصبحن كزوجات وبنات وأخوات مكونا أساسيا لثروة الأسرة، بدون أن تُضمن حقوقهن في حالة وفاة الزوج أو الأب. فهل بعد كل ذلك يحق للسيد بنحمزة أن يقر بأن الرجل لازال قادرا على تحمل المسؤولية المادية والمالية لقريباته من النساء في حالة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية؟ وهل من العدالة والإنصاف في نظر السيد بنحمزة أن تجد البنات أنفسهن محرومات من ثروة آبائهن لأنهن ليس لهن إخوة، مع العلم أن الكثير من الآباء يلجأون للتحايل على التعصيب من أجل ضمان حق بناتهم في ثروتهم؟. إن العدالة الاجتماعية تتطلب اعتبار واقع الحال والتغيير الحاصل في وضعيات النساء داخل الأسرة والعائلة والمجتمع والأخذ بالاعتبار تنوع الوضعيات؛ وضعيات الأرامل اللواتي يجدن أنفسهن بين عشية وضحاها مطرودات من بيوتهن في الوقت الذي يكن قد قضين حياتهن في بناء ثروة العائلة، أو في حالة إعاقة لا معيل لهن، أو وضعيات بنات قضين عمرهن في خدمة الأبوين... إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ندين هذه المواقف وما يدعمها من حجج بعيدة عن واقع الأسر المغربية. لقد حان الوقت لتفعيل الاجتهاد بخصوص نصوص قانونية غير عادلة، كما حدث مع غيرها، للنهوض بأوضاع النساء، خاصة أولئك اللواتي يعانين من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، مع الإشارة إلى أن المغرب عرف عبر تاريخه اجتهادات في مجال المحافظة على حقوق النساء المالية والعينية (الكد والسعاية). إن طرح الموضوع للنقاش يستجيب لحاجة مجتمعية لحل وضعيات واقعية وليست ترفا فكريا، والمنتظر من علمائنا الأجلاء أن ينصتوا للواقع المغربي في معاناته وأن يقدموا الاقتراحات والحلول الملائمة لكل الوضعيات في افق إقرار العدل والانصاف والمساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.