بعض الجمعيات النسائية لم يرقها أن تعبر وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن في برنامج تيارات الذي استضافها مباشرة بعد انعقاد لجنة المرأة في الدورة الرابعة والخمسين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، عن موقف الدولة الرسمي من قضية رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فانتقدت في رسالة مفتوحة موقف الوزيرة، مذكرة إياها بما أسمته ست محطات أساسية عملت فيها الفعاليات النسائية من أجل الدعوة إلى رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بدءا من نداء الرباط الذي صدر عن الندوة الإقليمية المساواة دون تحفظ التي نظمت بالرباط الصيف الماضي ووقعته أزيد من 40 جمعية نسائية كانت الوزيرة نزهة الصقلي إحدى ضيفاتها بحسب الرسالة التي وجهتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وانتهاء بدعوة الحكومة المغربية إلى رفع كل التحفظات عن الاتفاقية من خلال الرسائل المفتوحة التي تم توجيهها إلى الوزير الأول السابق والحالي وإلى البرلمانيين. الخلاصة أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تؤاخذ على الوزيرة نزهة الصقلي انسجام موقفها مع الموقف الرسمي للدولة المغربية، وتؤاخذ عليها أكثر تنكرها للنضال على هذه الواجهة، وتريد منها أن تنحاز إلى مطلب الأقليات النسائية في المطالبة برفع كل التحفظات من غير مراعاة لمقتضيات المرجعية الإسلامية والمرجعية الدستورية للمغرب. موقف الوزيرة نزهة الصقلي، سواء الذي عبرت عنه في برنامج تيارات أو الذي عبرت عنه في تصريحها للأحداث المغربية يبقى في مجمله منسجما مع موقف الدولة المغربية التي رفعت بنص الخطاب الملكي التحفظات التي أصبحت متجاوزة بفعل القوانين الجديدة التي تم إقرارها والمصادقة عليها في مجلس النواب (مدونة الأسرة وتعديل قانون الجنسية.) لاسيما تأكيدها في برنامج تيارات أنه لا يمكن أن يقبل المغرب رفع التحفظات بالشكل الذي يمس بالدين الإسلامي والمرجعية الإسلامية. المفيد أن الوزيرة مباشرة بعد الحراك الذي قام حول التقرير الوطني الذي رفع إلى الأممالمتحدة بشأن إنجازات المغرب لتطبيق توصيات إعلان بيكين، خرجت من معطفها الجمعوي، وعبرت عن موقف الدولة المغربية كما يفترض في كل وزير، وبدأت تصف الأمور وتعبر عن الحقائق الموجودة في الأرض كما هي، وتتحدث عن رفض المغاربة لمطالب هذه الجمعيات التي لا تشكل في الحقيقة إلا أقلية داخل النسيج المجتمعي المغربي، وتدرج نقدها وحراكها فقط ضمن الحق في التعبير عن الآراء والمواقف وليس ضمن ما ينبغي على المغرب تنفيذه بناء على وهم سمو المواثيق الدولية على ما عداها من المرجعيات الوطنية. لكن مع هذا التحول في الموقف، والذي ينسجم تماما مع موقف الدولة المغربية والشعب المغربي، وينسجم مع المرجعية الإسلامية دون تعارض مع مقتضيات المواثيق الدولية ما دامت تسمح بالحق في التحفظ والتفسير والبيان، فإن التساؤل يبقى قائما حول بعض ملامح التردد الباقية في موقف السيدة الوزيرة من قبيل ما جاء في أحد تصريحاتها الصحفية من أن تصريحاتها في برنامج تيارات حملت ما لا يحتمل، ومن قبيل أن تصريحاتها ينبغي أن تبقى لصيقة بالظرفية التي قيلت فيها، فمثل هذه التعابير تثير أسئلة عن حقيقة موقف السيدة الوزيرة بين المبدئية والتكتيك، وبين التعبير عن موقف الدولة المغربية وموقف الشعب المغربي، وبين التعبير عن مواقف جمعيات نسائية لا تشكل في مجموعها سوى أقلية الأقلية. وعلى العموم، فالرسالة الموجهة إلى السيدة الوزيرة من قبل الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، ومضمون الرد الذي حمله تصريح الوزيرة للصحافة الوطنية، بالإضافة إلى أن ما سبق أن صرحت به في برنامج تيارات يدفع بالاعتقاد بأن رد السيدة الوزيرة لا يقصد أكثر من إبقاء شعرة معاوية مع هذه الجمعيات على مستوى النضال على واجهة رفع كل التحفظات حتى لا تحول نضالها- أقصد نضال الجمعيات - إلى نضال ضد أداء الوزيرة. أما قضية رفع التحفظات، فالراجح أن هذا الملف قد طوي تماما بعد النسخة الأخيرة من التقرير الوطني التي رفعت كل الغموض الذي رافق تأويل الموقف المغربي الرسمي بعد نص الخطاب الملكي الذي تناول موضوع رفع التحفظات، لاسيما وأن بعض الجمعيات النسائية لم تلتقط الإشارة في حينها من موقف المجلس العلمي الأعلى.