ناقش المشاركون في مائدة مستديرة نظمت مؤخرا بالرباط، القيود القانونية التي تحد من حرية التعبير وحرية الإعلام بالمغرب، وقدموا مقترحات للإصلاحات القانونية الكفيلة بضمان الحق في المحاكمة العادلة في قضايا النشر والصحافة. وأكد المشاركون في هذا اللقاء الجهوي الأول، الذي تنظمه «جمعية عدالة» في إطار شراكة مع الاتحاد الأوروبي، و»مؤسسة فريدريك إيبرت» حول «حرية التعبير وحرية الإعلام»، أن نجاعة أي إصلاح لقانون الصحافة رهينة أساسا بإصلاح الإطار السياسي العام لإقرار ديمقراطية حقيقية تضمن حرية التعبير وحرية الصحافة، قانونا وممارسة. وتطرق الأستاذ بكلية الحقوق السويسي بالرباط عمر بندورو للإطار القانوني لحرية الصحافة، معتبرا أن حرية ممارسة الصحافة لازالت تعيقها قيود تتعلق بشروط نشر الدوريات، والحق في المعلومة، وحرية التعبير. وأوضح في هذا السياق أن التصريح بإصدار المنشور، الذي يعتبر شكليا في دول أخرى ديمقراطية، حولته ممارسة السلطات إلى «مسطرة للإذن» بذلك، وأنه لم يصدر بعد أي قانون تنظيمي يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات كما نص على ذلك الدستور الجديد، مقترحا إقرار قانون «يلزم الإدارة بالشفافية وعرض المعلومات». واستعرض بندورو نماذج وأحكاما صادرة في عدة دول تدعم حرية التعبير، متوقفا عندما اعتبره الجوانب التي تحمي السلطة السياسية والشخصيات العمومية في المغرب من أي نقد، رغم أن الدستور الجديد ينص على أن حرية الصحافة مضمونة ولا يمكن تقييدها برقابة قبلية. من جهته، اعتبر الأستاذ بكلية الحقوق أكدال بالرباط محمد الساسي أن إصلاح وضعية الصحافة عملية مركبة يتداخل فيها ما هو تنظيمي وقانوني وسياسي، وكذا دور المجتمع والدولة ويتطلب في الآن ذاته إصلاح الإطار العام والخاص. وحسب الساسي، فان الإطار العام يتمثل في توفر إرادة سياسية لدى مسؤولي الشأن العام تقر أن الحرية ضرورية للديمقراطية وقبول المجتمع بدوره لهذه الحرية بتقبل قيم التعددية، إلى جانب تحصين الأحكام الدستورية وضمان استقلال القضاء، وتعزيز جانب حقوق الإنسان في تكوين القضاة، وتقوية التضامن داخل الجسم الصحفي. وعلى مستوى الإطار الخاص، اقترح الساسي بالخصوص إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا الصحافة، وكذا التعابير الفضفاضة في تحديد جرائم الصحافة أو منع الصحف، وتسهيل شروط النشر وإصدار الصحف، وتدقيق مفهوم القذف، مؤكدا أن حماية المتضرر من القذف لا يجب أن تؤدي بالمقابل إلى فرض غرامات تهدد استمرارية المؤسسة الصحفية. وتخللت اللقاء، الذي يرتقب أن تليه موائد مستديرة مماثلة بكل من مراكش وطنجة وفاس، شهادات عدد من الصحفيين حول المضايقات التي تعرضوا لها في ممارستهم لمهنة المتاعب، إلى جانب تشخيص المشاكل التي تعيق الحصول على وصل إيداع التصريح المتعلق بإصدار منشور ما.